قبل عام تقريباً جاء الأمر الملكي بإنشاء الهيئة الملكية لمحافظة العلا حرصاً من القيادة على تطويرها بما يتناسب مع قيمتها التاريخية والحضارية، وكذلك المقومات الطبيعية الاستثنائية التي تزخر بها المحافظة. هذه الأهمية تبرز وتظهر من خلال الفريق الذي شكل للعمل على هذا الملف المهم من ملفات رؤية المملكة ٢٠٣٠، كون ولي العهد رئيسًا لمجلس إدارة الهيئة، ليس هذا فحسب فمحافظ الهيئة والرئيس التنفيذي لها وبقية أعضاء مجلس الإدارة يعتبرون من القيادات الإدارية الوطنية والتي يشار لها بالبنان في المملكة.
في الحقيقة، عام الهيئة الأول لم يكن هادئاً، فمرحلة التأسيس في التنظيم الإداري كما أعرفها ويعرفها الغالبية ليست بالأمر السهل. لذلك فقد عملت الهيئة مع بعض بيوت الخبرة العالمية وأفضل الممارسين على المستوى الدولي في المجال، من أجل دقة وسرعة الوصول إلى أهداف الهيئة على المستويين الاستراتيجي والتكتيكي، ليس هذا فحسب فالهيئة تؤمن بدور المواطن والمجتمع المحلي في فهم احتياجات وتطلعات المحافظة.
في الواقع، هيئة العلا الملكية فور إنشائها قامت بإطلاق مبادرة الابتعاث الخارجي لعدد من الجامعات العريقة في العالم وفي تخصصات مدروسة ومتناسبة مع ما تمر به العلا في الفترة الحالية وما سوف تواجهه في المستقبل القريب.
برنامج الابتعاث مشروع استراتيجي بني على احتياجات محددة، حيث ركز على التخصصات التي تُعنى بالسياحة والتراث وكذلك الجانب الزراعي، في رسالة مفادها بناء المقومات البشرية يعد حجر الزاوية في التنمية المستدامة لمحافظة العلا.
ليس هذا فحسب فالهيئة وفي ثاني أيام عيد الأضحى وتحديداً يوم الأربعاء الماضي، شاركت الناس فرحتهم وبالتحديد أهل العلا، وذلك بإعلانها إطلاق خمس مبادرات تنموية لدعم مقومات المحافظة التراثية، والزراعية، الثقافية، الحضارية والطبيعية.
أولى المبادرات والذي أطلقت عليه الهيئة اسم "برنامج حماية" والذي يؤمن بدور مواطن العلا والشراكة مع المجتمع المحلي في الحفاظ على الإرث التاريخي للمحافظة، حيث تهدف المبادرة إلى حماية التراث الطبيعي والإنساني والثقافي وتوفر ٢٥٠٠ عمل جزئي.
المبادرة الثانية ركزت على الاستثمار في العنصر البشري كركيزة أساسية في منظومة تطوير العلا، وقد جاءت استكمالاً للمرحلة الأولى من برنامج الابتعاث الخارجي الذي يستهدف ٣٠٠ فرصة ابتعاث. واستكمالاً لمنظومة التطوير جاءت المبادرة الثالثة لتركز على البنية التحتية وخاصة فيما يتعلق بالجانب التقني والاتصال. المبادرة الرابعة ركزت على المجتمع المحلي للمحافظة، كشريك أساسي للتنمية في العلا. في الحقيقة مبادرات الهيئة جاءت لكي يستفيد منها كل شرائح المجتمع، وفي مقدمتهم ذوو الاحتياجات الخاصة، ولذلك كانت المبادرة الخامسة عبارة عن إنشاء مركز التأهيل الشامل ودعم ذوي الهمم.
مجمل القول هيئة العلا الملكية قد تواجه الكثير من التحديات للوفاء بتطلعات القيادة والشعب، ولكن مع دعم القيادة وتوفير كل مقومات النجاح ومن خلال المؤشرات الأولية أستطيع الإجابة على الاستفسار الذي يحمله عنوان المقال، فالعلا هي التاريخ وهي المستقبل السياحي والحضاري في المملكة.