لقد غطى التطور التقني مختلف مناحي الحياة، وتسارعت وتيرة التحول الإلكتروني في السعودية؛ ليغطي مختلف المعاملات بالقطاعَيْن العام والخاص بنسبة كبيرة؛ لذلك فقد جاءت متطلبات الفوترة الإلكترونية التي صدرت لائحتها في هذا الخصوص من قِبل هيئة الزكاة والضريبة والجمارك منذ ديسمبر من العام الميلادي السابق؛ لتواكب هذه التطورات والتقنيات.
وقد عرّفت الهيئة في لائحتها الفاتورة الإلكترونية بأنها: "فاتـورة يتـم إصدارهـا وحفظهـا بصيغـة إلكترونيـة منظمـة عبـر نظـام إلكترونـي، وتحتـوي علـى متطلبـات الفاتورة الضريبية. ولا تعتبر الفاتورة المكتوبة بخط اليد أو المصــورة بماســح ضوئــي فاتــورة إلكترونيــة". وهو تعريف شامل وواضح المعالم. وبهذا التعريف فإنها فاتورة ضريبية تصدر إلكترونيًّا من جهة كل مكلف خاضع لضريبة القيمة المضافة في مختلف أنحاء السعودية (باســتثناء المكلفيــن غيــر المقيميـن بالسعودية).
لكن ربما لا يعرف بعض المكلفين أن اللائحة التي وافق عليها مجلس إدارة الهيئة دخلت حيز التنفيذ منذ تاريخ نشرها في الرابع من ديسمبر 2020م، بينما تاريخ الإلزام بالمرحلة الأولى -وهي مرحلة إصدار وحفظ الفواتير الإلكترونية- سوف يكون خلال العام الحالي، وتحديدًا في الرابع من ديسمبر 2021م. ومعنى ذلك أن هناك نحو أقل من خمسة أشهر تفصلنا عن التطبيق الإلزامي من قِبل المكلفين، فهل استعدوا لهذه الخطوة المفصلية.
وقبل الحديث عن مزايا وإيجابيات الفوترة الإلكترونية العديدة للمنشآت كافة، وبالذات المنشآت الصغيرة والمتوسطة، لا بد من الإشارة إلى أن الفوترة الإلكترونية يتم تطبيقها على جميع الأفراد الذين يخضعون لضريبة القيمة المضافة، وكذلك أي أطراف أخرى تصدر فواتير ضريبية نيابة عن الموردين الخاضعين لضريبة القيمة المضافة. ويستثنى من ذلك الأشخاص غير المقيمين والخاضعين للضريبة.
وتسهيلاً لذلك فسوف تعمل الهيئة على تطبيق الفوترة الإلكترونية بالتدرج، وعلى مراحل؛ ففي المرحلة الأولى -وهي مرحلة الإصدار- ستدخل حيز التنفيذ الإلزامي بتاريخ الرابع ديسمبر 2021م، أما المرحلة الثانية -وهي مرحلة التكامل والربط- فستُنفَّذ بالتدرج، وذلك ابتداء من الأول من شهر يناير 2023م.
وقد التزمت الهيئة بتحديد مراحل ربط أنظمة الفوترة الإلكترونية، وإشعار الجهات المستهدفة، وذلك في كل مرحلة قبل التاريخ المحدد للربط بستة أشهر، وهي فترة كافية لترتيب الأوضاع من قِبل المكلفين.
ومن حق المكلفين في مختلف المنشآت أن يتساءلوا عن الجوانب والترتيبات والمتطلبات الفنية، مثل (تركيب أو تحديث نظام الفوترة؛ وبالتالي التوقف عن إصدار الفواتير المكتوبة بخط اليد) استعدادًا لتطبيق الفوترة الإلكترونية، خاصة أن الكثير من المنشآت، بصورة خاصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ليس لديها القدرة والمتطلبات الفنية لإصدارة الفاتورة الإلكترونية، فما الحل؟
لقد طمأنت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك الجهات المعنية بهذا الخصوص، بأنه في الغالب سيتم تنفيذ المتطلبات الفنية الخصاصة بالمنشآت من جانب مزودي الأنظمة الإلكترونية، مثل موردي أجهزة الكاشير، والبرامج؛ وذلك بهدف توفير حل متوافق مع المتطلبات الفنية المتعلقة بالفاتورة الإلكترونية، والتأكد من الجاهزية التامة المتوافقة مع النظام التقني الجديد.
ومن أبرز مزايا وإيجابيات الفوترة الإلكترونية أنها تتصف بالشفافية والوضوح، والموثوقية، بجانب الإسهام في القضاء على التستر التجاري، أو بما يسمى بالاقتصاد الخفي، الذي طالما أضر باقتصاد السعودية.
لقد سارعت بعض المنشآت في القطاعين العام والخاص باستيفاء المتطلبات الفنية اللازمة لإصدار الفاتورة الإلكترونية، خاصة تلك المنشآت ذات القدرات الفنية. وهذه خطوة من شأنها أن تشجع بقية المنشآت على الإسراع بتوفيق أوضاعها، بما يتوافق مع التقنية الإلكترونية الحديثة، التي تصب في إطار التحول الإلكتروني للمملكة.