أكد رئيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا"، الدكتور عبدالله بن شرف الغامدي أن البيانات الضخمة هي إحدى أركان نجاح الحلول المعتمدة على التقنيات الذكية لمكافحة الفساد والاحتيال المالي، مبينًا أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أدركت هذه المخاطر مبكرًا ووظفت الحلول المعتمدة على التقنيات الذكية لمكافحتها.
جاء ذلك في كلمة رئيسية ألقاها معاليه بعنوان "دور البيانات والذكاء الاصطناعي في مكافحة الفساد"، خلال أعمال الملتقى العربي لهيئات مكافحة الفساد ووحدات التحريات المالية بالرياض الذي يقام تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.
وقال الدكتور الغامدي: تعد جرائم الفساد والاحتيال المالي بشتى أشكالها وصورها تحديًا مشتركًا ومستمرًا للمنظمات والدول، فبسببها تُستنزف الطاقات، وتُهدر الثروات، ويتعطل الإنتاج، وتتعثر مسيرة التنمية الشاملة، مبينًا أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين أدركت هذه المخاطر مبكرًا ووظفت الحلول المعتمدة على التقنيات الذكية لمكافحتها.
وتطرق إلى استخدام التقنيات الحديثة والتقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن التحديات التي تواجه استخدام هذه التقنيات تعتمد على: البيانات، والقدرات البشرية، والأنظمة والبُنى التحتية، وقال: فيما يتعلق بالبيانات فإن تحدياتها تتعلق بحوكمتها من خلال الأنظمة والسياسات والقواعد التي تضبط دورة حياة البيانات منذ ولادتها مرورًا باستخدامها وانتهاءً بإتلافها، وهذه السياسات والأنظمة تضبط وتحدد تصنيف البيانات وتنظيم جمع ومعالجة البيانات الشخصية، وكيفية ممارسة حق الاطلاع أو الحصول على المعلومة العامة لدى الجهات الحكومية، وبعد ذلك تأتي مرحلة إدارة البيانات الوطنية من خلال وضع ضوابط فنية تحدد آليات جمع وتصنيف وتنظيم مشاركتها، وتؤكد على حمايتها ثم استضافة وتخزين هذه البيانات وتكاملها مع مجموعات عديدة من البيانات في مستودع مركزي للبيانات ثم إتاحة مشاركة هذه البيانات مع الجهات المختصة وحمايتها وتنتهي الرحلة بإتلاف هذه البيانات إذا انتفت الحاجة إليها.
وشدد على أنه ينبغي للتعامل مع البيانات الضخمة تأهيل الكوادر الوطنية المختصة وفق التشريعات والقوانين، وعليه فإن "سدايا" اتبعت منهجية لبناء القدرات تعتمد على ٣ مراحل (الإلهام فالبناء ثم الاستدامة)، وخلال مرحلة الإلهام يتم إبراز أهمية البيانات والذكاء الاصطناعي من خلال الفعاليات المحلية والدولية بحيث يكون هناك زخم لدى الجيل الصاعد بأهمية بناء قدراته، وأيضاً اهتمام وزخم للجهات المقدمة للبرامج التعليمية والتدريبية لإعطاء الأولوية لهذا المجال، يليها مرحلة البناء التي من خلالها يتم التدريب وتقديم البرامج التعليمية، ثم الاستدامة.
وأوضح أن سدايا اهتمت بخلق الزخم وصناعة الاهتمام والإلهام ورفع الوعي لدى أفراد المجتمع بمهارات الذكاء الاصطناعي من خلال تنظيم المسابقات والتحديات والقمم والمعارض المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، منها فعالية (داتاثون البيانات المفتوحة) وهي عبارة عن تحدي لرواد الأعمال والشركات الناشئة بهدف تطوير مهاراتهم في مجالات علوم البيانات وتعزيز الابتكار من خلال التشجيع على إيجاد حلول لتحديات واقعية باستخدام البيانات المفتوحة التي أتاحتها الجهات الحكومية.
وأضاف في ذلك السياق إقامة سدايا (هاكاثون تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي من خلال دمج البيانات في المجال الطبي) بالتعاون مع جامعة ستانفورد بمشاركة أكثر من 40 طبيبًا وخبيرًا صحيًا وعالم بيانات؛ للتعامل مع البيانات الضخمة وإيجاد الحلول المختلفة، كما تم تنظيم القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختين خلال عامي 2020 و2022 تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي - حفظه الله – وتستعد سدايا لتنظيم النسخة الثالثة في سبتمبر 2024م، مبينًا أنه في النسخة الثانية من القمة حضر قادة ومسؤولون من أكثر من 100 دولة، وشارك فيها أكثر من 200 متحدث، وحضر أكثر من 20 ألف زائر، و50 ألف زائر افتراضي، ونتج عنها أكثر من 50 اتفاقية ومبادرة، ومثل هذه الفعاليات تخلق الزخم والاهتمام للتأسيس لمرحلة جديدة للتعامل مع البيانات والذكاء الاصطناعي..
وبين أنه على مستوى البناء حرصت "سدايا" على بناء قدرات المواهب الوطنية في البيانات والذكاء الاصطناعي لسد فجوة سوق العمل من الخبراء والمختصين من خلال برامج ومعسكرات تستهدف الطلاب والخريجين، والمرأة، وأخرى تستهدف القادة الحكوميين، وغيرهم من فئات المجتمع، مشيراً إلى أنه فيما يتعلق بالطلاب استهدفت "سدايا" التعليم العام من خلال تدريب 700 معلم وأكثر من 20 ألف طالب من خلال مبادرة برنامج مبرمجي ذكاء المستقبل.
ولفت إلى أن سدايا أقامت سلسلة من المعسكرات التخصصية التي تهدف لبناء قدرات وطنية واعدة في مجال الرياضيات الإحصائية، والبرمجة، وتحليل وتمثيل البيانات، وتعلم الآلة، والتعلم العميق، وأهّلت هذه المعسكرات أكثر من 1000عالم بيانات خلال الـ 3 سنوات الماضية.
وذكر أنه على مستوى المرأة جرى تدريب ألف امرأة حول العالم في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال مبادرة "إيلفيت" بالشراكة مع شركة جوجل كلاود، وفيما يتعلق بالحوكمة السحابية جرى تدريب 200 قائد حكومي عليها، كما تم مؤخرًا إطلاق أكاديمية الذكاء الاصطناعي التوليدي بالتعاون مع شركة "إنفيديا" وتستهدف تأهيل 4000 خبير ومختص بحلول العام 2026م، مفيدًا أن برامج التمكين استفاد منها أكثر من 610 آلاف مستفيد ومستفيدة، من خلال 85 برنامجاً ومعسكراً للتدريب على علوم البيانات والذكاء الاصطناعي خلال 4 أعوام الماضية.
وعرّج الغامدي على تصدر المملكة للمؤشرات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي ومنها نيلها المركز الثاني عالميًا في درجة الوعي للذكاء الاصطناعي وفقًا لتقرير مؤشر جامعة ستنافورد لعام 2023، كما تم تأهيل 2500 مختص من الكوادر الوطنية للعمل في مكاتب البيانات الوطنية حيث قامت سدايا بتأسيس 200 مكتب بيانات وطني في جميع الجهات الحكومية لمساعدة كل جهة على تجويد بياناتها وتصنيفها ومن ثم إتاحتها لرواد الأعمال والشركات الناشئة.
وقال إن الذكاء الاصطناعي يطلق الطاقة الكامنة للبيانات الضخمة، ولفت الانتباه إلى أن ما يميز هذه الحلول القدرة غير المسبوقة على معالجة البيانات الضخمة، ومنها التنبؤ بناءً على تحليلات البيانات الضخمة والإبلاغ المتزامن عنها لاتخاذ الإجراءات اللازمة بشكل عاجل وفوري.
وأضاف أن الذكاء الاصطناعي وعلم البيانات يقدمان حلولاً تقنية متقدمة يمكن من خلالها إحداث نقلة نوعية وتحول شامل في جهود مكافحة الفساد والاحتيال المالي، وفي أتمتة إجراءات التعرف على الهوية وإثراء تجربة خدمة العميل، وتحقيق أعلى درجات الفعالية والكفاءة بالعمل.
وأكد رئيس "سدايا" على أهمية وضع إطار عام يراعي أخلاقيات الذكاء الاصطناعي التي تحافظ على خصوصية البيانات وعلى الشفافية والمساواة والعدالة، مبينًا أن المملكة أطلقت عام 2022م وثيقة وطنية لمبادئ وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي بناء على توصيات الأمم المتحدة وهذه الوثيقة لها أهميتها.