استذكر صاحب متحف رضوى بمحافظة ينبع التابعة لمنطقة المدينة المنورة، اللقاء التاريخي الذي جمع المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه- بالملك فاروق ملك مصر السابق، في سهل منبسط بين ينبع وبين جبل رضوى المعروف، الواقع شمال شرقي ينبع، على امتداد البحر الأحمر.
وقال سالم الحجوري صاحب متحف رضوى بينبع لـ " سبق ": جرى لقاء بين الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وملك مصر السابق، في سهل منبسط بين محافظة ينبع التابعة لمنطقة المدينة المنورة والواقعة على البحر الأحمر وبين جبل رضوى المعروف الواقع في شمال شرق المحافظة، حيث جرى اللقاء التاريخي الكبير بين الملكين، وقد ساعد المكان الذي اختير بعناية في نجاح اللقاء الذي استمر لثلاثة أيام تخللها سفر الملك فاروق لزيارة مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة المنورة، وتحول المكان إلى مدينة برية عصرية متكاملة.
وتابع كما يقول " كريم ثابت " المستشار الصحفي المرافق للملك فاروق في كتاباته الصحفية التوثيقية، حيث يذكر أنه شيدت ألفا خيمة في ذلك المكان وفرشت جميعها بما يليق من سجاد وأثاث وتجهيزات وقسمت لمعسكرين كبيرين أحدهما للضيف المصري الكبير والمرافقين له والآخر يخص الملك عبد العزيز ـ طيب الله ثراه ـ والأمراء والوزراء والعاملين في الدولة والحاشية ومستقبلي الملك فاروق يرحمه الله.
وأضاف " الحجوري ": تحول المكان إلى فندق ضخم بالصحراء مضاء بالكهرباء وزودت الخيام الملكية بالماء الساخن والبارد حتى أن المستشار الصحفي يذكر إعجاب الملك فاروق بالجناح الخاص به الذي يعكس حرص الملك عبد العزيز يرحمه الله على إكرام ضيفه، وتم تجهيز ثلاثمائة وستين سيارة لنقل الضيوف والجموع والمشاركين، وشهد المكان أيضاً استعراضات عسكرية لأكثر من ستة آلاف من الجنود من بينهم أربعة آلاف من المجاهدين أو ما يسمى الحرس الوطني فيما بعد، والباقي من جنود الأمن العام والجيش العربي السعودي، كما تم مشاركة ثلاث سيارات مخصصة للاسلكي.
وتابع: في حين كان أبناء ينبع حاضرة وبادية مشاركين في هذا اللقاء الذي أضاف تاريخاً جديداً للمحافظة لا يمكن أن ينسى، وفي صباح الأربعاء العاشر من صفر 1364 / 24 يناير 1945 كان اليخت الملكي ( فخر البحار ) يصل مع الطوافة ( فوزية ) إلى شرم ينبع في موقع مركز حرس الحدود الحالي ليصعد إليه الأمير عبد الله بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود مع عدد من الأمراء وهم فيصل ومحمد ومنصور ونواف، وعدد من الأمراء إلى جانب الشيخ حافظ وهبة الوزير السعودي المفوض في لندن والشيخ يوسف ياسين سكرتير جلالة الملك عبد العزيز وعبد الحميد منير القائم بأعمال المفوضية الملكية المصرية بالنيابة في جدة، حيث صعد الجميع على ظهر اليخت الملكي ورحبوا بضيف البلاد الكبير وهنؤوه على سلامة الوصول، ثم رافقوه مستقلين زورقهم إلى حيث المرسى البحري بالشرم، حيث كان الملك عبد العزيز وجموع من رجالات الدولة والمهنئين في انتظارهم، وهناك تعانق الزعيمان الكبيران - يرحمهما الله - عناقاً أخوياً بينما كانت المدفعية من اليخت الملكي فخر البحار ومدفعية الميناء تطلق طلقاتها الترحيبية، ثم استقل الجميع السيارة المخصصة متجهين إلى المعسكر الذي أعد لهذه المناسبة الغالية.
وأضاف: وقد كان الاجتماع مثمراً وبناء نوقشت فيه القضايا التي تهم البلدين وصدر خلال لقاء رضوى عدة بيانات البيان الأول يؤكد اللقاء الذي تم بين الزعيمين والثاني يذكر رحلة الملك فاروق للمدينة وعودته منها، والثالث يشير إلى وصول الملك فاروق إلى المخيم الخاص به، واللقاء الذي استمر حتى ساعة متأخرة من منتصف الليل بين الزعيمين.
وتابع "كما يذكر بيان رابع تبادل الأوسمة وتبادل العلمين السعودي والمصري باحتفال رسمي تم على أرض الخليج لثلة من الحرس الملكي السعودي وثلة من جيش البحرية المصرية كما تبودلت الهدايا التذكارية بين الزعيمين وفي هذا المكان امتزج ماء العسيلي وهو بئر في شمال ينبع بماء النيل المجلوب مع اليخت الملكي وكان أهالي ينبع حاضرين في هذه المناسبة العظيمة التي جرت يتقدمهم أمير ينبع الشيخ حمد العيسى وكانوا قد تشرفوا في اليوم السابق لوصول ضيف رضوى بالسلام على الملك عبد العزيز في مخيمه، حيث أكرمهم ورحب بهم وارتفعت فوق بيوت ينبع الأعلام السعودية وتزينت ينبع يومها بكافة أنواع الزينة، وقد جاءت الزيارة علامة فارقة في تاريخ العلاقات السعودية المصرية رغم أنها لم تحظ بتغطية إعلامية كافية ولم تخرج إلا قليلاً في وسائل الإعلام نظراً للظروف السياسية السائدة في ذلك الوقت وحرص الملكين على إنجاحها بعيداً عن أعين الإعلام لمصلحة بلديهما وشعبيهما، وهذا ما تحقق.
وأضاف "ذكر لي أحد المسؤولين في بلدية ينبع أن البلدية أنفقت للترتيبات وقتها 72078 قرشاً أميرياً في هذه الزيارة علاوة على ما تم دفعه من أموال من قبل وزارة المالية، ويبقى اليوم في المكان ذلك الفرن الذي بناه المعلم محمد أبو غندر والعامل حضيري كشاهد على الزيارة وتذكر جريدة الأهرام المصرية أن الملك فاروق تمنى أن يبقي في المكان أثراً للذكرى ليكون شاهداً على ما جرى في سفح رضوى حيث يتطلع أبناء ينبع إلى إقامة مركز حضاري للملك عبد العزيز في ذات المكان قبل أن تمتد إليه يد التغيير على الأرض.
ولعل ما جرى في رضوى يذكرنا بعمق العلاقات الأخوية المصرية السعودية وتجذرها والروابط العظيمة التي نسجها قائد البلاد الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله مع الملك فاروق رحمه الله واستمر عليها الملوك والرؤساء من بعدهم، هذا ويحتفظ متحف رضوى بينبع بالعديد من الوثائق الصحفية التي توثق الزيارة ونتطلع إلى عرضها في متحف خاص بالمناسبة متى ما سمحت الظروف بذلك.