أغوات الحرم أحرار فقدوا الذكورة لخدمة الحرمين.. هنا قصة البداية وهكذا كانت النهاية

فتوى ابن باز أوقفتهم بعد أن تعمد ذووهم خصيهم ليتم إيقاف استقدامهم للمملكة
الدكتورة سحر الدعدع
الدكتورة سحر الدعدع

محمد بن حطمان: عرّفت الدكتورة سحر الدعدع، الأستاذ المساعد بقسم التاريخ، قسم الدراسات الإسلامية في جامعة أم القرى مؤلفة كتاب "أغوات الحرمين الشريفين عبر العصور دراسة تاريخية حضارية"، اغوات الحرم بأنهم فئة خدموا الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة في أوقات مضت.

وكانت الدعدع قد بينت في برنامج الليوان مع عبدالله المديفر بأن الأغوات عادة يكونوا مخصيين كشرط أساسي ومسلمين وأحرار ليتمكنوا من خدمة الحرمين الشريفين واشترط بعضهم بأن يكونوا حفظة للقرآن الكريم ومتقنين لربع العبادات وقادرين على الخدمة والمرابطة في الحرم لمدة سبع سنوات.

لماذا هم مخصيون؟

وعن سبب خصي الأغوات قالت الدعدع إن ثلاث أربع روايات لسبب خصيهم، الرواية الأولى قام بعض الآباء في الحبشة بخصي أبنائهم لينذرهم لخدمة الحرمين الشريفين، والرواية الثانية بأنهم كانوا ضحية الغزو الإيطالي للحبشة، حيث قاموا بخصي الأطفال منعًا لتكاثرهم.

والرواية الثالثة نتيجة الحروب الأهلية بين قبائل الحبشة، حيث كان بعض القبائل تخصي أطفال القبائل المعادية منعًا لتكاثرهم، أما الرواية الرابعة في أنهم يولدون بعيب خلقي (مخنثين).

مكانتهم

وعن مكانتهم قالت الدعدع بأن لهم مكانة اجتماعية كبيرة وعالية عبر العصور الإسلامية لدرجة أنهم كانوا يجلسون في مجلس الوالي، وكان الزوار يقبلون أيديهم لشرف عملهم في الحرمين، وفي العهد السعودي أيضاً حظوا بمكانة كبيرة، حيث كانت ترتب لهم زيارات رسمية للسلام على الملك.

أول ظهور للأغوات

حددت الدعدع بداية خدمة الأغوات للحرمين بالمسجد النبوي في عهد السلطان نور الدين زنكي عام 557 هـ الموافق 1161م، وهو أول ظهور لهم بعد أن أرسل 12 خصيًا من الأغوات لحراسة الحجرة النبوية، بعد أن اكتشف أن هناك اثنين من نصارى الأندلس يقومون بحفر خندق من تحت الحجرة النبوية للوصول لجسد الرسول صلى الله عليه وسلم لسرقة جسده الطاهر، وصب الرصاص حول الحجرة النبوية حتى لا يتمكن أحد من الحفر والوصول إى قبر النبي صلى الله عليه وسلم. وأرجعت الدعدع هذا العمل بعد أن رأى نور الدين زنكي في منامه الرسول صلى الله عليه وسلم يستنجد به من شخصين ليذهب إلى المدينة ويتقصى الموضوع حتى وجد النصرانيين.

وبعد نور الدين زنكي جاء صلاح الدين الأيوبي ليرتب أعمالهم ويخصص لهم رواتب وتضاعف عددهم إلى 24 خصيًا. ليزداد عددهم مع الزمن ليصبح عددهم 120 أغًا عام 1176هـ في عهد الدولة العثمانية، وازداد عددهم بشكل كبير ليصل عام 1270هـ لدرجة أنهم أصبحوا يصلون التراويح بإمام منفصل.

وقبل نور الدين زنكي بينت الدعدع بأن المخصيين كانوا يتواجدون في القصور لخدمة نساء السلاطين قبل عهد نور الدين زنكي، ولكن لم يخدموا في الحرمين إلا في عهد نور الدين زنكي.

معنى لفظ الأغوات

أما عن لفظ (أغا) قالت الدعدع إنه لفظ أعجمي منتشر في عدة لغات بمعاني مختلفة، كالأخ والسيد وكبير الأسرة الخ، أما في الحرمين فالأغوات بمعنى خدم الحرمين، ويرادفها كملة ((طواشي)).

ملوك السعودية والأغوات

وعن تعامل ملوك المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها مع أغوات الحرم قالت الدعدع: بدأ الاهتمام بأغوات الحرم منذ عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله، حيث صدر مرسوم ملكي في عام 1346هـ ينص أن يبقى الأغوات على ما هم عليه، حتى طالب مجلس الشورى عام 1355هـ من الأغوات بتقديم نظام لعملهم ليقدموه للأمير فيصل بن عبدالعزيز لنائب الملك في الحجاز في ذلك الوقت متضمنًا 42 مادة ليعتمده الملك فيصل رحمه الله.

آخر أغا دخل السعودية

وبينت الدعدع بأن آخر أغا تم استقدامه للحرم كان قبل 45 سنة عام 1399هـ بعد أن رفع الشيخ عبدالعزيز بن باز مفتي السعودية رحمه الله للمقام السامي بأن ذوي الأغوات يتعمدون خصيهم، وهذا بدعة لا أصل له في الإسلام، ليتم إيقاف استقدام الأغوات لهذا السبب.

40 مهمة للأغوات

وبينت الدعدع أن مهام الأغوات في الحرمين كانت 40 مهمة، ومن أبرز مسؤولياتهم سابقًا هي فتح الحجرة النبوية والمنبر. كذلك التنظيم والتنظيف والفرز وغيرها، فيما اقتصرت مهامهم في العهد السعودي على استقبال الملك والوفد المرافق له، وكذلك استقبال الوفود الرسمية وخدمتها وتقديم ماء زمزم لهم والآن لم يبق لهم أي مهمة، نظرًا لكبرهم وعدم قدرتهم على العمل وقيام شركات الصيانة والنظافة بجميع المهام.

الجنسية

أما عن جنسياتهم فتقول الدعدع إن أصولهم مختلفة من الحبشة والسودان والروم وبخارى وأتراك، ولا تقتصر على لون أو عرق ولم يبق منهم الآن إلا الأحباش فقط. ويعاملون كسعوديين بعد أن تم منحهم الجنسية السعودية، فيما بقي منهم الآن في الحرمين 6 أغوات فقط.

اللباس والعادات

وعن لباسهم قالت الدعدع إن اللون الأبيض هو السائد إضافة للسديري والعمة ويميزهم الشال المربوط في أوساطهم، وهو يختلف من شخص لآخر حسب رتبته، ويكون الشال الاخضر حصرًا على شيخ الأغوات أو نقيب الأغوات أو أمين الأغوات، ويعتبر الإخلال أو الأهمال بالملبس خطأ يعاقب عليه شيخ الأغوات، ومن عاداتهم في اللباس عدم لبس الساعة أو الخاتم أو وضع الشماسه فوق رؤوسهم، ولا يرتادون الأماكن العامة كالمقاهي.

الأغوات والزواج

الأغوات يتزوجون لا لهدف المتعة وإنما لهدف الخدمة والعناية فقط ويحرصون على الزواج من الأرامل اللاتي لديهن أطفال.

أوقاف الأغوات

وعن أوقاف الأغوات أكدت الدعدع أن لهم أوقافًا كالعقارات والأسهم، من ضمنها امتلاكهم157 مليونًا في جبل عمر، وأكثر من 44 وقفًا في مكة، وعرضت الدعدع صكًا كبيًرا لأوقاف الأغوات في المسجد النبوي أوقفه للأغوات مرجان سليم أغا 62 وقفًا، وكان أكثر عقارات الأغويين في المنطقة المركزية.

وأكدت الدعدع بأن الأغوات تصرف لهم رواتب من ريع الأوقاف، حيث يصرف لشيخهم 40 ألف ريال والأغوي العادي 35 ألف ريال غير 8000 ﷼ شهريًا تصرف لهم رواتب من الدولة.

تركة الأغا

وعن تركة الأغا قالت الدعدع إن الأغا غير المتزوج كانت توزع تركته بين الأغوات، أما في العهد السعودي توزع حسب الشريعة الإسلامية وترسل لورثته.

دكة الأغوات

أوضحت الدعدع بأن للأغوات دكة، وهي مكان مرتفع عن الأرض بمقدار 50 سم كانوا يجلسون عليها أمام الحجرة النبوية ولا تزال موجودة.

سجن الأغوات

أكدت الدعدع بأن سجن الأغوات لا يزال موجودًا داخل الحرم، وهو خاص بالأغوات، كان يعاقب المقصر منهم فيه إما بالسجن إو يضربه شيخ الأغوات بالفلكة.

حارة الأغوات

تقول دعدع إن للأغوات حارة بالقرب من باب جبريل في الجهة الشرقية من الحرم النبوي. وكانت تضم 40 منزلًا للأغوات وازيلت عام 1405هـ لمشروع توسعة الملك فهد رحمه الله، وعن سكنهم الحالي تقول الدعدع نإهم يسكنون في فلل فخمة في أرقى الأحياء السكنية بمكة والمدينة المنورة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org