

أكد الكاتب الصحفي فراس طرابلسي أن قيمة القرارات الاقتصادية لا تُقاس بأثرها المباشر فقط، بل بالمنهج الذي صيغت به، مشيرًا إلى أن قرار مجلس الوزراء بإلغاء المقابل المالي على العمالة الوافدة في المنشآت الصناعية المرخّصة يُعد نموذجًا لدعمٍ يساند الصناعة دون الإخلال بتوازن السوق، من خلال إزالة العوائق لا فرض الامتيازات.
وفي مقاله المعنون «كيف تدعم الدولة الصناعة دون المساس بتوازن السوق؟» بصحيفة «عكاظ»، أوضح طرابلسي أن القرار يحقق دعمًا مباشرًا للقطاع الصناعي من دون تشويه تنافسي، إذ لم يمنح امتيازًا انتقائيًا، بل عالج تكلفة كانت تؤثر في القدرة التشغيلية والإنتاجية للمصانع بمختلف أحجامها. وأضاف أن هذا النوع من الدعم يمثل رسالة تنظيمية تؤكد أن النمو لا يُفرض، بل يُمكَّن.
وبيّن الكاتب أن أهمية القرار تكمن فيما يعكسه من فلسفة القيادة منذ إطلاق رؤية المملكة 2030، حيث رسّخ سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – نهجًا يقوم على الاقتراب من الواقع، وعدم الاكتفاء بالتقارير، وفهم التحديات من موقع الممارسة. وأشار إلى أن تكاليف الصناعة لم تُقرأ كأرقام مجردة، بل كجزء من سلسلة إنتاج تحتاج إلى حلول عملية.
ومن زاوية قانونية، لفت طرابلسي إلى أن الدولة اختارت أداة تحفيزية تنظيمية، فلم تغيّر قواعد المنافسة، ولم تتدخل في التسعير أو الأجور، بل اكتفت بإزالة عبء مالي سابق، بما يخدم هدفًا استراتيجيًا يتمثل في تعزيز تنافسية الصناعة الوطنية واستدامتها.
واقتصاديًا، أشار إلى أن خفض التكاليف ينعكس على السيولة والتوسع وتحسين الكفاءة، ويفتح المجال للاستثمار في التقنية والتدريب، وزيادة الإنتاجية، والنفاذ إلى الأسواق الخارجية، وهي مكاسب لا تُفرض بنصوص، بل تُبنى بقرارات تُحسّن بيئة العمل.
وأكد الكاتب أن الدعم الذكي لا يُقاس باستمراره، بل بقدرته على تمكين القطاع من الوقوف بذاته، محمّلًا القطاع الصناعي مسؤولية استثمار هذا القرار لتحقيق قيمة مضافة حقيقية.
واختتم طرابلسي مقاله بالتأكيد على أن القرار يُعد مثالًا عمليًا على تدخل دقيق يدعم الصناعة دون أن يزاحم السوق، ويعكس نضجًا اقتصاديًا وتشريعيًا، حيث يكون التدخل محفّزًا للنمو لا قيدًا عليه.