نمور وصقور ونقوش تاريخية.. محمية "جبل شدا الأعلى".. تجسيد فريد للطبيعة الخلابة

"حيوانات فطرية وجبال وطيور مبهرة" تحيطها "نباتات حولية ومعمرة وطبية وعطرية"
نمور وصقور ونقوش تاريخية.. محمية "جبل شدا الأعلى".. تجسيد فريد للطبيعة الخلابة

تضم محمية جبل شدا الأعلى في منطقة الباحة، ما يزيد على 500 نوعٍ من الأشجار، والحشائش، والنباتات الحولية، والمعمرة، من أهمها أشجار العرعر، والعتم، والأبراه، واللثب، والعدن، والصومل، والظهيان، والتمر الهندي، إضافة إلى مجموعة من النباتات الطبية والعطرية مثل: شجر الشث، والبرك، والريحان، والعثرب.

وتقع المحمية في الجزء الشمالي الغربي من محافظة المخواة على بعد 20 كم تقريباً، وتعد امتداداً لجبال السروات التي تصل في علوها إلى حوالي 2200م فوق سطح البحر في أعلى نقطة عند مصلى إبراهيم، وتنخفض إلى حوالي 500م فوق سطح البحر عند وادي مليل.

وتمثل محمية جبل شدا الأعلى ظاهرة طبيعية فريدة من نوعها ضمن إقليم تهامة، إذ يرتفع الجبل بشكل حاد جداً كمرتفع جرانيتي عملاق، يمثل استمراراً غير اعتيادي لسلسلة جبال السروات، وكبروز صخري شاهق من قلب سهل تهامة، حيث نتج عن هذه الظاهرة الجيولوجية التي يعود تكوينها لمئات الملايين من السنين حالة من التميز والتفرد التشكيلي الجمالي، مع تنوع أحيائي ليس له مثيل في بقية المناطق.

وتتميز المحمية بكونها الموطن الطبيعي والتاريخي لمجموعة من الأنواع الحيوانية الفطرية منها: النمر العربي، والوعل الجبلي، والذئب العربي، والوشق، والنمس، والثعالب بأنواعها، والضبع، والنيص، والوبر، وقرد البابون، والقنافذ، كما سجل في المحمية وجود عددٍ كبيرٍ من الطيور بأنواعها مثل: النسر الأسمر، والصقر الحوام، وصقر الجراد، والشبوط، والحدأة، إضافة إلى مجموعة من الطيور المقيمة والمهاجرة مثل: اللقلق، والوروار، والثرثارة العربية، والزرزور، والحجل، والحمام القمري، والبلبل، وعصافير البيوت، إلى جانب وجود عددٍ من الزواحف مثل: حرذون الصخور وسلحفاة المياه العذبة وبعض أنواع الأفاعي.

كما تحتوي المحمية على نقوش أثرية ومواقع تاريخية خصوصاً منطقة شعيب الجوف وجبل مصلى إبراهيم، الذي يعود تاريخه -وفقًا لمؤرخين- إلى إبراهيم الأدهم الذي قطن المنطقة قبل مئات السنين وله موقع للعبادة في أعلى نقطة من المحمية، أما النقوش فيظن أنها تعود إلى ما قبل الميلاد دون أن يعرف بالتفصيل تاريخها أو محتواها.

وحول سكان محمية جبل شدا، فقد سكن البشر مختلف مناطق المحمية منذ آلاف السنين، كما تدل على ذلك الآثار الموجودة في المحمية من كتابات ونقوشات، كما قطن السكان المحليون مناطق مختلفة من المحمية خلال مئات السنين السابقة، حيث ارتبط وجودهم بمستوى تحصين المنطقة طبيعياً ووفرة الموارد الطبيعية وكجزء من أسلوب الحياة المتنقل عبر فصول السنة.

أما في التاريخ الحديث، فالسكان المحليون يقطنون في حوالي عشر قرى متوزعة في المحمية تضم قرى الصقران والصور والعرباء والجوة، وتقطنها قبيلة زهران، وقرى الكبسة والسلاطين والمساعدة والملاليح وقرن الجرفة ولهن، وتقطنها قبيلة غامد، حيث كان السكان البالغ عددهم حوالي 2,500 نسمة إلى وقت قريب يعتاشون على زراعة البن الشدوي الشهير والقمح والذرة والدخن والفواكه مثل: الموز والرمان والجوافة والخوخ.

وتهدف المحمية إلى المحافظة على التنوع النباتي والحيواني الكبير الذي يمثل أعلى مستويات التنوع في المملكة، والحفاظ على القيم الجمالية للمحمية من الضرر والتخريب والتشويه، وإعادة وتوطين تأهيل مجموعة الأنواع الحيوانية المهددة بالانقراض مثل: النمر العربي، والوعل الجبلي، ورفع الوعي البيئي لدى فئات المجتمع المختلفة بأهمية الحياة الفطرية والمحافظة عليها، وتعزيز البحث العلمي الموجه لدراسة وفهم وإدارة مكونات المحمية المختلفة ضمن المعايير العالمية، ودعم مبادرات التنمية المحلية المستدامة وأهمها زراعة البن الشدوي وتربية النحل.

ويقوم فريق المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، ومنذ تأسيسه على تنفيذ برنامج لحماية المحمية من تعديات الصيد غير القانوني، والاحتطاب الجائر، والتعدي على الأراضي العامة، ورمي المخلفات وتشويه الصخور، حيث يعمل في المحمية مفتشون بشكل دائم ينطلقون من مركز إدارة المحمية بشكل يومي ضمن دوريات راكبة وراجلة تغطي جميع مناطق المحمية، وبالتعاون مع المجتمع المحلي وممثلي الإدارة المحلية ممثلة بمراكز الإمارة وغيرها من المؤسسات الحكومية ومنها البلديات، كما تفتح المحمية أبوابها للزيارات العلمية والتوعوية من المدارس والجامعات المجاورة ضمن إجراءات محددة لهذا الغرض.

كما يتبنى المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية رؤية طموحة للنهوض بجميع المناطق المحمية التي تشرف على إدارتها؛ بهدف رفع مستواها لتلبي المعايير العالمية للإدارة الفعالة للمناطق المحمية ولتكون نموذجاً إقليمياً لبرامج المحافظة على الحياة الفطرية في المنطقة العربية؛ حيث تهدف الرؤية الجديدة إلى تعزيز دور المحمية في رفع الوعي البيئي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات المحلية وتطوير البحث العلمي الموجه للإدارة الفعالة.

ويتضمن البرنامج المستقبلي للمحمية مجموعة من البرامج المقترحة منها تعزيز برنامج الحماية والمراقبة، وبرنامج متخصص بالبحث العلمي النباتي والحيواني، وبرنامج التوعية والتعليم البيئي للمدارس والجامعات، وبرنامج لدعم مبادرات التنمية المستدامة للسكان المحليين، وبرنامج لتطوير السياحة البيئية وسياحة الطبيعة والسياحة الثقافية.

وتعد محمية جبل شدا الأعلى وجهة سياحية يقصدها عديدٌ من الزوّار من داخل المملكة وخارجها نظراً لما تتمتع به من مكونات طبيعية وصخور ونقوش ومواقع تاريخية، إلى جانب الاهتمام بزراعة مختلف المحاصيل، وخصوصاً زراعة البن الشدوي.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org