"آل مخلص".. قصة بطل عالمي وُلد من معاناة وأدمى القلوب ورَفَع علم المملكة في أمريكا

اللاعب السعودي محمد آل مخلص اليامي
اللاعب السعودي محمد آل مخلص اليامي

"تكفى يا ولدي لا تموت".. بهذه الكلمات الباكية، أدمى اللاعب السعودي محمد آل مخلص اليامي، قلوب السعوديين، حينما وجّه رسالة تفيض بالألم إلى طفله "فهد"، الذي يتواجد حاليًا في أحد مستشفيات الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث يتلقى العلاج من مرض عضال في الرئتين.

ورغم حصوله على ذهبية بطولة العالم في رياضة "الجوجيتسو" التي أقيمت بأمريكا، ظهر "اليامي" في مقطع فيديو وهو يبكي تأثرًا بمرض طفله الشديد؛ بينما كان يقول "الحمد لله أولًا وأخيرًا، الحمد لله الذي أعطاني القدرة لأمثل المملكة العربية السعودية خير تمثيل، اليوم في لاس فيجاس لا عَلَم يعلو فوق العلم السعودي".

وأضاف "اليامي" في الفيديو: "يا خادم البيتين هذه لعينيك، ولعينيك يا فهد، يا سيدي محمد آمنت بنا كشعب قوي وهامته قوية، واليوم أثبتنا ذلك اللهم لك الحمد، للشعب السعودي كله، شكرًا لكم، كنتم خير داعم لي من البداية لليوم".

كما وجّه رسالة لابنه وهو يبكي، قائلًا: "أنت وعدتني يا ولدي لا تستسلم للمرض، تكفى يا ولدي لا تموت".

رسالة حصدت التعاطف

وكان محمد آل مخلص اليامي، قد كشف سابقًا أن قصة مرض ابنه بدأت منذ الولادة، بعد أن كشفت كل الفحوص الطبية أنه يعاني من مرض عضال في الرئتين ويحتاج إلى زراعة.

وبعد دقائق قليلة من نشر الفيديو؛ تم تداوله بشكل واسع في المملكة؛ مما دفع آل مخلص للحديث؛ حيث قال: "أوجعني عدم وجود ابني برفقتي في هذا الإنجاز، وهذا سبب قولي تكفى يا فهد لا تموت"؛ داعيًا المولى عز وجل أن يشفي جميع الأطفال وألا يُرِيَ أحدًا مكروهًا في أبنائه.

كما أضاف: "من الصعب أن يظهر الشخص بهذا المنظر؛ ولكن هذا بسبب ارتفاع الأدرينالين، ووقتها كانت المشاعر تتحكم فيّ أكثر من العقلانية، وفهد هو كل شيء لي، وسبب نجاحي كأب هو فهد، ولكن إذا خسرته فسأخسر كل شيء".

من رحم المعاناة يولد البطل

أما قصة محمد آل مخلص اليامي فهي إحدى قصص النجاح التي يمكن الوقوف أمامها كثيرًا؛ حيث تزخر بالصدف والمفاجآت والمواقف المؤلمة واللحظات السعيدة أيضًا، في رحلة تَحوله إلى بطل ذهبية العالم في رياضة الجوجيتسو.

ومنذ سنوات يعيش آل مخلص مأساة حقيقة، وتحديدًا منذ ولادة ابنه فهد، الذي اكتشفت الفحوصات الطبية أنه يعاني من مرض عضال في الرئتين ويحتاج إلى زراعة؛ مما دفع الأب المكلوم لاصطحاب صغيره وزوجته بحثًا عن العلاج في الولايات المتحدة؛ وذلك بسبب حالته الخطيرة التي تستدعي زراعة الرئة، وهناك لم يكن يدري أن حياته ستتغير تمامًا.

وعن تلك المصادفة التي قلبت حياته رأسًا على عقب، قال آل مخلص: "أثناء تواجدي هناك، بدأ شغفي بهذا النوع من الرياضة، فالتحقت برياضة الجوجيتسو، وأثناء التمارين أبلغني المدرب بأن ألتحق بالبطولات المحلية لتميزي في هذه الرياضة، فاشتركت في جميع البطولات المحلية في أمريكا، ولم أخسر أي بطولة".

وأضاف أن "مشاهدتي لابني فهد بين الجماهير بأسطوانة الأكسجين، وتشجيعه لي طيلة البطولات، كانت المحفز الكبير لتحقيق الذهبية في البطولة".

صعوبات وإنجازات

ورغم الصعوبات التي واجهت طريقه والتي اجتاحت حياته؛ استطاع آل مخلص أن يحقق العديد من الإنجازات؛ حيث تدرب وطور من نفسه حتى أتقن رياضة الجوجيتسو بشكل قوي واحترافي وحوّل خوفه لمصدر قوة ونجاح.

وشارك محمد آل مخلص في بطولة العالم للجوجيتسو التي أقيمت في مدينة هيوستن بولاية تكساس الأمريكية في شهر أكتوبر الماضي، وتَمَكّن من حصد الميدالية الذهبية في إنجاز تاريخي.

وكان البطل السعودي يبث خلال تلك الفترة فيديوهات من داخل المستشفى مع نجله، وكذلك من داخل قاعة البطولة خلال احتفاله معه بعد التتويج؛ وهو ما جعل قصته الملحمية تنتشر على نطاق واسع، لتصبح إحدى قصص الكفاح والإصرار العربي المتعددة والملهمة للجميع.

وفي تلك الفترة، وجد آل مخلص استقبالًا حافلًا عند وصوله إلى مطار الملك فهد الدولي بالدمام؛ حيث كان في انتظاره مدير مكتب وزارة الرياضة بالمنطقة الشرقية موفق السنيد، والمدير المناوب لمطار الملك فهد الدولي بالدمام أحمد الرويلي، والشيخ مسفر بن هضبان، ومجموعة من "إيست جوجيتسو"، وعدد من وسائل الإعلام.

وتلقى بطل العالم العديد من الهدايا التذكارية والشهادات؛ تقديرًا على الدور الكبير الذي قام به ورفع العلم السعودي في المحافل الدولية.

علاقة خاصة

وعلى الرغم من الحزن الذي يشعر به محمد آل مخلص بسبب مرض صغيره فهد؛ فإن العلاقة بينهما حميمية للغاية؛ حيث يحرص البطل العالمي على نشر صورة طفله باستمرار عبر حسابه على تويتر، مرفقة بعبارات تشير إلى قوة العلاقة بينهما، وتشجيع كل منهما للآخر من أجل مواجهة الصعاب.

ففي وقت سابق، نشر "آل مخلص" مقطع فيديو من داخل المدرجات مع صغيره فهد وهو موصل بالخراطيم الطبية، وعلّق عليه بقوله: "أخذنا عهد نحن الاثنين مع بعض؛ إني لا أستسلم في النزالات والقتال، وهو ما يستسلم للمرض والتعب، وإن شاء الله أني أكون الأول في الاستسلام".

ومؤخرًا نشر البطل العالمي صورة لصغيره وعلق عليها بقوله: "اللي أبكاني إني تخيلت حياتي بدونك".

يشار إلى أن رياضة "الجوجيتسو" من أنواع الفنون القتالية في اليابان، ومن أقدم أساليب الدفاع عن النفس، وتعتمد على المواجهة دون سلاح؛ إنما على لَيِّ المفاصل للخصم بطريقة مهارية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org