
وضعت أمانة العاصمة المقدسة حدًّا للمباني المهجورة بمكة المكرمة؛ وذلك بعد توجيه أمينها قبل أيام البلديات الفرعية بحصر ومعالجة تلك المباني غير المعروف أصحابها، والرفع بتقارير حيال الإجراءات والجزاءات المتخذة من كل بلدية على حدة خلال أسبوعين.
ورحب عدد من أهالي مكة المكرمة بتوجيه أمين العاصمة المقدسة، المهندس محمد بن عبدالله القويحص؛ وذلك للحد من انتشار المباني المهجورة غير المعلوم أصحابها، في سبيل معالجة وضعها، والتأكد من نظاميتها، وقطع الشك على بعض مَن يروج لخزعبلات ليس لها أساس من الصحة، وهي أن بعض المباني المهجورة بمكة المكرمة مسكونة من العالم الخفي "الجن".
يقول مدير مركز تاريخ مكة المكرمة التابع لدارة الملك عبدالعزيز، الدكتور فواز الدهاس، لـ"سبق": المباني المهجورة ربما قد تكون أوقافًا منسية، ومن الواجب أن يُسأل عنها إدارة الأوقاف، وهي الجهة المختصة لمعرفة مرجعيتها بعيدًا عن الخزعبلات.
وأضاف: لا شك أن تلك المباني تعود لأُسر مكية أو لأُسر من خارج مكة، أو هي مبانٍ أُوقفت لمكة، وقد تكون انقطعت سلالة تلك الأُسر أو ناظرها.
من جانبه، قال الشيخ أحمد قاسم الغامدي، الباحث الشرعي، معلقًا على الأقاويل بأن عددًا من المباني مسكونة من الجن: "هذه مجرد أقاويل متداولة من الناس؛ لأنه معلوم أن الجان موجود وثابت في القرآن الكريم، وأنه يشارك الناس، لكن لا يعني أن البيوت المسكونة بالآدميين ليس فيها جان، ولا يعني أن سكن الجان في البيوت المهجورة يمنع الاستفادة منها والانتفاع منها، فهذا غير صحيح، ورواج بين الناس يخوفون به بعضهم، ولا أساس له من الصحة".
وأضاف: "يأتينا شخص عنده زوجته متعبة ومريضة، ويعرضها على بعض الرقاة، ثم يقال له إن البيت فيه جن أو مسكون، أو إنها متلبسة بها، ولا يفارقها، فهذا كله باطل، ومبني على خرافات وأفكار خرافية، لا ننكرها بالجملة، ولا نثبتها بالجملة، لأنه ليس عليها دليل كما قال تعالى: {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم}. والجان يرى بني آدم، ولا يراه بنو آدم، فكيف تُقبل مثل هذه الأقاويل بأن هذه المباني المهجورة مسكونة؛ ما يتسبب في هجرها، وتُترك وهما".
وتابع: "الجان لا يضر، وليس له سلطان على بني آدم، إلا على من يتولاه، ومن لم يتحصن".
وأشار إلى أن من يقول إن الجان يسكن المنازل المهجورة قوله لا صحة له، ولم يرد دليل على ذلك، والجان يخالط بني آدم، ولكن لا يسكن المباني مثل سكن الإنس، وتصبح منازل له. وللجن صفة معينة، أخفاها الله عن بني آدم.
ولفت إلى أن البعض يكيّف مشاركة الجن بالإنس بدون دليل، وتصبح شائعة دراجة بأن هذا البيت مسكون ونحوه، وهذا لا حقيقة له على الإطلاق، وهو وَهْم، لا أقل ولا أكثر؛ فمشاركة الجن الإنس مغيبة تمامًا، وهم عالم خفي، وعلينا أن نؤمن بوجودهم، لا أن نؤمن بالكيفيات المخترعة عند الناس، مثل التلبس ودخول جوف المرء وسكن المنازل.