اتسمت كلمة سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، خلال القمة الثانية لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر، بالوضوح التام؛ فخلال الكلمة حدَّد ولي العهد مستهدفات المبادرة، وكيفية تنفيذها، والخطوات التي اتخذتها الرياض من أجل تحقيقها، علاوة على إعلانه مجموعة من التعهدات والالتزامات التي ألزمت السعودية نفسها بها للوصول إلى الأهداف المرجوة.
وخلال كلمته جدَّد ولي العهد حثه الدول الأعضاء على استمرار التعاون الإقليمي؛ لتحقيق المستهدفات الطموحة للمبادرة، قائلاً: "إن تحقيق الأهداف المرجوة من مبادرة الشرق الأوسط الأخضر الطموحة يتطلب استمرار التعاون الإقليمي، والإسهامات الفاعلة من قِبل الدول الأعضاء؛ للإسهام في الوصول للأهداف المناخية العالمية، وتنفيذ التزاماتها بوتيرة أسرع في إطار الاتفاقيات الدولية ذات الصلة. فظاهرة التغير المناخي ليست ظاهرة تتعلق بدولة واحدة، أو مجموعة دول، بل هي تحدٍّ جسيم، يواجه العالم بأكمله، ويهدد الجميع؛ لذا فإن الجميع يتحتم عليه الالتزام بالعمل سوية للخروج من تلك المعضلة، والوصول للحياد الصفري، وتحقيق الهدف الأسمى، وهو الحد من زيادة درجة الحرارة العالمية في هذا القرن إلى درجتين مئويتين، مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة، وهو الهدف الأسمى الذي وضعه العلماء قبل أن يحدث تدهور خطير للمناخ، وما يستتبع ذلك من تأثير سلبي على الأنظمة الإيكولوجية (البيئية) الطبيعية، وعلى البشرية جمعاء".
ولم يتوقف ولي العهد عند حث الدول على استمرار التعاون، بل بيَّن ما أنجزته السعودية، والخطوات التي اتخذتها لتحقيق تلك المستهدفات بالفعل، منها إطلاق مبادرة "السعودية الخضراء" لخفض الانبعاثات بأكثر من 278 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول 2030م، من خلال تطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وإطلاق العديد من المبادرات الأخرى، منها منصة تعاون دولية لتطبيق هذا النهج، وصندوق استثمار إقليمي مخصص لتمويل حلول تقنيات الاقتصاد الدائري للكربون، ومبادرة حلول الوقود النظيف من أجل توفير الغذاء.
كما أشار الأمير محمد بن سلمان إلى قيام السعودية بتسريع وتيرة تطوير وتبنِّي تقنيات ومصادر الطاقة النظيفة، المتمثلة باستخدام الطاقة المتجددة؛ بهدف إدارة الانبعاثات من المواد الهيدروكربونية. وأبرز هذه الخطوات يتمثل في تنويع مزيج الطاقة المستخدم في توليد الكهرباء في السعودية؛ ليتم إنتاج 50% من الكهرباء داخل السعودية بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030م؛ والوصول بالتالي إلى إزالة 44 مليون طن من الانبعاثات الكربونية، أي ما يعادل 15% من إسهامات السعودية المحددة وطنيًّا حاليًا، بحلول عام 2035م.
أما فيما يتعلق بتحقيق مستهدف التشجير فقد لفت ولي العهد إلى إطلاق مبادرات عديدة، منها تأسيس مركز إقليمي للتغير المناخي، وبرنامج إقليمي لاستمطار السحب، واستهداف زراعة 10 مليارات شجرة، وزيادة المناطق المحمية البرية والبحرية إلى 30% من إجمالي المساحة الوطنية.
وفي ختام كلمته أكد ولي العهد التزام السعودية بجهود الاستدامة الدولية، بإعلان استضافة السعودية مقر الأمانة العامة لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر، والإسهام بـ2.5 مليار دولار دعمًا لمشروعات المبادرة ولميزانية الأمانة العامة على مدى 10 سنوات قادمة، علاوة على استهداف صندوق الاستثمارات العامة الوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2050.