عند النظر إلى معالم المدينة المنورة، وشواهدها التاريخية المنتشرة في أرجائها، وبين مزارعها وأنحائها، فإن أول مَعْلم يرمز لها، وتهفو إليه قلوب الأمة الإسلامية، ويشير إلى أفضليتها الدينية، ومحورها الإسلامي العميق، هو المسجد النبوي الشريف، هذا المَعْلم الديني الشامخ الذي يحنُّ لزيارته قرابة المليار ونصف المليار مسلم حول العالم.
ويُعد المسجد النبوي الشريف أحد أكبر مساجد العالم، وثاني أقدس المواقع على وجه الأرض بعد المسجد الحرام، وقد اختاره الله -عز وجل- ليكون مسجدًا للمسلمين؛ فقد أناخت القصواء، وبركت بأمر منه سبحانه حين وصول النبي - صلى الله عليه وسلم- للمدينة من الهجرة المباركة محددة بذلك موضع المسجد، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "هذا -إن شاء الله- المنزل".
يقول المهندس حسان طاهر، المدير التنفيذي لمتحف دار المدينة المنورة: أُسس المسجد سنة 1 هـ، الموافق 622، على يد النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقد كان موضعه مربدًا للتمر لغلامين يتيمين، هما سهل وسهيل، في حجر أسعد بن زرارة، وساومهما النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى ابتاعه منهما، وبناه مسجدًا.
وأضاف: لقد بنى النبي -صلى الله عليه وسلم- المسجد لأول مرة بيديه الشريفتين، فجعله باللبن، وسقفه الجريد، وأعمدته خشب النخل. وظل على بنائه حتى زاد فيه عام خيبر سنة 7هـ، ثم زاد فيه عمر -رضي الله عنه-، ثم غيّره عثمان -رضي الله عنه- وزاد فيه زيادة كبيرة، وتوالت التوسعات والزيادات والخدمات المقدمة للمسجد النبوي الشريف عبر العهود والفترات الإسلامية المختلفة حتى عصرنا السعودي الحاضر الذي لاقى فيه المسجد أضخم التوسعات وأشمل الخدمات على المستويات كافة.
وتابع قائلاً: تشرف المسجد النبوي بفضائل عظيمة، ميّزته عن باقي المساجد الإسلامية. ومن فضائل هذا المسجد المبارك أن سَنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- شد الرحال لزيارته والصلاة فيه، وجعل الصلاة فيه مضاعفة عن غيره من المساجد ما عدا المسجد الحرام. ومن جاءه ليعلّم أو يتعلّم كان كالمجاهد في سبيل الله. ومن فضائله أيضًا وجود منبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو على حوضه الشريف، وعلى ترعة من ترعات الجنة. أيضًا وجود الروضة الشريفة التي تعتبر روضة من رياض الجنة.
وأفاد المهندس طاهر بأن للمجسد النبوي معالم متعددة ومختلفة، منها الديني والتاريخي والأثري، يطيب لزائره معرفتها، والنظر إليها، والتمتع بالصلاة بين جنباتها، كالروضة الشريفة.