تضطلع المملكة بجهود حثيثة للغاية في معالجة ظاهرة التغير المناخي، التي استفحلت مخاطرها، وباتت تهدد حياة البشر وسلامة كوكب الأرض معاً، ومن المسارات الفعّالة التي تتوزع عليها جهود المملكة في مكافحة التغير المناخي على الصعيدين المحلي والدولي، مسار الطاقة المتجددة، الآخذ في النمو المتسارع من حيث اعتماد المملكة عليه في الحصول على احتياجاتها من الطاقة، لكن اللافت في استثمار المملكة لتوفر مصادر الطاقة المتجددة في مجال رقعتها الجغرافية، أن خططها في مجال إنتاج الطاقة المتجددة لا تقتصر على توفير احتياجاتها المحلية من الطاقة، وإنما أن تصبح مركزاً عالمياً لها.
ففي افتتاح مشروع محطة سكاكا لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في أبريل 2021، أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن "السعودية ستصبح خلال الأعوام العشرة القادمة مركزاً عالمياً للطاقة التقليدية والمتجددة وتقنياتها"، ولا تعبر مقولة ولي العهد عن طموح مستقبلي فحسب، ولكنها تعبر أيضاً عن واقع بدأ في التشكل، وإعطاء نتائجه من خلال مشروعات متعددة رائدة في مجالها، ومن بينها مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو وقود خفيف لا يتولد عن استخدامه انبعاثات كربونية ويستخرج من الماء من عملية فصل عنصر الهيدروجين عن الأوكسجين، يعد وقود الهيدروجين الأخضر حلًا مبتكرًا استبقت المملكة غيرها في الأخذ به؛ لمعالجة ظاهرة التغير المناخي عالمياً.
ففي المرحلة الأولى لتنفيذ الخطط الطموحة للمملكة، أنتجت شركة أرامكو ومعهد اقتصاديات الطاقة في اليابان بالشراكة مع شركة سابك أول شحنة تجارية من الهيدروجين وصدرتها من المملكة إلى اليابان في سبتمبر 2020، ورغم أن هذه كانت البداية؛ إلا أنها حققت نتيجة ريادية على مستوى العالم، إذ تعد أول شحنة تجارية من نوعها، وخلال شهر يوليو من عام 2020 وقعت شركة نيوم للهيدروجين الأخضر، اتفاقية مع شركة أير برودكتس وشركة أكوا باور، لإنشاء أكبر مصنع في العالم لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الزرقاء.
ويعتمد المصنع في تشغيله تماماً على الطاقة المتجددة المستمدة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والتخزين، حيث تُنتج منهما أكثر من أربعة جيجاواط لتشغيل المصنع، الذي سيبدأ إنتاجه عام 2026، الذي سينتج 1.2 مليون طن سنوياً من وقود الهيدروجين الأخضر، وستسهم هذه الكمية في الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمعدل ثلاثة ملايين طن سنوياً، ستخصم كل سنة ابتداءً من عام 2026 من كمية الانبعاثات الكربونية التي كانت ستضاف إلى الانبعاثات المتراكمة في الغلاف الجوي للأرض، مما سيفاقم من ظاهرة التغير المناخي في حال لم تنشئ المملكة هذا المصنع التجاري، الذي سيصدر معظم إنتاجه لدول العالم.