"العوالم الثلاثة" لتجربة الإنسان.. "القحطاني" يلقي الضوء على الابتكار في الفلسفة

اعتبر أن التحليل الفلسفي العميق يمكن أن يقود لإعادة النظر في الكثير من التجارب
 الدكتور خالد بن يحيى القحطاني
الدكتور خالد بن يحيى القحطاني
تم النشر في

تحدث الدكتور خالد بن يحيى القحطاني الباحث في الابتكار والتصميم الحضري عن قيام الفيلسوف النمساوي عام 1988م بنشر كتاب Karl Popper بعنوان (The Myth of the Framework: In Defense of Science and Rationality) أسطورة الإطار: دفاعاً عن العلم والعقلانية، والذي قدم فيه مفهوماً جديداً يُعرف بـ"العوالم الثلاثة" لتجربة الإنسان، والتي تشمل: عالم الأشياء؛ والتي يعني فيها الواقع المادي، وعالم الوعي، والتي يعني فيها كل ما يتعلق بالأفكار والمشاعر، وعالم الثقافة؛ والذي يتضمن النظم الاجتماعية والثقافية بما في ذلك القيم والأنظمة والسياسات.

وقال "القحطاني": التحليل الفلسفي العميق لتجربة الإنسان وفقاً لمفهوم Popper يمكن أن يؤدي بنا إلى إعادة النظر في الكثير من التجارب التي تحيط بنا من خلال تحليلها بشكلٍ عميق و فهمها بشكل أفضل وفهم كل ما يحيط بها وكل ما يمكن أن يؤثر فيها.

وأضاف: في هذا السياق؛ يمكن إعادة النظر في مفهوم وتجربة الابتكار، مشيرًا إلى أن البداية تكون مع الابتكار في العالم الأول (عالم الأشياء)، ففي هذا العالم يمكن رؤية الابتكار في التقدم المادي والتقني وفي تطوير كل جديدي سواء منتجات أو تقنيات أووأدوات، ويمكن قياس الابتكارات في هذا العالم من خلال المعايير الكمية مثل كفاءة الأداء وتكاليف الإنتاج والنتائج الملموسة. وهنا يعتمد الابتكار على البحث العلميوالتجريبي، والتي يمكن على ضوئها تحسين العمليات والمنتجات الحالية.

وأردف: الابتكار في العالم الثاني (عالم الوعي)، وهو عندما يرتبط الابتكار بالتفكير الناقد وبالتفكير الإبداعي وبغيرها من مهارات الوعي أو المهارات الفكرية والتي تعطي الابتكار الفرصة للرؤية من زوايا جديدة ومن مستويات مختلفة تعطيه الفرصة لتحدي المعتقدات الراسخة والنظر لها بنظرة (الشك)، والابتكار في هذا العالم يعتمد على المهارات الفكرية والتي تبدأ في النمو مع الطفل منذ نشأته وفقاً لما تؤول إليه تجاربه.

وبخصوص الابتكار في العالم الثالث (عالم الثقافة)، تابع "القحطاني": في هذا العالم، يمكن رؤية الابتكار من خلال بيئته المحيطة به والتي يمكن أن تتمثل في كل من: القيم الاجتماعية، أو التنظيمية، أو الاقتصادية، أو غيرها من القيم التي تحيط به والتي يمكن أن يكون لها دور إما للتشجيع على الابتكارودعمه، أو يكون لها دور في تعطيله.

وقال الباحث في الابتكار والتصميم الحضري: على ضوء ما سبق؛ يمكن الوصول إلى تصورٍ مستدام في كيفية دعم الابتكار والمبتكرين على ضوء تحليل الفلسفة للابتكار.

وأضاف: دعم الابتكار في العالم الأول- المادي: ويتم ذلك من خلال الاستثمار في البحث العلمي والتطوير للمساهمة في القدرة على وصف وتحليل جذور المشكلات والتحديات تمهيداً لتطوير الحلول والمنتجات والأدوات المبتكرة التي يمكن أن تتصدى لها، و يتم ذلك أيضاً من خلال إنشاءبيئات تجريبية – معامل ابتكار على سبيل المثال – لاستيعاب أنشطة تطوير الأفكار واختبارها وتحويلها إلى منتجات ذات قيمة.

وأردف: دعم الابتكار في العالم الثاني - الوعي الإبداعي يكون من خلال عمل كل ما من شأنه تحسين وتعزيز مهارات التفكير النقدي والإبداعي لجميع شرائح المجتمع بشكل عام وللأطفال بشكل خاص نظراً لطبيعة تجاربهم التي لا تزال قابلة للتشكيل.

وتابع: دعم الابتكار في العالم الثالث - الثقافة الداعمة يكون من خلال تطوير الأنظمة والسياسات الداعمة والمحفزة للابتكار وهو ما نلامسه في معظم مؤسساتنا في جميع القطاعات والتي بدأت تولي الابتكار اهتمام خاص في هياكلها التنظيمية وسياساتها وأنظمتها خاصة بعد أن أسدل الستار عن هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار في المملكة العربية السعودية في عام 1442هـ بقرارٍ من مجلس الوزراء، والتي أخذت على عاتقها منذ ذلك الوقت مسؤولية دعم وتشجيع قطاع البحث والتطوير والابتكار، وتنسيق نشاطات المؤسسات ومراكز البحوث العلمية، واقتراح السياسات والتشريعات والتنظيمات وتقديم التمويل المتصلة بالقطاع.

وقال "القحطاني": في الختام يمكن القول إن النظر إلى الابتكار من خلال الفلسفة يمكن أن يوفر لنا إطارًا يساعد في فهم العلاقات المعقدة التي تؤثر على الابتكار، ومن خلال هذا الفهم، يمكننا تعزيز الابتكار والمبتكرين بشكل فعّال، مما يسهم في تحسين المجتمع والاقتصاد.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org