في الربع الأخير من العام الماضي كانت توقعات الاتحاد الدولي للنقل الجوي تشير إلى أن أرباح شركات الطيران بالعالم ستصل إلى ٢٥ مليار دولار، غير أن التوقعات سرعان ما انهارت بداية العام مع تزايد تأثير ڤايروس كورونا المستجد، ليعلن الاتحاد في شهر فبراير عن توقعات بخسائر تصل إلى ١١٣ ملياراً، ثم ارتفع الرقم إلى ٢٥٢ ملياراً، وأخيراً في منتصف إبريل الحالي توقع اتحاد النقل الجوي أن تصل الخسائر إلى ٣١٤ مليار دولار، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الطيران.
معظم خبراء المجال توقعوا أن تعلن كثير من الشركات إفلاسها خلال شهري مايو ويونيو، وهو أمر بات حقيقة والعالم يتابع هذه الأيام مسلسل "إشهار إفلاس" يكاد يكون أسبوعياً، في مشاهد درامية لا تُصدَّق.
يعرف الكل أن الطيران من أكثر الصناعات التي تساهم بشكل كبير في النمو الاقتصادي العالمي، لكن هذه الصناعة قد تكون الوحيدة التي تتأثر بجميع المتغيرات الأخرى؛ سواء المالية أو السياسية أو الأمنية أو الاجتماعية أو التكنولوجية أو الطبيعية.!
الخبر السيئ هنا أن الأزمة قد تطول، والخبر الجيد أن قطاع الطيران رغم حساسيته إلا أنه يمتلك مرونة فائقة في استيعاب الصدمات، لذلك يقال إن السؤال الأهم في أزمات الطيران هو متى؟ وليس كيف أو ماذا؟.
المخيف في تداعيات الأزمة الحالية أن العالم بكل قطاعاته يعيش نفس المعاناة، لذلك تبدو آفاق الحلول أمام قطاع الطيران قاتمة ومعلقة بمؤشرات الانفراج واحتواء الجائحة.
أتوقع أن تصمد الشركات الكبيرة (التي لديها احتياطات) خلال الربع الثاني من العام، وأن يشهد الربع الثالث "بداية اتضاح الرؤية" ليكون شهر أغسطس أو سبتمبر هو "البداية الفعلية للانتعاش التدريجي"، لكن "بداية التعافي الحقيقي" لن تكون قبل ٢٠٢١م.
ستكون شركات الطيران الاقتصادي (الباقية) هي الأبطأ تعافياً وكذلك الشركات التي تمتلك عدداً أكبر من الطائرات عريضة البدن أو تعتمد على الترانزيت لأن الناس ستفضل السفر المباشر وتتجنب مخاطر زحام التوقف، أما الشركات التي لديها سوق داخلي كبير ومحطات وصول مباشر فسيكون تعافيها أسرع، طبعاً مع أخذ دعم الحكومات بالاعتبار.
المؤكد أن هذه الأزمة ستظل موضوع بحث ودراسة لسنوات قادمة، وستلقي بظلالها على جميع عناصر صناعة الطيران، من أعلى هرم المنظمات المعنية والسياسات الإستراتيجية، إلى تفاصيل تصاميم مقاعد الطائرات، ومستقبل إجراءات السفر.