الصراع في فلسطين ديني عقائدي.. "ابن بخيت": 3 أسباب جعلت العرب ينظرون للقضية الفلسطينية من زاوية خاطئة

الصراع في فلسطين ديني عقائدي.. "ابن بخيت": 3 أسباب جعلت العرب ينظرون للقضية الفلسطينية من زاوية خاطئة

يؤكد الكاتب والمحلل السياسي عبدالله بن بخيت؛ أن الصراع الدائر في فلسطين هو صراع ديني عقدي مؤمن بعدة قوانين صارمة، سنتها أعلى دوائر التشريع في البلدان الغربية؛ من أهمها قوانين العداء لليهود، راصداً جذور هذا الصراع الديني منذ المسألة اليهودية في أوروبا، حتى احتلال معظم أجزاء فلسطين، ومحذراً من أن مشكلة العرب الجوهرية هي نظرتنا للقضية الفلسطينية من زاوية خاطئة؛ البعد السياسي والجغرافي، وأهملنا البعد الجوهري الديني الذي تقف عليه "إسرائيل"، الذي يجعل كل الغرب المسيحي يقف معها ويؤيدها، خاصة حين تلتقي المصالح مع البعد الديني.

السلام مع "إسرائيل".. بين "ابن بخيت والسديري"

وفي مقاله "ما هي إسرائيل ولماذا هي هنا؟" بصحيفة "عكاظ"، يرى "ابن بخيت" أن السلام مع "إسرائيل" مستحيل، ويقول: "نشرت في يوليو الماضي مقالاً في جريدة عكاظ بعنوان (ما هو السلام مع إسرائيل)، حاولت أن أبيّن فيه إمكانية السلام (الدائم) مع إسرائيل. نظرت إلى واقع إسرائيل في محيط ثقافي ولغوي وتاريخي وديني و(مستقبلي) وخلصت إلى استحالة أن تكون إسرائيل جزءاً منه أو تستطيع العيش فيه إلا بالقوة الضاربة".

"السديري" يتحدث عن فرصة للسلام

ويرصد "ابن بخيت" رأي الكاتب والمحلل السياسي مازن السديري، في السلام، ويقول: "في تاريخ 24 يوليو 2023، كتب الأستاذ مازن السديري مقالاً في جريدة الرياض بعنوان (من اليهودية إلى العبرية يا ابن بخيت)، تعليقاً على مقالي المشار إليه أعلاه، تحدث عن فرصة لمستقبل سلام مع إسرائيل. عوّل فيه على أمل التحول الثقافي داخل المجتمع الإسرائيلي أو حسب تعبيره (وهو التحول من دولة تتكون من شتات اليهود في العالم إلى الدولة (العبرية) وهو التحدي للبقاء في إسرائيل)".

"ابن بخيت": لا أتفق مع "السديري"

ويعلق "ابن بخيت" قائلاً: "لا أتفق مع الصديق الكريم، فالقضية الفلسطينية ليست مشكلة إسرائيلية داخلية؛ القضية الفلسطينية هي قضية فلسطينية أي كان من يحتل الأرض شياطين أم ملائكة، وهي أبعد كثيراً حتى من مفهوم الاحتلال نفسه. اعتراف إسرائيل بأن حدود سبعة وستين (يهودا والسامرة) محتلة هو اعتراف بأن فلسطين كلها محتلة؛ الأمر الذي يتناقض مع مفهوم أرض الميعاد. الحالة في فلسطين تسمى إحلالاً وليس احتلالاً ".

ننظر للقضية الفلسطينية من زاوية خاطئة

ويؤكد "ابن بخيت" أن هناك ثلاثة أسباب جعلتنا ننظر للقضية الفلسطينية من زاوية خاطئة، هي البعد السياسي والجغرافي بالحديث عن الأرض والاحتلال وحقوق الشعب، وأهملنا البعد الديني، ويقول: "ثمة مشكلات جوهرية في نظرتنا إلى القضية الفلسطينية تجعلنا ننظر للقضية من زاوية خاطئة؛ البعد السياسي والجغرافي، ونهمل البعد الجوهري الذي تقف عليه إسرائيل.. من بين هذه المشكلات:

1- تتوقف معرفة كثير منا ببداية تأسيس إسرائيل تاريخياً عند وعد بلفور الصادر عام 1919.

2- إسباغ تعريفنا للدين الإسلامي على الأديان الأخرى.

3- تفسير الدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل بقوة ونفوذ اللوبي اليهودي في أمريكا".

الجذور الدينية لدولة اليهود في فلسطين

ويوضح "ابن بخيت" ما يعنيه بالبعد الديني في الصراع، ويقول: "الحديث عن تأسيس دولة لليهود في فلسطين بعيد ومعقد ويرجع إلى قرون طويلة، لكن يمكن البدء بتتبعه بوضوح من القرن الثامن عشر. ففي الوقت التي كانت الشعوب الأوروبية تتحدث عن حياة اليهود لتحسينها والسعي لدمجهم في المجتمعات الأوروبية فيما سمي المسألة اليهودية، كان لبريطانيا انشغال آخر، فالمسألة اليهودية بالنسبة للكنيسة البريطانية مسألة دينية مرتبطة بعودة المسيح، وعودة المسيح مرتبطة بتجميع اليهود في فلسطين (أرض الميعاد) أو الأراضي المقدسة. كان الحوار في بريطانيا يدور هل تكون عودة اليهود إلى الأراضي المقدسة قبل أو بعد هدايتهم؛ أي قبل نزول المسيح أو بعد نزوله، ولكيلا نطيل في جدل متشعب ولا فائدة منه استقر الرأي على إعادة اليهود إلى فلسطين قبل هدايتهم".

من الديني إلى السياسي

ويضيف "ابن بخيت" قائلا: "في عام 1840، بعث اللورد البريطاني شنسري خطاباً لوزير الخارجية البريطاني يطالبه فيها السعي لتحقيق عودة اليهود إلى فلسطين؛ (موضحاً له أهميتها للمصالح البريطانية). حسب معلوماتي هذه أول ترقية للمسألة الدينية إلى مسألة سياسية، وليس وعد بلفور عام 1919 الذي تعلمناه في المدرسة سوى بداية التنفيذ السياسي العملي للمشروع. هذا الوعد لم يكن مجرد وعد معلق في الانتظار بل مرتبط بتاريخين مهمين: الأول انهيار الإمبراطورية العثمانية المحتوم عام 1922، وانتداب عصبة الأمم بريطانيا لإدارة فلسطين في نفس عام 1922".

الصراع في فلسطين ديني عقدي

ويطالب "ابن بخيت" بالتوقف أمام البعد الديني للقضية، ويقول: "تجاهُلنا رؤية البعد الديني في القضية الفلسطينية يعود إلى إسباغ مفهومنا للدين الإسلامي على الأديان الأخرى، فنحن نرى أن الغرب تخلّى عن الدين بما عرف بعصر الأنوار، والحقيقة غير ذلك. الغرب تخلى عن سلطة الكنيسة. عندما ننظر إلى الحريات التي تتمتع بها المجتمعات الغربية كحرية المرأة وحرية الرأي وحرية الممارسة الجنسية خارج إطار الزواج وحرية الشذوذ، بل السخرية من رجال الدين والكنيسة ثم نقارن ذلك باحترامنا للشعائر والمؤسسات الاجتماعية المختلفة سنظن أن الدين خرج من حياة الناس في الغرب وهذا غير صحيح، فالصراع الدائر في فلسطين هو صراع ديني عقدي مؤمن بعدة قوانين صارمة، سنتها أعلى دوائر التشريع في البلدان الغربية؛ من أهمها قوانين العداء لليهود، ونقد إسرائيل أو إدانتها في أي مكان، وقانون إنكار المحرقة، وتتمتع إسرائيل بحماية مطلقة حتى وإن اجترحت جرائم ضد الإنسانية وضد حقوق الإنسان. فهي متعالية على القيم الدنيوية ولا يتعالى على القيم الدنيوية إلا القيم الدينية. فالمسيح سيتوقف عن المجيء لهداية البشر آخر الزمان إذا هرب اليهود من فلسطين. هذا يفسر لماذا هرع الغرب ببوارجه وزعمائه بعد عملية حماس في السابع من أكتوبر التي كشفت تدني مستوى الجيش الإسرائيلي وزيف أسطورة الموساد.. هذه البوارج وحاملات الطائرات لم تأت لحماية إسرائيل من جيرانها أو من حزب الله فقط. ولكن الشعب الإسرائيلي شعب هش. كل مواطن في إسرائيل له وطن آخر يهدد بالعودة إليه. هذه الفزعة غير المسبوقة رسالة له (وليست للأعداء): إن جيشك ليس وحده في المعركة مع العماليق".

العودة الثانية للمسيح

ويعلق "ابن بخيت" قائلا: "فعودة اليهود إلى فلسطين ليست إرادة أو رغبة يهودية، الصهاينة اليهود (هرتزل) في مؤتمر بازل عام 1897 الذين تولوا مشروع تأسيس دولة لليهود كان هدفهم إقامة وطن لليهود في أي مكان صالح مثل أوغندا أو الأرجنتين، لكن الكنيسة البريطانية قررت استكمال نبوءات الزمان والعودة الثانية للمسيح لهداية اليهود والوثنيين (المسلمين) على أثر الثورة الفرنسية التي أسقطت البابا أو الشر كما سماه البروتستانت. هذه إشارة لتحقق النبوءة الأولى بالدليل القاطع. فرضت بريطانيا عقيدتها المسيحية الصهيونية فكانت الوجهة فلسطين. وبعد الحرب العالمية الثانية بدأت تتكثف الهجرات من أوروبا الجريحة إلى أمريكا، لكن أمريكا كانت ترفض استقبال اليهود لترغمهم على الذهاب إلى فلسطين. وكانت أول دولة تعترف بإسرائيل".

حماس أمريكا بسبب المسيحية الصهيونية

ويرصد "ابن بخيت" أسباب الدفاع الأمريكي عن "إسرائيل"، ويقول: " يعود حماس أمريكا وتفانيها في دعم إسرائيل إلى المسيحية الصهيونية الذين يملكون نفوذاً غير محدود على الحياة السياسية والاجتماعية والإعلام في أمريكا. لعل هذا يفسر لماذا يهرع المرشح الأمريكي لرئاسة أمريكا إلى القدس ويقف امام حائط المبكى لابساً القلنسوة اليهودية. ولماذا يتسابق الرؤساء الأمريكان على خدمة إسرائيل ولماذا تتنازل أمريكا عن كل القيم الأخلاقية والإنسانية إذا تعلق الأمر بإسرائيل. بالتأكيد لا أحد يقلل من دور اللوبي اليهودي الكبير، لكنه دور مكمل لدور المسيحية الصهيونية ومتشابك معه. الاعتقاد الديني هذا لا يهمش المصالح الدنيوية المترتبة على تأسيس دولة يهودية في فلسطين".

حين يلتقي الدين مع المصالح

وينهي "ابن بخيت" قائلاً: "العامل الديني هو أقوى وأضعف أداة بيد الاستعمار. أضعف من أن يحرك الأساطيل، لكنه يصبح فتاكاً عندما تحركه المصالح.. وهذا موضوع آخر يحتاج إلى مقال مستقل".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org