"السديس" و"الشترى" أبرز المتحدثين.. التأهيلية لـ"صناعة الأصولي 2" تنطلق غدًا

دورة تستحضر فقه الحنفية والعلاقة بالعلوم ودلالة الألفاظ والملكة الفكرية الصحيحة
 الرئيس العام للمسجد الحرام والمسجد النبوي عبدالرحمن السديس
الرئيس العام للمسجد الحرام والمسجد النبوي عبدالرحمن السديس

يرعى الرئيس العام للمسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن السديس، غداً الأحد، انطلاق الدورة التأهيلية في علم أصول الفقه وتأهيل طلابه لبرنامج "صناعة الأصولي٢" الذي يعد عضدًا لطلاب العلم والباحثين بمادة علمية ترقى به ويجعله ملماً ومحيطاً بأدوات وآليات الأصوليين لاستنباط الحكم الشرعي من أدلته الإجمالية، إضافة إلى التعريف بأهم فروع علم أصول الفقه، والوقوف على أهم معالم المدارس الأصولية المختلفة.

ويتحدث "السديس"، خلال الدورة التأهيلية، الثلاثاء المقبل، في محاضرة بعنوان "علم أصول الفقه وأثره في تنمية الملكة الفكرية الصحيحة"، فيما يتحدث الدكتور سعد الشتري عن "الجدل الأصولي في الفقه"، ويتطرق الدكتور غازي العتيبي عن "مقدمة في دلالات الألفاظ"، أما الدكتور حسن بخاري فسيلقي الضوء على أصول فقه الحنفية، ويتحدث الدكتور عبدالرحمن القرني عن علاقة علم الفقه بغيره من العلوم؛ حيث تعد صناعة الأصولي من أهم مقومات الأمن الفكري.

ويعرّف الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، في معرض شرحه لصناعة الأصولي بالقول، بأنها تنمية الهيئة الراسخة في نفس الأصولي بحيث تمكِّنه من حسن التصور للمسائل والقواعد الأصولية، وجودة الاستدلال وصحة التنزيل.

وأوجز "السديس" أهمية صناعة الأصولي من خلال عدد من النقاط، منها أن موضوع صناعة الأصولي يحظى باهتمام بالغ لدى الأوساط العلمية، مع ما يجري في حياة الناس من تطورات هائلة، ونوازل متتابعة تحتاج إلى بيان أحكامها تخريجًا على القواعد الأصولية والمقاصد الشرعية، وجرأة كثير من غير المؤهلين في هذا الزمان بالتصدر للاستنباط من النصوص الشرعية، والإفتاء في الوقائع المستجدة والنوازل المعاصرة عبر وسائل الإعلام المختلفة، وأنها من أهم الوسائل لحفظ الدين الإسلامي الحنيف، وأهم الوسائل للدفاع عن أدلة الشريعة أمام الملحدين والمشككين، إضافة إلى حاجة الدارسين والباحثين في تخصص الفقه المقارن، وكذلك القضاة إلى الصناعة الأصولية.

وشرح معوقات صناعة الأصولي وأوجزها في محاضرة سابقة، بأنها الطابع التجريدي لعلم أصول الفقه وغلبة الجانب النظري على الجانب العملي التطبيقي وتعقيد الأسلوب وصعوبة المسائل والحديث عن مسائل كثيرة تعد من نوافل القول في علم الأصول أو لا مدخل لها في الغرض الذي من أجله وضع هذا العلم، كمسائل اللغات، وعدم الحديث بتفصيل عن مقاصد الشريعة.

وأوضح أنَّ غلق باب الاجتهاد وتحجير النظر حط من قيمة علم الأصول عند طالبيه، وعدم وجود البيئة الخصبة، والتربة الصحيَّة، والمناخ الملائم لنموِّ فنِّ صناعة الأصولي، من خلال عدم توفير الأدوات والإمكانات اللازمة لذلك.

وبين أن هناك عدة عوامل لصناعة الأصولي، منها الاستعداد والذكاء الفطري، والطبيعة المعتدلة، والرغبة في اكتساب الملكة الأصولية، العناية بضبط قواعد العلم وكلياته ومقاصده؛ كونها من أكبر أسس اكتساب الملكية والمهارات اللازمة لممارسة الصناعة الأصولية.

وسيعمل المشروع على تدعيم وتعزيز قيمة الرسوخ والتمكين العلمي، وتعميم النظرة المنفتحة والشمولية على جميع المدارس الأصولية، والتعريف بالأدلة الشرعية الإجمالية، ومعايير وضعها عند الأصوليين على اختلاف مدارسهم، وكذلك تنمية الحس الاجتهادي، وحسن توظيف القواعد الأصولية في الواقع المعاصر.

ومن المهارات الأساسية لصناعة الأصولي، مهارة تحرير المصطلحات، ومنها النظر في الكتب التي اعتنت بالتعريفات الاصطلاحية وملاحظة ما قد يورده بعض الأصوليين على التعريفات وما يجاب عنه في النقاش الأصولي والموازنة بين أكثر من تعريف لأهل العلم وإبداء الفروق بينها، ومهارة تحليل النص الأصولي المتضمنة القدرة على كشف العلاقات بين مكوِّنات النص الأصولي إما بتفكيك أجزائه أو بتركيب عناصره المتفرقة أو بالمقارنة بين مكوناته وذكر أساليب عدة لتنميتها، وتعظيم دور الإبداع والابتكار.

وتحقق آثار صناعة الأصولي محبة الله تعالى وتعظم دور الإبداع والابتكار والإتقان في الأوساط العلمية، وتفعل المعايير الصحيحة والسليمة في التحصيل الأصولي، وتعزز وتنمي المهارة الأصولية ونقل المسائل الأصولية من حيز التنظير إلى رحابة التطبيق، واستنهاض همم طلاب العلم الشرعي عمومًا، وشحذ أفكارهم، وتطوير ملكاتهم، وتنمية مكتسباتهم من خلال إعداد الجو الملائم والمناخ المناسب ليكونوا نواة رواد صناعة الأصول.

وتحرص رئاسة الحرمين على نشر ثقافة صناعة الأصولي بين الأوساط العلمية المختلفة، من خلال برامج التوجيه والتثقيف بشتّى الوسائل والوسائط المؤتمرات، والندوات، والمحاضرات، والاجتماعات، والتِّقانات، وزيادة العناية بصناعة الأصولي عبر مناهج التعليم، وخطط التربية، فضلاً عن تبيان أثر علم أصول الفقه في كثير من المسائل الشرعية والقانونية المعاصرة وإعداد نماذج من الأصوليين لإتقان التعامل مع الأدلة الإجمالية الشرعية بنفس شمولي، وأدوات معاصرة، كما سيقدم البرنامج مادة علمية متكاملة تمكن المستفيد من الإلمام والإحاطة بأدوات وآليات الأصوليين لاستنباط الأحكام الشرعية من أدلته الإجمالية، وتعريفه بالأدلة الإجمالية المتفق على قطعيتها، والأدلة الإجمالية المختلف فيها بين المدارس الأصولية.

ويتمثل المشروع في خمس دورات مركزة، وهي الجدل الأصولي، أصول فقه الحنفية، علاقة علم أصول الفقه بغيره من العلوم، مقدمة في دلالات الألفاظ، علم أصول الفقه وأثره في تنمية الملكة الفكرية الصحيحة، ويهدف البرنامج في مخرجاته إلى صناعة أصولي واسع الاطلاع على مذاهب وقواعد وضوابط الأصوليين، ذي نظرة شمولية وأدوات معاصرة، والمرجعية في الرسوخ العلمي في أصول الفقه بمختلف مدارسه، وضبط قواعده وضوابطه، والتمرس على توظيف تطبيقاته على المسائل المعاصرة.

وأصدرت الرئاسة العامة كتاب "صناعة الأصولي"، من إعداد الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس.، وهو كتابٌ يؤسِّس لتمكين طلبة العلم في فن أصول الفقه، ويحتوي بين طياته على تعريف مفهوم صناعة الأصولي، وأهميتها، وضوابطها، ومهاراتها، وآثارها، والعديد من المواضيع التي تشرح صناعة الأصولي التي تعد من أهم العلوم الشرعية والبدء به من أساسها وتوضيحها وتسهيلها على المتعلمين عموماً، وطلبة العلم الشرعي خصوصاً.

وتولي رئاسة الحرمين الشريفين اهتمامًا كبيراً بالجوانب الإرشادية والتوجيهية والبحث العلمي والعلوم الفقهية في المسجد الحرام، كونها تستهدف طلاب العلم الشرعي والباحثين والخبراء في مجال العلم الشرعي؛ حيث يعتبر المسجد الحرام قبلة للمسلمين ومنارة إشعاع لتكريس قيم التسامح والوسطية ودراسة العلوم الفقهية والشرعية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org