لم يكن التسويق بالمحتوى Content Marketing وليد شبكات التواصل الاجتماعي، أو ثورتها، رغم مرافقة انتشاره لها؛ فقد أشارت بعض المصادر إلى أن المصطلح ظهر في تسعينيات القرن الماضي، وأكدت مصادر أخرى أن الثورة كانت في أواخر الألفية. والتسويق بالمحتوى بأبسط صوره يعني إيجاد محتوى يلائم عملاءك على الإنترنت. والمقصد أنه يلائمهم أي بوسعه أن يجيب عنما في أذهانهم، ويتفاعل معهم.. وهذا ظهر مع ثورة web 0.2.
ومع تسيُّد وسائل التواصل الاجتماعي تسابقت معظم الجهات لحجز مواقعها على تلك المنصات؛ في محاولة للوصول إلى مستفيديها والجمهور بشكل عام، وللتشديد على وجودها بين الكم الهائل من العلامات التجارية والقطاعات الحكومية.
ومن اللافت أن تسعى إلى الظهور على تلك المنصات، وتتبوأ أماكنها جهات كانت تتهم بالبيروقراطية طيلة حياتها، بل منذ النشأة والتأسيس، ويحكم دائمًا عليها بأنها لا تمنح مستفيديها إلا وعودًا على صفحات الصحف، وفي اللقاءات التلفزيونية.
وقد سعت معظم تلك الجهات بتنوُّعها إلى البروز على منصات التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال ضخ محتوى يحاول عكس طبيعة عملها، والتشديد على توجهها إضافة إلى ما يمكنها تقديمه لجمهورها المستفيد؛ في محاولة منها للوصول إلى مختلف جماهيرها الحالية والمحتملة.. وهذا يُعدُّ تقدمًا كبيرًا وأمرًا مبهجًا، ويسرُّ الخاطر.. لكن ما زالت الكثير من الأخطاء تُرتكب من خلال محاولة التسويق بالمحتوي. فما الخطأ الذي ارتكبته تلك الجهات في تعاملها مع منصات التواصل الاجتماعي؟!
تحديد المشكلة وتأطيرها هو الحل الأمثل لإيجاد حلول لها. والمشكلة ليست في المحتوى الذي تتم مشاركته على تلك المنصات فقط، وليس هو المتهم الوحيد في سوء إدارة التسويق بالمحتوى. العقليات التي تقف خلف التسويق بالمحتوى، خاصة في بعض الجهات الحكومية، هي التي أساءت للمحتوى الذي يُقدَّم على تلك المنصات. معايير المسؤول التي تقف خلفها أحيانًا أهدافه الشخصية تُظهر المحتوى بشكل سيئ وهزيل. أضف إلى ذلك الفهم القاصر لدى البعض لطبيعة محتوى تلك المنصات، وما يجب أن يتضمنه محتواها. وأخيرًا -وهو الأهم- إدراك حاجة الجمهور لمحتوى معين، يُسهم في التسويق للجهة بشكل لا يفتح النار عليها، ولا يمنح الجماهير مساحة عدم فهم للرسائل المعنيين بها.