لم يكن الفنان الراحل سراج عمر؛ مجرد موسيقار؛ بل هو حالة فنية عاشتها السعودية طيلة العقود الخمسة الماضية، فقد أخذ "سراج"؛ على عاتقه تطوير التراث السعودي، والأعمال الفولكلورية؛ لتتبوأ مقعدها وسط الحداثة الفنية؛ حيث ترصد "سبق" عبر #كانوا_معنا لقطات من حياته.
قصة السلام الوطني
إلى جانب أعماله الفنية الخالدة، عُرف الفنان الكبير بتطويعه وإعادة توزيعه للحن السلام الوطني السعودي الذي لحنه الموسيقار المصري "عبدالرحمن الخطيب"؛ عام 1948م، ثم كتب كلماته الشاعر "إبراهيم خفاجي"؛ ليعيد "سراج"؛ توزيعه وتطويع اللحن ليناسب الكلمات.
ويقول الصحافي الفني الشهير "على فقندش"؛ الذي صاحب الفنان الراحل، لـ "سبق"؛ متحدثاً حول قصة السلام الوطني السعودي: "في عهد الملك فهد في بداية الثمانينيات اختاروا سراج عمر؛ لتطويع كلام إبراهيم خفاجي؛ للسلام الملكي الذي ألفه الموسيقار المصري عبدالرحمن الخطيب؛ عام 1948م، ومن حب الملك فهد؛ لهذه الخطوة كان يتابع سراج؛ وهو في القاهرة مع زكريا عامر؛ ومهتم بكل خطوات إعداد السلام الملكي، إلى أن انتهى العمل، وقُدِّم للملك"، ويضيف: "هذا يعطينا نبذة عن مكانة وأهمية سراج عمر الموسيقية في السعودية".
اهتمامه بالتراث
وُلد الموسيقار الكبير عام 1365 هـ في جدة، وعلى شواطئها لمس الموسيقى، وبين حواريها وأزقتها تذوق الفنون، واشتغل بالفولكلور والتراث، وأنتج فنياً بغزارة، وغنى له عمالقة الطرب السعودي والعربي، أمثال: محمد عبده وطلال مداح والفنان المصري هاني شاكر، والفنانة المغربية ماجدة عبدالوهاب، والفنان الكويتي مصطفى أحمد.. وغيرهم.
وعلى الرغم من الصداقة الطويلة التي جمعت الفنان الراحل بفنان العرب محمد عبده، إلا أنهما لم يلتقيا غير في أعمال قليلة، بعكس تعاونه الوثيق مع الفنان طلال مداح الذي غنى من ألحانه ما يقارب 40 أغنية.
بداياته ومكانته
نعود لـ "فقندش"؛ الذي يستذكر بدايات صديقه الموسيقار، وكيف أصبح ظاهرة وأيقونة فنية؛ حيث يقول: "كُلف في السبيعنيات من القرن الميلادي الماضي بإعداد جيد للموسيقى التراثية عندما كان يعمل في الخطوط السعودية في مقتبل العمر؛ فقدّمها برؤية موسيقية مميزة، وأصبحت الخطوط الجوية تبثها دائماً، وهذه كانت أولى خطواته في سلم الشهرة".
ويضيف: "سراج عمر موسيقي كبير عارف بألوان الموسيقى ويعرف ما الذي يمكن أن يخدم به بلده من خلال الموسيقى، فهو نتاج أسرة فنية كبيرة، فابن عم والده هو الفنان عرفة صالح"، وهو على ما يبدو ما شجع الفنان الراحل على ممارسة العمل الفني، وتذوق الموسيقى.
قصة إنشاء جمعية الثقافة والفنون
تأسيس جمعية الثقافة والفنون في السعودية قصة يرويها "فقندش"؛ ويقول: "سراج عمر له الفضل في إنشاء جمعية الثقافة والفنون السعودية، فعندما أُسِّست هذه الجمعية في السبعينيات كان سراج هو مَن حصل على الإذن من فيصل بن فهد رئيس الرعاية العامة للشباب، ثم صار مدير فروع المنطقة الغربية ومشرفاً على الفنون".
بساطته وعفويته
عُرف الموسيقار الراحل بالبساطة والعفوية، فقد كانت بداياته في حارة اليمن، ثم انتقل إلى حي الكندرة، ورغم شهرته الواسعة، وذيوع صيته إلا أنه قرر الانتقال للسكن في حي الرويس الشعبي، وكان يشارك الجيران الألعاب الشعبية، وكان يلعب في الحي مع زملائه بكل عفوية، بحسب وصف "فقندش".
ويدلل "فقندش"؛ على بساطة وعفوية "سراج عمر"؛ بقوله: "أراد رئيس اتحاد الفنانين العرب مسعد فودة؛ زيارته في فترة مرضه الشديدة، ويتحرج من ذلك، فكلمت سراج فرحب بقدومه، وتمّ تكريمه وهو في حالة مرضية شديدة".
8 ساعات تلفزيونية
سيكون جمهور الفنان الراحل على موعد مع عمل تاريخي كبير؛ إذ أشار الصحفي "فقندش"؛ إلى أنه صوّر 8 ساعات تلفزيونية مع "سراج عمر" قبل رحيله، لكنه ينتظر الموافقة من وزارة الإعلام لبثّ العمل الذي لم يُذع من قبل، ويكشف فيه أسراراً عن حياة الفنان الكبير.
صراع وتاريخ
تقول الأغنية الشهيرة "مقادير وتمضي حياتي".. وها قد مضت حياة الفنان الكبير في صمت، وانطفأت شمسه بعد صراع مع المرض، ولكن لا تزال أعماله باقية ما بقي التاريخ وما بقي الزمن، تشهد على ذائقته الفنية، وما قدّمه للموسيقى السعودية والخليجية.
