رغم أن تجربتها في فنون القتال لم تتجاوز ثلاثة أعوام، إلا أن المقاتلة السعودية هتان السيف أثبتت أنها تمتلك كل مقومات النجاح العالمي في هذه الرياضة. فقد حققت السيف لقب غينيس للأرقام القياسية بعد تحقيقها أسرع ضربة قاضية في دوري المقاتلين المحترفين – الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بزمن قياسي بلغ 41 ثانية.
ولأن الأضواء لا تخفى عن من يستحقها، تردد صدى إنجازاتها في شتى الوسائط الإلكترونية، وتناقلتها وسائل الإعلام والمنصات الرقمية، لتعلن بوضوح ميلاد نجمة لا تقتصر إشعاعاتها على العالم العربي والخليجي فحسب، بل تتوهج في سماء الرياضة العالمية.
بدأت هتان السيف مشوارها في رياضات المواي تاي والملاكمة، وسرعان ما أصبحت أيقونة في المملكة العربية السعودية بعد أن حققت ذهبية في بطولة العالم للمواي تاي، ثم تابعت رحلتها المحفوفة بالمجد لتحصد الذهب في بطولات الملاكمة. كل نزال كانت تخوضه، كان أشبه بملحمة تتجاوز فيها حدود القوة والسرعة، وتكتب من خلالها فصلاً جديداً من أمجادها.
سطرت هتان السيف اسمها بأحرف من ذهب على الساحة الدولية، حيث أزاحت منافساتها الواحدة تلو الأخرى من أقفاص البطولات العالمية، وكأنها عاصفة تجتاح الميدان بلا هوادة. أداؤها المبهر لم يكن مجرد استعراض للقوة، بل كان لوحة فنية تجمع بين الشجاعة والمهارة، فأسر قلوب الملايين داخل المملكة وخارجها.
وتقول: "أكبر تحدي واجهته كان الاستمرار رغم التعب والتحديات. كان لا بد من الاستمرار".
ما يميز هتان، ليس فقط تفوقها في الحلبة، بل طريقتها الفريدة في إثارة خصومها وجعلهم يشعرون بأنهم أمام مقاتلة استثنائية. كما حدث في نزالها مع المصرية إيمان بركة، حيث ظهرت وكأنها تُراقص الفكرة ذاتها، بين اللكمات والركلات التي كانت أشبه بالبرق في شدتها وسرعتها، مما أذهل الجماهير وجعلها تكتسب المزيد من العشاق في كل مرة تصعد فيها إلى الحلبة.
رغم أن مسيرتها في عالم الفنون القتالية لم تتجاوز ثلاث سنوات، إلا أن السيف أظهرت موهبة فريدة وقدرة غير عادية على تجاوز التحديات. كأن الرياح تهمس بأسرار القوة إلى قدميها، فتتحرك برشاقة الأسد وسرعة البرق. انتقلت من بطولة إلى أخرى، تاركة خلفها خصوماً متحطمين وحشوداً مذهولة من أدائها الذي يتجاوز حدود التوقعات.
هتان لم تكن مجرد مقاتلة، كانت روحاً تتحدى قسوة الحياة، بعد أن فقدت والديها في سن صغيرة. لكن هذه الخسارة لم تكسرها، بل زادت من صلابتها. قالت في إحدى تصريحاتها المؤثرة: "شعرت بأن جلدي انسلخ مني، لكن الله عوضني بوطن كامل يقف بجانبي". تلك الكلمات كانت انعكاساً لعزيمة لا تنكسر، وروح لا تعرف إلا التحدي والمضي قدماً.
وتضيف: "هذا الإنجاز هو فخر للمرأة السعودية والعربية، وسطر فارق في حياتي. إن الرسالة التي أوجهها إلى الشابات السعوديات هي الإصرار الدائم على الأحلام".
ليست الفنون القتالية مجرد رياضة بالنسبة لهتان، بل هي فلسفة حياة. فالفنون المختلطة التي تتقنها – الكاراتيه، التايكوندو، الجوجيتسو والمصارعة – كلها تمثل تجسيداً لجسد واحد يسعى إلى تحقيق الكمال في الأداء.
واختتمت السيف: "كان تحقيق لقب غينيس للأرقام القياسي شيء من الخيال ولم أحلم بالوصول إليه أبداً. ولكنني بكل فخر أهديها لوطني وللمحبين".
ختاماً، هتان السيف ليست فقط رياضية حطمت الأرقام القياسية، بل هي رمز للشجاعة والصمود. في عالمٍ مليء بالتحديات، أثبتت أن الإرادة الصلبة والتفاني يستطيعان كسر كل القيود، وأن النجومية ليست حلماً مستحيلاً، بل حقيقة تعيشها هتان في كل ضربة وفي كل نزال تخوضه.