تأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لجمهورية مصر العربية الشقيقة تلبيةً للدعوة الموجهة لمقامه الكريم من أخيه الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، تأكيدًا للعلاقات السعودية - المصرية المتميزة بين البلدين كما تظهر الروابط التاريخية العميقة التي تربط البلدين قيادة وشعبًا، كما تؤكّد أيضًا الزيارات المتبادلة بين القيادات السعودية والمصرية عمق العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين.
فمنذ أن بدأ الملك المؤسس ـ طيب الله ثراه ـ بناء الدولة السعودية الحديثة في عام 1902 حرص على إيجاد علاقة قوية مع مصر ففي 1926م، عُقدت معاهدة صداقة بين البلدين، ثم وُقعت اتفاقية التعمير بالرياض عام 1939م، التي قامت مصر بموجبها بإنجاز بعض المشروعات العمرانية في المملكة، وأسهمت مصر في النهضة العمرانية السعودية.
وشهدت العلاقة بين مصر والسعودية تطورًا قويًا منذ توقيع معاهدة الصداقة بين البلدين عام 1926م فقد أيدت المملكة مطالب مصر الوطنية في جلاء القوات البريطانية عن الأراضي المصرية ووقفت إلى جانبها في الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية، وتوجت ذلك في 27 أكتوبر عام 1955 بتوقيع اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين.
وأثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وقفت المملكة بكل ثقلها إلى جانب مصر في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وفي حرب أكتوبر قادت المملكة معركة البترول لخدمة حرب أكتوبر، وجاءت هذه الحرب بنتائجها العسكرية السياسية؛ لتثبت حقيقة إستراتيجية مهمة هي أن لقاء السعودية ومصر على إستراتيجية واحدة ممثلة في التنسيق الشامل يمكن أن يحقق الكثير للأهداف والمصالح العربية العليا.
كما سجل الملك فيصل رحمه الله موقفًا خالدًا في الذاكرة السياسية وذاكرة الجيل العربي عمومًا. فعقب حربي 67 و73. حيث بدأ الملك فيصل بن عبد العزيز قبل حرب 1973 بثلاث سنوات، بالحديث موجهًا الخطاب للأمريكيين "إذا أردتم زيادة إنتاجنا للبترول فلا بد أن تعالجوا القضايا التي نواجهها وهي إنهاء الاحتلال"، كما كان موقف المملكة موقفًا أخويًا داعمًا لمصر، وقدمت في 27 من أغسطس عام 1956 نحو 100 مليون دولار للقاهرة، بعد سحب العرض الأمريكي لبناء السد العالي، وفق هيئة الاستعلامات المصرية والعديد من المواقف.
وجاء تميز العلاقة بين المملكة العربية السعودية ومصر لعدة أمور أهمها المكانة والقدرات الكبيرة التي يتمتع بها البلدان على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية، فعلى الصعيد العربي يؤكد المنحى التاريخي أن الرياض والقاهرة هما قطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي العربي وعليهما يقع العبء الأكبر في تحقيق التضامن العربي والوصول إلى الأهداف الخيرة المنشودة التي تتطلع إليها الشعوب العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي.
وتُعد الجالية المصرية أكبر جالية عربية في المملكة العربية السعودية، إذ يبلغ تعدادها ما يزيد على ثلاثة ملايين مصري منتشرين في كل مناطق المملكة ويُسهم وجودها في التطوير والبناء، ويعطي هذا الأمر مؤشرًا عن حجم العلاقة بين البلدين، وترتبط المملكة بمصر بعلاقات تعاون على الصعيد العلمي والتعليمي والثقافي منذ بدء النهضة التعليمية والثقافية في المملكة.
وفي الجانب الاقتصادي هناك عديد المشروعات المشتركة ويأتي على رأسها مشروع الربط الكهربائي وتبادل الطاقة بين مصر والسعودية في إطار منظومة الربط باستثمارات تبلغ 1.5 مليار دولار، ومشروع لإقامة جسر عملاق يربط مدينة شرم الشيخ المصرية برأس حميد في منطقة تبوك؛ وهو ما يتيح تأمين تنقل أفضل للمسافرين بين البلدين من الحجاج والمعتمرين والسياح والعمالة.