ونبّه فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي إلى خطورة ما يمر به المسلمون من خطوب وكوارث, وذكر أن الخطر الأشد حين لا يستكينون لرب العالمين, ولا يستجيبون, ولا بطاعته يعملون, بل في معاصيه منهمكون, وعن شرعه معرضون؛ إذ قال جل وعلا: "فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ", فكانت العاقبة وخيمة, والمآل سيئاً؛ كما جاء في الآية: "فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ"؛ أي: فتحنا عليهم من الأرزاق والخيرات والمتاع المتدفق بلا حواجز ولا قيود؛ استدراجاً لهم, ثم ذكر قوله: "حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ"؛ أي: غمرتهم تلك الخيرات وفرحوا بذلك, بلا تضرع لله ولا شكر ولا خشية له, ولا تقوى, بل انحصرت اهتماماتهم في اللهو واللعب والاستسلام للشهوات المحرمة، وانهمكوا في أنواع الفساد المختلفة, حينئذٍ تأتي السنة الإلهية: "أًخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ", وذلك حينما أعرضوا عن التضرع إلى المولى, ولم تعد النعم تشكر, ولا الكروب تزجر, ولا حسن البيان يرقق, تأتي سنة الله وإن كانت هذه الأمة لا تعذب بالاستئصال الكامل كالأمم السابقة، إلا أنها تعاقب بما يحصل من الشقاء والعناء والتفرق والاختلاف، وحتى يكون بعضهم يقتل بعضاً ويسبي بعضهم بعضاً.