"العصيمي": الحالة المطرية "مدار 22" نادرة في غزارتها ونطاقها الواسع.. وهذه العوامل ساهمت في تشكُّلها

قال لـ"سبق" إنه لا دلالة على تغيُّرات مناخية
"العصيمي": الحالة المطرية "مدار 22" نادرة في غزارتها ونطاقها الواسع.. وهذه العوامل ساهمت في تشكُّلها

تأثرت أجزاء واسعة من السعودية ومنطقة الخليج العربي واليمن وأجزاء من إيران منذ أواخر يوليو الماضي بحالة صيفية ممطرة، ولا تزال تؤثر على بعض المناطق، لكنها اقتصرت أخيرًا على غرب الجزيرة العربية والمرتفعات الجنوبية، وتم توثيق الحالة من قِبل جمعية الطقس والمناخ السعودية عبر لجنة توثيق الحالات المميزة باسم "مدار 22".

وحول الحالة المطرية الصيفية "مدار 22" التقت "سبق" خبير الطقس والتنبؤات الجوية عضو مؤسس جمعية الطقس والمناخ السعودية عبدالله العصيمي؛ ليتحدث عن الحالة المطرية، والعوامل التي ساعدت في وجودها، وهل فيها دلالة على تغيُّر مناخي في المنطقة، إضافة إلى فوائدها وأضرارها، ومدى تأثيرها سلبًا أو إيجابًا على الأمطار الشتوية لهذا العام، والحالات المماثلة لها في السنوات الماضية.

حالة نادرة.. هي الأوسع نطاقًا والأغزر أمطارًا

وقال العصيمي: "بشكل عام، الحالة الجوية تُعتبر نادرة، ويعني ذلك أنها تحدث على فترات متباعدة في حال توافرت الظروف المناسبة -بإذن الله-".

وأضاف: "على حسب السجل المناخي المتوافر، وبدراسة الخرائط الجوية، فإن حالة (مدار22) تُعتبر الأغزر أمطارًا، والأوسع نطاقًا منذ صيف 1992؛ إذ تأثرت المنطقة بحالة صيفية جيدة أيضًا".

وتابع: "السجل المناخي يشير إلى حدوث حالات صيفية ممطرة جيدة بشكل متباعد، ولكن يأتي أهمها 2022 و1992 و1988 و1983 و1960 و1957".

وأكمل العصيمي: "بدراسة الحالة الجوية تم ملاحظة تشكُّل وتضافر عوامل عدة لحصولها بعد مشيئة الله، أهمها:

مرتفع جوي علوي فسح المجال لتقدُّم الرياح الجنوبية الرطبة

تحرُّك المرتفع الجوي العلوي المستقر شمالاً فاسحًا المجال أمام تقدم الفاصل المداري الاستوائي ITCZ ، ويعني اختصارًا تعمق الرياح الموسمية الجنوبية الرطبة المهمة؛ لتشكل السُّحب الرعدية بمساندة المرتفع الجوي في بحر العرب الذي كان قويًّا بسبب برودة المياه هناك.

التيار الشرقي المحمَّل بأطنان كبيرة من الرطوبة"

وأردف العصيمي: "العامل الثاني أن التيار الشرقي، ويُقصد به التيار الاستوائي العلوي في الطبقات العالية والمتوسطة من الجو، المسؤول عن اتجاه السُّحب خلال الصيف من الشرق إلى الغرب، كان محمَّلاً بأطنان كبيرة من الرطوبة منطلقًا من مناطق إندونيسيا وشرق المحيط الهندي بمساندة من العوامل السابقة، وهي تزحزُح المرتفع المداري شمالاً، وقوة المرتفع الجوي في بحر العرب".

دفء مناطق إندونيسيا وبرودة بحر العرب

وتابع خبير الطقس قائلاً: "العامل الثالث هو الرطوبة الكبيرة التي يحملها التيار العلوي الشرقي، وكذلك قوة المرتفع المداري في شمال الجزيرة العربية، واشتداد مرتفع بحر العرب.. وكان ذلك نتيجة للقيم السالبة الشديدة التي يشهدها معامل المحيط الهندي، وهي دفء مناطق إندونيسيا وشرق المحيط الهندي، وبرودة غرب بحر العرب بالتزامن مع تأثير ظاهرة اللانينا المناخية".

غزارة المواسم المطرية على أستراليا والمحيط الهندي

وأضاف: "لذلك فإن مناطق إندونيسيا وأستراليا تشهد أغزر المواسم المطرية منذ سنوات، وفي بعض مناطق أستراليا تم تسجيل أعلى كميات من الأمطار منذ ما يزيد على 150 عامًا؛ ما جعل التيار الشرقي العلوي يسجل أعلى مستويات الرطوبة، وانعكس -بعد مشيئة الله- على قوة الحالة الصيفية الممطرة".

نشاط ظاهرة اللانينا المناخية وتسجيل معامل المحيط الهندي "IOD" قيمًا سالبة

واستطرد: "يفيد السجل المناخي بأن أغلب الحالات الصيفية الممطرة ارتبطت مع تسجيل هذا المعامل قيمًا سالبة كما هو الحال بصيف 2022، وكذلك 1992،1988، 1983، 1960 و1957.

وبشكل مختصر، خصب مناطق الجزيرة العربية خلال الصيف مرتبط بخصب مناطق أستراليا وإندونيسيا وشرق المحيط الهندي الذي يتزامن مع نشاط ظاهرة اللانينا المناخية، وتسجيل معامل المحيط الهندي IOD قيمًا سالبة".

هل تدل على تطرُّف مناخي أو تغيُّر كلي في الأجواء؟

وأردف: "بشكل عام، تُعتبر هذه الحالات نادرة، ولكن ليست الأولى من نوعها، وهي لا تدل على أي تطرف مناخي أو تغير كلي في الأجواء، وإنما نتيجة ظروف مناخية معينة مؤقتة ومتغيرة أيضًا. ويُستبعد علميًّا أن تتكرر في المواسم القريبة القادمة، وخصوصًا مع توقع انتهاء ظاهرة اللانينا بنهاية هذا الموسم".

وتابع: "يُتوقع استمرار فرص الأمطار الأيام القادمة -بإذن الله-، ولكن غالبًا تقتصر على المرتفعات الجنوبية الغربية ومرتفعات مكة المكرمة والمدينة المنورة".

هذه فوائد الأمطار الصيفية وأضرارها

وأردف: "تساقُط الأمطار في مثل هذا الوقت مفيد للآبار ومخزون المياه الجوفية، ولكنها لا تُنبت بسبب ارتفاع الحرارة الشديد، بل قد تضر بالعديد من الحيوانات والنباتات والمحاصيل الزراعية؛ وذلك بسبب ارتفاع ملوحة التربة الناتج عن ارتفاع درجات الحرارة ونِسَب الرطوبة والتبخر الشديد. ويُستثنى من ذلك المرتفعات وبعض المناطق الجنوبية التي تشهد درجات حرارة أقل".

تأثير الحالة على موسم الأمطار الشتوية

وأكمل: "فيما يتعلق بانعكاس هذه الأمطار على موسم الأمطار القادم في الوسم والشتاء غالبًا ستكون العلاقة عكسية -والعلم عند الله-؛ إذ يُتوقع أن تسبب الأمطار الصيفية موسمًا ضعيفًا، وفق دراسة إحصائية لمواسم سابقة؛ إذ إن ما يزيد على 85% من المواسم التي شهدت أمطارًا صيفية في ظروف اللانينا كانت مواسم ضعيفة إلى جافة خلال الخريف والشتاء".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org