تكررت مآسي العروس وفواجعها منذ العام 2009. ورغم المشاريع الجبارة التي قادها وأشرف عليها مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، الأمير خالد الفيصل، والتي أسهمت - بحمد الله - في درء أخطار السيولة المنقولة، خاصة في أحياء شرق جدة، إلا أن جزءًا من الحل كان مفقودًا طوال هذه الفترة، وتمثل في مشاريع التصريف داخل المدينة. وقد فضلت بعض الجهات المختصة الركون إلى الأعمال التقليدية اليومية التي لا تقدم شيئًا للمستقبل بقدر ما تكبّل الحاضر، وتنكأ في جراح أخطاء الماضي!
عاث تجار التراب ردحًا من الزمن فسادًا في كل شيء: عطلوا التنمية، وضخموا الأسعار، وعطلوا المشاريع بصكوك ملكياتهم المضروبة، وحلبوا المالية بالتعويضات الصورية حتى كاد يجف ضرعها.. وأرى بعضهم يتباكى على غرق جدة، وهو ومَن على شاكلته سبب فواجع أهل العروس وتعاستهم!
أما وقد بدأت الدولة حملة وطنية لمحاربة الفساد، وأخضعت القيادة الحكيمة - وفقها الله - الجميع تحت طائلة المساءلة، فإن الوقت قد حان ليدفع هوامير التراب فاتورة جشعهم وممارساتهم الخاطئة في حق الوطن والمواطن، من خلال إلزام جميع مُلاك المخططات بتكاليف تمديدات الصرف الصحي في المخططات التي حصلوا عليها، والتي تضخمت ثرواتهم من خلال بيعها بأسعار فلكية على المواطنين، عندما احتكر هؤلاء الأراضي في داخل المدينة وأطرافها، وأصبح المواطن لا خيار لديه سوى الرضوخ لطمعهم، على أن تتولى الدولة فقط التمديدات في الشوارع الرئيسية. وفي اعتقادي إن تبادل التهم بالتقصير الذي ساد خلال الأيام الماضية لم ولن يكون مجديًا، ولن تمطر السماء حلولاً ما لم تتوافر الإرادة على فرض حلول علمية عاجلة، تعيد الجمال لوجه العروس، وتورث الفرحة لأهلها ومحبيها كافة.