ضرب الشاب "تركي المازني"، رحمه الله، أروع الأمثلة بإحياء النفس البشرية والتكافل الاجتماعي وتحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية؛ عبر التبرع بالأعضاء بعد الوفاة وإنقاذ أربع أنفس بشرية؛ حيث تولى والده تنفيذ وصية ابنه، ولم يتمّ دفن ابنه إلا بعد أنْ تبرع بأعضائه: الكبد والكلى والبنكرياس، وتمت زراعتها بنجاح للمرضى المحتاجين لها.
تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة "تركي" تعكس القصة التي نالت تعاطفًا وإعجابًا واسعًا من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، كما يرويها "والده" عندما ذهب للتبرع بكليته لفتاة لا يعرفها، وأوصى بالتبرع بباقي أعضائه عبر تطبيق "توكلنا" ليفاجأ والده بقراره بدون مقدمات، ثم مات قدرًا بسكتة قلبية مفاجئة قبل دخوله للعملية.
وقال "والده" لـ"الإخبارية": إن ابني، رحمه الله تعالى، كان متبرعًا بالكلية لفتاة لا يعرفها من عنيزة، وكان بالي مشغولًا معهم لأنه أعطاهم أملًا في الحياة وقطع الاتصال معهم، وذهبت لمستشفى الملك خالد وبحثت في السجلات عند الاستقبال، وتبيّن لي أن "تركي" متبرع وكل الأمور جاهزة، لكن القدر لم يمهله، ليفاجأ أخو الفتاة بردي له: إذا تركي عاش هو راح ينفذ وعده، وإذا توفي أنا بنفذ وصيته".
وزاد: "بعدها تواصل معي الدكتور عبدالله سعود من الرياض، وقال لي: يا أبو يحيى هل بتتبرع؟ ما هو رأيك؟ قلت له: الأمر على ما هو عليه، ونفذ وصية تركي رحمه الله. وبعدها بعشر دقائق اتصل عليه دكتور آخر اسمه أحمد الجعفري، فقلت لهم: توكلوا على الله. وبالفعل نقلوه بطائرة إخلاء طبي ومعه طبيب جراح من تبوك الدكتور عبدالله السعدون، وأحمد الجعفري من الرياض".
وتابع: "كنت أتابع الوضع عن كثب في أول يوم انخفضت نبضات القلب، قاموا بعمل إنعاش في اليوم الثاني بدأت في الانخفاض أكثر، قلت لهم: توكلوا على الله وأجروا العملية، وزرعوا الكلية لأحد المرضى في تبوك، والكلية والكبد والبنكرياس تم نقلها بالطائرة، ونقلوا المريض من تبوك إلى مستشفى الحرس الوطني بالرياض، وصلت الأعضاء للمستشفى، وبقي ولدي في الثلاجة، وأبلغوني بأنه تمت زراعة الأعضاء كلها بنجاح، ولله الحمد والشكر، أخذت ولدي من المغسلة إلى المسجد وتم دفنه".
واختتم قائلًا: "نسأل الله تبارك وتعالى أن يرحم تركي رحمة واسعة، هو قدم عملًا نبيلًا وجليلًا، وأوصاني من وقت خروجه من المنزل بدون أي مقدمات: يا أبي، إذا توفيت تبرع بأعضائي كلها، لم أتردد لحظة واحدة؛ لأنه أوصاني ونفذت وصيته وفيها منفعة لغيره، أحيى أربعة أنفس، رحمة الله تعالى عليه".