تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي، الأربعاء الماضي، مقطع فيديو لكرة نارية سقطت قرب منطقة المدينة المنورة، محدثةً ضوءًا شديدًا يميل للأخضر أثناء اختراقها الغلاف الجوي للأرض، وأوضح حينها المختصون بالشأن الفلكي أنها عائدة لنيزك.
وللحديث عن النيازك، التقت "سبق" عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك زاهي الخليوي، الذي قال: "النيازك أجرام مؤلفة من المعادن أو الصخور أو كليهما، تصل الأرض من مدار الكويكبات بين المشتري والمريخ، وعند احتكاكه بالغلاف الجوي يحترق غلافه الخارجي، مكونًا ذيلًا من اللهب وخطًّا من الرماد، وعند وصوله يرتطم بالأرض بقوة لتزايد سرعته في الغلاف الجوي، ويصل الأرض أكثر من 15 ألف نيزك كل عام غالبها صغير وأكثرها يقع في البحار والمحيطات.
وأضاف: "كان بعض الأمم قديمًا يعظمون الصخور المتساقطة من السماء (النيازك)، فكانوا يعتقدون فيها بعض الاعتقادات، ومنهم من يصنع سيفه منها، ومنهم من يعبدها كما هو الحال في صخرة كوبيلي المجلوبة إلى روما من فريجيا 205 ق.م وصخرة حمص "إيميسا" المجلوبة من روما، ومن أقدم المشاهدات لسقوط النيازك عبر التاريخ، أنه في 59 ق.م - 17 ق.م ذكر المؤلف اللاتيني تيتوس ليفيوس عدة حوادث لسقوط النيازك في إيطاليا، وفي 70 ق.م ذُكر سقوط حجر نيزكي في غاليا في ناربونيسس في فرنسا".
وأردف: "من غرائب النيازك سقوط نيزك في نوغاتا بجزيرة كيوشو في اليابان 861م، وقد اعتُبِر حجرًا مقدسًا، وحُفِظ في صندوق خشبي وهو باقٍ إلى اليوم، وفي 980م سقط نيزك في جرجان وصاحبه صوت مريع وارتداده بعد اصطدامه بالأرض كما ترتد الكرة حتى استقر فحُمل لحاكم جرجان.
وتابع: "1492م سقط نيزك في الألزاس بفرنسا بوزن 127 كجم، وتسابق الناس للموقع؛ لأخذ قطع منه لاستخدامها في التعويذات حتى تدخلت السلطات فحفظته في كنيسة إنسيسشايم ثم نقل 1793 إلى أحد المتاحف، ومن أكثر النيازك تدميرًا ما سقط في سيبيريا بالقرب من نهر تونغوسكا 1908م بسرعة 40 كم/ ث، وانفجر قبل اصطدامه بالأرض، وقدر وزنه قبيل الانفجار بـ12 ألف طن، ولم يبقَ منه إلا كتلة بوزن 40 طنًا، وقد أحدث كارثة حيث احترقت الغابات بنصف قطر 20 كم من الموقع، وطرحت الأشجار حتى مسافة 40 كم".
وأكمل: "وفي 15/ 2/ 2013م سقط نيزك في أوبلاست تشيليابينسك في روسيا بسرعة 18 كم/ ث ووزن 12 ألف طن، وانفجر على ارتفاع 25 كم بقوة انفجار تعادل 30 ضعفًا من قوة القنبلة الذرية، وقد أصيب من ذلك حوالي 1500 شخص، ومن أغرب الصدف في النيازك سقوط كرة نارية خضراء في 9/ 10/ 1992م في سماء غرب فيرجينيا لتسقط منه قطعة بوزن 12.4 كجم على سيارة ماليبو حمراء موديل 1980 في مدينة بيكسكيل في مقاطعة ويستشستر في ولاية نيويورك".
وعن أغلى القطع النيزكية، قال "الخليوي": نيزك الفوكانج الذي عثر عليه عام 2000م قرب مدينة فوكانج بالصين بوزن 425 كجم، ويتكون من الحديد والنيكل والزبرجد الزيتوني أحد الأحجار الكريمة، وتتراوح أحجام الزبرجد فيه بين 5 ملليمترات و11 سنتيمترًا، وقُدر سعره بـ2 مليون دولار، ومن أكبر النيازك الحديدية نيزك هوبا الذي عُثِر عليه في ناميبيا عام 1920م بوزن 66 طنًا، بعد حرث مُزارع لأرضه فوجده تحت سطح الأرض، وقدر عمره بـ80 ألف عام، ليعتبر اليوم نصبًا تذكاريًا ومن أهم المزارات السياحية فيها.
وأضاف: "من أقرب النيازك موقعًا نيزك الوبر الذي اكتشفه المستشرق فيلبي عام 1932م بعمق 12 مترًا تحت رمال الربع الخالي، وقدر تاريخ سقوطه بأنه قبل 300 سنة تقريبًا، وقدر وزنه عند سقوطه بـ3500 طن، ويحفظ اليوم إحدى قطعه بوزن 2 طن في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي في الرياض، ومن النيازك المتفجرة ما سقط على مدريد في 11/ 2/ 1896م حيث شوهدت كرة نارية بلون أزرق ساطع ثم انفجرت في السماء بصوت مدوٍّ، لتُحدث هزة أرضية خفيفة بقطر 431 كم، وعثر على بعض شظاياه ويتألف من نواة حديدية بغلاف زجاجي وعدد من المعادن، وفي 12/ 2/ 1947م انفجر نيزك فوق جزيرة سيخوت ألين في الشرق الروسي، ليعثر بعد ذلك على 70 طنًا من قطعه، ويعتقد أن وزنه قبل انفجاره 100 ألف طن، وقد رسمه التشكيلي السوفيتي بي جي ميدفيديف، ثم جعله السوفييت طابعًا بريديًا.
وأردف: "من النيازك ما يحتوي على الألماس ويحملها إلى الأرض، كما في حفرة نوردلنجن جنوب ألمانيا، حيث كشف العلماء أن نيزكًا لا يقل قطره عن 6 كم هوى فوقها بسرعة 15 كم/ ث محدثًا حفرة بعمق 1000م وتناثرت شظاياه على مسافة تجاوزت 15 كم، وقد نشأت 898م مدينة نوردلنجن في وسط الحفرة النيزكية، ظنًا أنه مكان لبركان قديم".
ولم يكشف أن هذه المدينة تقع داخل حفرة نيزكية إلا عام 1960م، وبعد الكشف عن حجارة مباني المدينة تبين أنها تحوي الكوارتز المصدوم الذي لا يوجد سوى في النيازك، وتحوي ملايين قطع الألماس الصغيرة التي حال صغرها المتناهي دون الاستفادة منها.
وعن أكبر الحفر النيزكية أوضح أن حفرة بارنجر التي تقع في ولاية أريزونا في الولايات المتحدة نتجت عن سقوط نيزك يزن 10 آلاف طن قبل 50 ألف عام، لتحدث حفرة ضخمة يبلغ قطرها 1200م، وعمقها 170م، وتلي بارنجر في الحجم حفرة وولف كريك في شمال غرب أستراليا، ويعتقد أنها نشأت قبل 300 ألف عام؛ بسبب سقوط نيزك يزن 50 ألف طن، ويبلغ قطرها 914.5 متر، وعمقها 61 مترًا، ولا يزال المكان الذي دُفِن فيه النيزك واضحًا، تمثله المنطقة المرتفعة في وسط الحفرة.
ومن الحفر النيزكية حفرة جبل الكامل في مصر المكتشفة 2008م عن طريق صور الأقمار الاصطناعية، ويصل قطرها 45م، وعمقها 16م، ويُعتقد أنه سقط فيها نيزك حديدي قبل 2 - 5 آلاف عام قطره 1.3م ووزن 5 - 10 أطنان، وقد وجد بعض شظاياه في الموقع حتى وصل مجموع وزنها 800 كجم، وتزن أكبر قطعة منه 83 كجم.
وختم "الخليوي" قائلًا: "من الحفر النيزكية المغمورة بالمياه حفر شمال كندا، حيث يعتقد العلماء أن خليج هدسون شمال شرق كندا كان حفرة نيزكية، بالإضافة إلى غالب بحيرات شمال كندا، التي تتخذ الشكل الدائري بأنها في الأصل حفر نيزكية فغمرتها المياه".