شهدت العلاقات "السعودية- الكورية الجنوبية" جملةً من التنسيقات والتعاون المستمر في الشؤون السياسية والعسكرية على مدار 60 عامًا، وقد أخذت في النهوض مع زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- إلى كوريا الجنوبية عام 2019؛ حيث شَمِلَ جدول الزيارة حينها أنشطة سياسية واقتصادية وتوقيع 15 اتفاقية بلغت قيمتها 31.1 مليار ريال.
ثم أخذ التعاون يتطور في جوانب متعددة وعلى رأسها الاستثمارات وضخ الأموال في قطاعات حيوية يُتوقع أن تعود بالنفع على البلدين؛ لتقوم هذه الثنائية "السعودية- الكورية الجنوبية" على أساس قديم حافظت معه المملكة على خصوصية وجوهرية هذه الشراكة التاريخية.
وفي الجانب الاقتصادي يمكن القول: إن السعودية هي المصدر الأول للنفط لجمهورية كوريا الجنوبية؛ حتى ارتفعت واردات كوريا الجنوبية من الخام السعودي بنسبة 2.1%، وتُعد عملاق النفط "آرامكو" من أكبر المستثمرين في السوق الكوري.
وعن حجم التبادل التجاري تُعد كوريا الجنوبية واحدة من أهم الشركاء التجاريين للمملكة؛ إذ جاءت في المراتب العشر الأوائل استيرادًا وتصديرًا من المملكة وإليها، وهناك كذلك 120 مشروعًا سعوديًّا كوريًّا مشتركًا بمبلغ يصل إلى المليار دولار أمريكي؛ منها 20% مشاريع صناعية، إضافة إلى مشروعات تجارية واستثمارية أخرى في المملكة.
كما ساعد المنتدى الاقتصادي والتجاري الأول بين المملكة وكوريا الذي أقيم في 2014، في تقوية العلاقات؛ إذ اتفق الجانبان على تعزيز التعاون في مجال الصحة، والطب، وغيرها من النشاطات الواعدة.
وتعكس اللجنة السعودية الكورية المشتركة التي أُسست قبل أكثر من 40 عامًا تقريبًا عمق العلاقة؛ فقد أسهمت في تعزيز المصالح بين البلدين، وتعقد هذه اللجنة اجتماعاتها كل سنتين بالتناوب بين الرياض وسيئول، وآخر ما عُقد الدورةُ الـ19 خلال شهر ديسمبر 2019 في الرياض.
وطوّرت القمة السعودية الكورية التي نُظمت في الرياض عام 2015 مسيرة العلاقات السعودية الكورية، وحرصت القمة على الاستثمار الاقتصادي بقطاعي النفط والإنشاءات، ثم كبر الطموح لتشمل مجالات الثقافة، والأغذية، وأخرى كثيرة.
ولم يتفق البلدان في البرامج الاقتصادية قريبة المدى والأثر فقط؛ بل كان للرياض وسيئول رؤى اقتصادية بعيدة النظر حتى أطلق البلدان "الرؤية السعودية الكورية 2030" في شهر أكتوبر عام 2017، فشُكلت لجنة مشتركة من ممثلي الجهات والهيئات الحكومية ذات العلاقة من الجانبين، لمراجعة التقدم في هذه الشراكة، واعتماد مشروعات الرؤية وخططها التنفيذية، وتذليل الصعوبات في تنفيذها، وبذلك تعتبر جمهورية كوريا واحدة من ثمان دول تتعاون مع المملكة لتحقيق رؤية 2030.
ويتطلع البلدان من خلال الرؤية المشتركة "الرؤية السعودية الكورية 2030"، إلى الاستثمار في مجالات الطاقة، والتصنيع، والبنية التحتية الذكية، والتحول الرقمي، وبناء القدرات، والرعاية الصحية وعلوم الحياة، وهي ذات المستهدفات التي تركز عليها الرؤية السعودية.