فاض به الكيل.. "البلادي" يروي حكاية طالب ثار في وجه معلمه

قال: الطالب خلوق والموقف كشف مأساته الإنسانية
فاض به الكيل.. "البلادي" يروي حكاية طالب ثار في وجه معلمه
تم النشر في

يروي الكاتب الصحفي محمد البلادي عن أحد المعلمين، أصعب موقف مرّ به في حياته المهنية بالفصل، حين ثار طالب مهذب في وجه المعلم، بعد توجيه المعلم كلمة جارحة للطالب؛ لكن هذه الثورة العارمة كشفت تفاصيل واقع مأساوي يعيشه الطالب؛ لافتًا المعلمين إلى أن كثيرًا من الطلاب والطالبات يرزحون تحت جبال من الهموم والمشكلات والضغوط النفسية؛ محذرًا المعلم من أن يكون القشة التي تقصم ظهر الطالب.

ثورة طالب في الفصل

وفي مقاله "لا تكن القطرة التي أفاضت الكأس!!" بصحيفة "المدينة"، يقول البلادي: "يروي أحد الأصدقاء المعلمين أن أصعب موقف مر عليه في حياته العملية؛ كان عندما وجد أحد طلابه في المرحلة الثانوية نائمًا في الفصل، ولما أيقظ المعلم ذلك الطالب -المشهود له بحسن الخلق وبالتعامل الراقي- قام بتوبيخه؛ فانتفض الطالب فجأة، ورد على المعلم ردًا قاسيًّا لا يتناسب مع الموقف، وغير متوقع منه شخصيًّا؛ مما فاجأ المعلم وجميع الطلاب الذين تملكتهم الدهشة لتصرف زميلهم الخلوق الذي خرج من المدرسة غاضبًا. يضيف المعلم: أصعب ما في الأمر، أنني اكتشفت فيما بعد أن هذا الطالب الحليم الخلوق، هو العائل الوحيد لأسرته، وكان يعمل ليلًا، ويحضر للمدرسة صباحًا، ويبدو أن النعاس قد غلبه ذلك اليوم، ولم تتحمل أعصابه تلك الكلمة الجارحة التي وجّهتها له أمام زملائه؛ فكانت الغضبة العارمة".

اتق ثورة الحليم

ويعلق البلادي قائلًا: "تقول العرب: (اتق ثورة الحليم)، والمعنى أن هذه الثورات النادرة لا تأتي إلا بعد ضغوط وأحمال نفسية كبيرة، وبعد نفاد كميات هائلة من هرمونات الصبر والتأني؛ لذا تكون في الغالب عاصفة وقوية وربما شرسة.. ويشيرون إلى هذه الحالة النفسية التي يصلها البعض بـ"القشة التي قصمت ظهر البعير"، أو بالنقطة التي أفاضت الكأس.. فالكأس يظل لوقت طويل يستقبل قطرات الماء ويحتويها بصمت وصبر، حتى يصل حدًّا تشكل معه أي قطرة إضافية تهديدًا بالفيضان.. وكذلك حال البعير الذي قد تكسر ظهره قشة صغيرة؛ ليس لأنها ثقيلة؛ بل لأن البعير محمّل أصلًا بما يفوق طاقته، أو لأنها جاءت في غير وقتها".

ضغوط الحياة

ويخرج "البلادي" بالموقف/ الدرس من داخل الفصل إلى الحياة في الخارج، ويقول: "يحدث كثيرًا أن نشاهد أحدهم يثور لسبب قد يبدو لك لأول وهلة أنه سبب تافه، لا يستدعي الغضب.. لكن أسلوب الحياة التي نعيشها اليوم والضغط المادي جدًّا للرأسمالية المتوحشة التي (سلعت) كل شيء في حياتنا تقريبًا، وأسرفت في إرهاق الإنسان -حتى لا أقول إذلاله- حمّلت الإنسان أحمالًا لا طاقة للكثيرين منا بها؛ بل إنها حوّلت معظمنا إلى جمال مثقلة بالهموم والضغوط التي لا تحتمل قشة صغيرة؛ فاحذر أن تكون أنت تلك القشة القاصمة لظهر أخيك، أو أن تكون القطرة التي تريق كأسه الممتلئ".

همسة في أذن كل إداري

وفي النهاية، يهمس "البلادي" في أذن المعلم قائلًا: "إذا كنت معلمًا أو أستاذًا في الجامعة؛ فاعلم أن كثيرًا من الطلاب والطالبات يأتونك وهم يرزحون تحت جبال من الهموم والمشكلات والضغوط النفسية.. وأنهم يعانون سوء التعامل؛ سواء من الأهل أو حتى من المدرسة؛ فكن لهم ولا تكن عليهم.. وإذا كنت مديرًا أو صاحب عمل، فاعلم كذلك أن كثيرًا ممن حولك قد أرهقتهم قسوة الحياة وظروفها، فراعِ تلك الأحمال التي قد تحملها أنفسهم.. واحذر أن تكون القشة التي تقصم ظهر بعير جنودك.. في العلاقات الإنسانية حاول أن ترى بقلبك.. فالقلوب تبصر أكثر".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org