أضافت الدول الداعية لمكافحة الإرهاب كيانات جديدة وأفراداً لقائمة المنظمات الإرهابية؛ حيث جاء في إعلانها أنه في ضوء التزامها بمحاربة الإرهاب، وتجفيف مصادر تمويله، ومكافحة الفكر المتطرف وأدوات نشره وترويجه، والعمل المشترك للقضاء عليه، وتحصين المجتمعات منه، وفي إطار جهدها المشترك بالتعاون مع الشركاء الفاعلين في محاربة الإرهاب، فإنها تعلن إضافة كيانين وأحد عشر فرداً إلى قوائم الإرهاب المحظورة لديها؛ حيث كانت أبرز هذه الكيانات الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والمجلس الإسلامي العالمي "مساع".
حرب "الحمدين" دينية
التصنيف الأخير للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين تأخّر كثيراً، ويعتبر هذا الاتحاد أحد أذرع تنظيم "الحمدين" في حربه على المملكة العربية السعودية وعلمائها، فقد كانت مساعي هذا التنظيم واضحة لإسقاط هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وإبدالها بهذا الاتحاد؛ لتمرير أفكار الإخوان المتطرفة إلى أقطار العالم الإسلامي.
"حرب نظام الحمدين الدينية" على السعودية هي الأخطر وما فتئت ماكينة هذا النظام الإعلامية تشكّك في علماء السعودية، وتهوّن من قدرهم، وتحاول الإساءة إليهم عبر أذرعه الناطقة باللغتين الإنجليزية والعربية، وبلغت ذروة الهجوم عليهم عندما انطلق الربيع العربي الذي عارضته هيئة كبار العلماء؛ نظراً لحرمة الخروج على الحاكم؛ بسبب المفاسد المترتبة على هذه الحركات، وهو الأمر الذي يتناقض مع مخطط تنظيم "الحمدين" الفوضوي في المنطقة.
التشكيك بكبار العلماء
ولم تشكّل هيئة كبار العلماء صداعاً لهذا النظام واتحاده الإسلامي فحسب، بل كان يرى تنظيم "الحمدين" هذه الهيئة عقبة كبرى تفشل مخططاته بشكل حاسم؛ نظراً لما تتمتع به من شرعية دينية ومرجعية حاكمة للدين الإسلامي وللأمة الإسلامية.
تنصيب "القرضاوي"
وبهدف إسقاط شرعية هيئة كبار العلماء ومحاولة إضفاء شرعية دينية لهذا النظام لتمرير أهدافه وأفكاره في العالم الإسلامي، بادر بإنشاء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عام 2004، ونصّب يوسف القرضاوي رئيساً له، واختير مقر له في لندن في البداية، ثم تحول مقره إلى قطر.
حسابات السخرية
كان الهدف الأكبر إيجاد شرعية دينية بديلة تنساق مع أهواء هذا النظام، وتروج لأفكار الإخوان المتطرفة، ورافق هذا التأسيس حرب إعلامية كبرى تستهدف هيئة كبار العلماء في السعودية عبر المنصات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي وخاصة "تويتر"، وبرزت معرفات وحسابات وهمية في مواقع التواصل الاجتماعي هدفها الوحيد فقط السخرية من هيئة كبار العلماء، وضرب مصداقيتهم، وهي معرفات مرصودة تغريداتها ومواقعها.
جامع ونسب!
أكثر من ذلك قام تنظيم "الحمدين" بإنشاء جامع في قلب الدوحة، وأسماه جامع الشيخ محمد بن عبدالوهاب، ولم يكتفِ بذلك، بل نسب نفسه وعائلته إلى عائلة المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وهو ما نفته العائلة في بيان لها نشرته "سبق" في حينه.
البداية من لندن
نشأة هذا الاتحاد كانت مثار جدل كبير، حيث انطلق من لندن، وقيل بدعم مخابرات دولة غربية وبأموال قطرية، أما التساؤلات حول تسمية هذه المنظمة الإرهابية اتحاداً عاماً لعلماء المسلمين فهي كثيرة، فمن انتخب هذا الاتحاد؟ ومن عيّن رئيسه يوسف القرضاوي؟ الذي هو أول من أجاز العمليات الانتحارية وتسبب في إزهاق أرواح مسلمة كثيرة، بخلاف النظرة المشوهة للإسلام التي خلّفتها هذه الفتوى؟
الفتاوى المسيئة
ولم تكن هذه الفتوى الفظيعة آخر الفتاوى التي حاولت تحطيم سماحة الإسلام، بل كان هذا الاتحاد مصدراً للفتاوى المسيئة للإسلام، ففي عام 2013 أطلق الشيخ المغربي عبدالباري الزمزمي نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، حينها، فتاوى غريبة أثارت الدهشة والاستغراب في كامل العالم الإسلامي؛ بعد أن تمادى في الفتوى الشاذة إلى درجة غريبة، الأمر الذي خلف ردود فعل كبيرة منددة بهذا المنحى الخطير والبائس لدى بعض من يدّعون أنهم رجال دين.
معاشرة الجثث
فقد أفتى هذا الشيخ بجواز ممارسة الجنس مع الجثث، بشرط وجود عقد قران شرعي قبل الوفاة؛ حيث أجاز مضاجعة الزوجة الميتة، قائلاً إن المرأة حلال جنسياً لزوجها حتى بعد وفاتها، فعقد الزواج لا ينتهي بالوفاة، والرجوع إلى القرآن نجد أن الزوج والزوجة قد يظلان سوياً في الجنة! هذه الفتوى انتشرت في كل وسائل الإعلام في العالم، وباتت محل سخرية واشمئزاز؛ نظراً لما تسببت به من أذى لأكثر من مليار مسلم، بخلاف تشويهها للدين الإسلامي.
أما الفتاوى الجهادية فهذا الاتحاد هو بيتها ومقرها، ولم تصدر فتاوى جهادية في العالم إلا خرجت بتوقيع هذا الاتحاد الذي يروج لكل الجماعات المتطرفة في العالم، ويدعو لدعمها والدعاء لأفرادها ونصرتهم، هذه هي أدبيات الاتحاد؛ فمنهم الفتوى، ومن تنظيم "الحمدين" المال.
التطرف بالإنجليزية!
الأدهى من ذلك أن هذا الاتحاد لم يكتفِ بالعالم العربي لنشر ضلاله، فقد قام بإنشاء موقع باللغة الإنجليزية يهدف إلى التغرير بكل شخص حديث بالإسلام، وقام أعضاء هذا الاتحاد بنشر التطرف والكراهية في المجتمعات الغربية عبر القيام بمحاضرات ممولة ومدعومة جيداً من قطر، والأسوأ من ذلك أن أعضاء هذا الاتحاد استغلوا الحريات التي تمنحها المجتمعات الغربية لهم، وقاموا بتكفير هذه المجتمعات، ونشر الكراهية بين أعضاء المجتمع الواحد؛ بل أجازوا العمليات الإرهابية التي تستهدف هذه الدول!
حدث غير مسبوق
القرار بتصنيف هذه المنظمة إرهابية يُعتبر حدثاً جديداً غير مسبوق، يكشف عزم هذه الدول على كسر شوكة الإرهاب والتطرف، فمن أهم أسباب القضاء على الراديكالية الإسلامية وتمويلها هو سحب شرعية هذا الاتحاد، وتجريم داعميه؛ تمهيداً لحلّه، وهو ما يعني سدّ أحد أهم أسباب انتشار التطرف والإرهاب في المنطقة والعالم.