أقيمت، أمس الأحد، الجلسات والمعرض المصاحب للمؤتمر البحري السعودي الدولي في فندق "الريتز كارلتون"، برعاية ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وبحضور متحدثين من داخل المملكة وخارجها، وسيستمر حتى غد الثلاثاء.
واتفق المتحدثون في جلسات المؤتمر البحري السعودي الدولي عقب افتتاحيته، على أهمية حماية الممرات المائية الدولية من عمليات القرصنة والسطو؛ لتأمين الأنشطة التجارية الدولية، مشدداً على أن مهمة تعزيز استقرار المياه الدولية هي مسؤولية كل دول العالم وليس قوات التحالف الدولي.
وجاءت الجلسة الأولى بعنوان "نظرة عامة على الممرات البحرية الاستراتيجية"، التي تحدث فيها قائد القوات البحرية الملكية السعودية الفريق الركن فهد بن عبدالله الغفيلي، الذي أكد أن الأمن البحري مرتكز على بناء الثقة بين جميع الأطراف المعنية في الأمن البحري.
وناقشت الجلسة عدة محاور، وهي الممرات البحرية الاستراتيجية وتتضمن أوراق عمل حول التحديات البحرية الإقليمية، والموقف البحري والأحداث الأخيرة في البحر الأحمر والخليج العربي، والمبادرة الصينية "حزام واحد وطريق واحد"، والمسح الهيدروغرافي لمخططات الأمن البحري، ومساهمة الابتكارات في مساعدة القوات البحرية لتأمين الممرات البحرية، وتوافق الأنظمة القتالية البحرية.
وقال اللواء البحري الركن علي الغانمي إن "المملكة العربية السعودية لديها ما يقارب 16٪ من احتياطي النفط في العالم، لذلك هي من أكبر المصدّرين للنفط الخام في العالم"، مبيناً أن الحدود والممرات البحرية في المملكة تنقل أكبر منتجات النفط، بما يقارب 12 مليون برميل نفط يومياً.
وأشار إلى أن نقاط الاختناق والمعابر البحرية مسؤولة تقريباً عن 61٪ من احتياطي الوقود في العالم والمنتجات البترولية، موضحاً أن مضيق هرمز هو الأهم في العالم بتدفق نفط بما يقارب 19 مليون برميل يومياً في العام الجاري 2019.
ومن جهته أكد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور فيصل الصعاق، في كلمته التي ألقاها بعنوان "الهيدروغرافي في الأمن البحري"، أن الهيدروغرافي هو فرع من فروع العلوم التطبيقية، والذي يعنى بقياس ووصف الخصائص المادية للبحار والمحيطات والأماكن السياحية، ووضع الأهداف الأساسية للأمن الغذائي لدعم الأنشطة البحرية والتنمية الاقتصادية والأمن والسلامة.
وأشار إلى أننا بحاجة إلى الهيدروغرافي لإدارة منطقة السواحل والمحافظة عليها، ولأمن وسلامة الملاحة، حيث إن 90٪ من الصادرات والواردات من التجارة العالمية تمر عبر البحار.
وأشار المتحدثون في المحور الثاني من المؤتمر، والذي أقيم بعنوان "الأمن والتهديد بالمنطقة" إلى أن قوات التحالف تبذل قصارى جهدها من أجل استقرار الأمن، وأنها تراقب حركة آلاف السفن؛ للتأكد من قانونية انتقالها، وأنها تستخدم القطع البحرية والجوية لضمان الأمن في المضايق البحرية.
وقال اللواء البحري الركن أحمد البريكان من القوات البحرية الملكية السعودية: "هناك وسائل وطرق اتبعها البحرية البريطانية من أجل حماية أسطولها البحري، عبر إدارة المخاطر، في المجال البحري، لتعزيز الرخاء في المملكة المتحدة، والمساعدة في بناء عالم مستقر".
وأضاف: "هناك عالم هولندي، ابتكر مرتكزات أربع، وهي التطوير البيئي، وتطوير الاقتصاد، وتعزيز الأمن القومي، وقوة البحر، وهذه العوامل مجتمعة تعمل على تعزيز الأمن البحري".
وشدد "البريكان" على أهمية الجغرافيا السياسية، في دراسة تأثيرات الكرة الأرضية، والتوزيع البري على الأمور السياسية، حيث إن هناك علاقة تأثير بين السياسية والجغرافيا، ويدخل في ذلك العلاقات الدولية.
واختار العقيد "كروزبي" من القوات البحرية الملكية البريطانية أن يتحدث عما شهدته المنطقة من أحداث سياسية وعسكرية خلال شهور مايو ويونيو ويوليو، وقال: "المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية وأستراليا وألبانيا وغيرها من الدول، كانت لاعباً رئيسياً في هذه الأحداث التي شهدتها المنطقة، كما شاركت الولايات المتحدة في هذه الأحداث بشكل أو بآخر، وربما يفسر هذا الأمر مجيئي إلى هنا بالذي العسكري، وليس المدني، وما لفت نظري بالفعل مشاركة ألبانيا في تلك الأحداث؛ لأنها أدركت خطورة الموقف عليها، وضرورة أن يكون لها دور في صدّ هذا الخطر عنها".
أما العميد البحري الركن سامي العقيل من القوات المشتركة، فشدد على أهمية حماية المضايق البحرية الدولية؛ للمحافظة على استقرار التجارة الدولية، وقال: "نحن ندرك أهمية البحار في نشر المعرفة وتعزيز العلاقات وتبادل الثقافات بين الدول، وهذا يفسر لنا أسباب تشييد الحضارات على مقربة من البحار".
وأضاف: "عبر التاريخ البشري، كانت البحار مهمة جداً للإنسان، وكانت الطرق البحرية هدفاً للعصابات المختلفة، التي أرادت السيطرة على خيرات البحار ومقدراتها، ومن هنا، قامت الأمم المتحدة بتطوير الإجراءات، وسن القوانين والأنظمة لحماية البحار من أعمال القرصنة والسيطرة عليها، وكانت منطقة الشرق الأوسط من المناطق المستهدفة من هذه القوانين ولأنظمة".
وتابع: "اكتشاف النفط والغاز كان فصلاً مهماً لتعزيز أهمية البحار، في تسويق هذه المنتجات، ونقلها من الدول المصدرة، إلى الدول المستوردة، وهناك أعمال قرصنة، تمت مقاومتها من قبل رجال خفر السواحل، ولعل ما تعرضت له شركة أرامكو السعودية هذا العام، لهجوم على منشآتها النفطية، من أخطر الأعمال التي شهدتها مياه الخليج العربي، وأيضاً تعرّض السفينة البريطانية للحجز في مياه الخليج، رغم أنها ترفع علم بريطانيا، وهذا الأمر يشير على عدم توقع الأمور والاحتياط لها بالشكل المطلوب".
وأوضح أن "القوات الأمريكية تتفاعل مع هذه الحوادث، وتحرص على مساعدة الذين يحتاجون إلى مساعدتها، ومن منطلق القيم والمبادئ التي تؤمن بها البحرية الأمريكية، وهذا يعزز أهمية المشاركة بين الدول، والتعاون فيما بينها لحماية المصالح العامة للدول في المياه الإقليمية".
وكشف المقدم "روب شو" من القوات الأمريكية والقوات البحرية المشتركة، عن توجهات البحرية الأمريكية في المنطقة، والدور الذي تلعبه لمكافحة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط.
وقال: "كنا حريصين على نشر الأمن في المنطقة وتعزيز الاستقرار في البيئة البحرية في الخليج العربي، والمحيط الهندي، وأخذنا كل التهديدات التي تصدر هنا أو هناك على محمل الجد، وتتعامل الدول المشاركة في التحالف الدولي بكل جدية مع هذه التهديدات، وننسق الأدوار بيننا للوصول إلى أفضل توافق لمواجهة التحديات".
وأضاف: "التحالف مكون من 33 بلداً حول العالم، وكل قارة تشترك بقوات لحماية التجارة العالمية، مدركة أن أي تهديدات ستؤثر على مستقبل التجارة الحرة، في الوقت نفسه، هناك دول خاملة، ليس لها أي مشاركة في التحالف الدولي، ونحن نراقب حركة أكثر من 500 سفينة في المنطقة؛ لضمان الاستقرار في البحار".
أما المقدم "بين كيث" من القوات البحرية الملكية البريطانية، فركز حديثه على إحصائية لشهري أغسطس ويوليو، وقال: "رصدنا خلال هذه المدة حركة 6000 سفينة و2000 سفينة عبرت باب المندب، ونلاحظ أن وتيرة التهديدات بالمياه الدولية في منطقة الشرق الأوسط تزيد أحياناً وتنقص أحياناً أخرى، وأستطيع التأكيد على أن التهديدات على الخطوط التجارية في زيادة مستمرة، ووجودنا هنا، هدفه ضمان استقرار حركة التجارة الدولية في المنطقة".
وأضاف: "نواجه العمليات غير القانونية؛ لضمان الأمن البحري، ونحن نبذل الجهود لإيجاد الحلول الدولية؛ لتعزيز الأمن في المياه الدولية، ونستخدم من أجل القيام بهذه المهمة، القطع البحرية العسكرية والطيران الحربي، لحماية المضايق الرئيسية".
وتابع: "ندعو الدول غير المشاركة في التحالف الدولي، إلى المشاركة فيه، لتعزيز القوات العسكرية الداعمة لاستقرار المياه البحرية، علماً بأننا لا نوفر خدمات حماية مرافقة للسفن التجارية، وإنما ندعم الاستقرار في المنطقة بشكل عام، وهذا يشير إلى أن عملنا دفاعي وليس هجومياً".