عانت بعض الدول الإفريقية من ظاهرة الجفاف المائي، التي أثرت على الحياة الطبيعية في دول القارة، وأدت هذه الظاهرة إلى شح في المياه وعجز في ثروة المصادر المائية؛ مما كان له أثر بشكل سلبي على احتياجات وسبل عيش الإنسان الأساسية والثروة الحيوانية والنبات، وانخفاض معدل نمو المحاصيل الزراعية، وزيادة الأمراض والأوبئة المرتبطة بسوء التغذية الناتجة عن الجفاف.
وفي ظل هذه الأزمة أطلقت المملكة العربية السعودية في عام 1982م خلال مؤتمر القمة الإسلامية الذي عُقد في مدينة مكة المكرمة، مبادرة البرنامج السعودي لحفر الآبار والتنمية الريفية في إفريقيا، بهدف الإسهام في الوصول إلى الأمن المائي والغذائي والحفاظ على الصحة العامة.
وفي إطار سـعي الصندوق السعودي للتنمية للحد من آثار الجفـاف وتعزيز الصحة العامة والأمن المائي والغذائي؛ فإنه يعمل على تكثيف الجهود الإنمائية لتوفير المياه النظيفة الصالحة للشرب والحد من التلوث البيئي، وتخفيف أعباء المشقة في جلب المياه والتكاليف المرتبطة بها في مختلف الدول الإفريقية؛ فضلًا عن تعزيز نمو القطاع الزراعي للإسهام في استدامة الاكتفاء الذاتي في دول القارة.
وبدأ البرنامج في مرحلته الأولى بدعم قيمته 100 مليون دولار، وعلى الرغم من تحقيق النجاحات في توفير المياه في مختلف الدول الإفريقية؛ إلا أن موجات الجفاف استمرت في السنوات اللاحقة، وتزايدت رقعة تأثيرها على الكثير من المناطق الريفية في عدد من الدول؛ مما استدعى استمرار تنفيذ البرنامج وإطلاق مراحل جديدة من الصندوق السعودي للتنمية، ليدعم مناطق أخرى لمواجهة هذا الخطر المحدق، واستمرت مراحل البرنامج على مدى أكثر من أربعة عقود حتى وصلت إلى المرحلة الخامسة؛ إذ تم حفر وتجهيز أكثر من 8800 منشأة مائية نظيفة وصالحة للشرب، في حوالى 19 دولة إفريقية، ليخدم ذلك الدعم أكثر من 4.5 مليون نسمة.
وقد يسبب نقص الماء الصالح للشرب والصرف الصحي والزراعة، انعدام الأمن الغذائي، وانتشار الأمراض والأوبئة، وتفشي سوء التغذية والجوع، واللجوء إلى الهجرة، ووقوع خسائر اقتصادية.
"صافية سايدي" من قبيلة ماندينكا وهي مواطنة جامبية تبلغ من العمر حوالى 50 عامًا، التقت منسوبي الصندوق السعودي للتنمية أثناء رحلتهم لجمهورية جامبيا، وهي مستفيدة من أعمال البرنامج في جامبيا، منذ أن كانت طفلة صاحبة 12 عامًا؛ حيث حفرت البئر التي تستفيد منها صافية في عام 1985م، وهي تأتي كل يوم وتأخذ الماء لتستفيد من ذلك البئر هي وعائلتها، وتشكر المملكة العربية السعودية على ذلك، وقالت: "معظم السكان يعتمدون على هذه البئر منذ سنوات لأجل تحقيق الأمن المائي والغذائي لهم".
وذكرت "صافية" أنها تعمل على استدامة هذه البئر من خلال الاعتناء بها، ومتابعة صيانتها بالتعاون مع الأهالي والسكان؛ فهي من تشرف تطوعًا على استدامتها.
ومنذ أن حُفرت هذه البئر وهي تضخ الماء للسكان؛ حيث تستفيد منها قريتان وتخدم حوالى 2000 نسمة يتواردون عليها ويردون منها، وهي ضمن البرنامج السعودي لحفر الآبار والتنمية الريفية في إفريقيا.