وصف خبراء واقتصاديون دعوة ولي العهد، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، لرئيس الوزراء ووزير الدفاع التايلاندي برايوت تشان أوتشا لزيارة السعودية غدًا الثلاثاء بـ(التاريخية)؛ إذ تأتي بعد 32 عامًا من انقطاع العلاقات بين البلدين، وأكدوا أنها تجسِّد حكمة وحضارة السعودية، وتعكس نهج التسامح دون تفريط في الحقوق.
واعتبروا الزيارة التي تستمر على مدار يومين، وتشهد توقيع عدد من الاتفاقيات، وإجراء مباحثات سياسية واقتصادية، نجاحًا جديدًا للدبلوماسية السعودية المنفتحة على جميع دول العالم، وأشاروا إلى أنها تعكس أهداف ومرتكزات رؤية السعودية 2030، وتكشف عن بُعد نظر القيادة وحكمتها في التعامل مع جميع الملفات.
أهداف ومكاسب
وتوقَّع الدكتور عبدالله صادق دحلان، رئيس مجلس الأمناء في جامعة الأعمال والتكنولوجيا، أن تعالِج الزيارة جذور الخلافات بين البلدين، وأسباب قطع العلاقات في عام 1990م؛ إذ إنها تأتي بعد مشاورات نتج منها تقريب وجهات النظر في العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك حرصًا على استمرار التشاور والتنسيق وتبادل وجهات النظر حيال تلك القضايا؛ إذ كشفت تكهنات وتقارير إعلامية عالمية وعربية أن المسؤول التايلاندي سيعرض خلال الزيارة استعداد بلاده لتقديم تعويضات مالية مجزية للضحايا الدبلوماسيين، وإعفاء المواطنين السعوديين من تأشيرة الدخول، إلى جانب تسهيلات كبيرة للاستثمار في مجالات النفط وتكريره والتعدين والاستزراع السمكي في بلاده.
وشدد على أن المبادرة الكريمة لولي العهد الأمين، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، تعكس المقاربة التي ترتكز عليها الدبلوماسية السعودية في علاقاتها الخارجية، والانفتاح الكبير على دول العالم، مثلما تبرهن على نهج التسامح مع التمسك بالحقوق، وتحقيق جملة من المكاسب والأهداف.
مصالح مشتركة
ودعا الدكتور صالح الطيار، الاقتصادي ورئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي، إلى النظر للمبادرة والزيارة بمفهوم واسع، يواكب الرؤية الثاقبة والحكمة الرشيدة التي تتمتع بها القيادة السعودية؛ إذ إن الخلافات لن تبقى للنهاية، علاوة على أنه يمكن معالجة أي شيء بالحوار، ولاسيما أن هناك مكاسب كبيرة ومصالح مشتركة يمكن أن تساهم فيها العلاقات بين البلدين، التي تبدأ بزيارة رئيس وزراء تايلاند، وفتح صفحة جديدة.
ولفت إلى أن الاقتصاد التايلاندي من الاقتصاديات الصناعية الحديثة، ويعتمد بشكل كبير على الصادرات التي تمثل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي؛ فقد شهدت البلاد في الفترة الأخيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8 %؛ وهو ما يجعلها واحدة من أسرع اقتصادات آسيا نموًّا، وتحديدًا الأسرع نموًّا في منطقة شرق آسيا. وتحتل تايلاند المرتبة الـ24 بين أكبر الاقتصادات في العالم، وتصنف الثانية علي مستوى جنوب شرق آسيا بعد إندونيسيا، وتحتل الترتيب الرابع على منطقة جنوب شرق آسيا بالنسبة للناتج المحلي للفرد بعد سنغافورة وبروناي وماليزيا.
مصانع سيارات
وشدد المستشار القانوني والاقتصادي هاني الجفري على أن عودة العلاقات ستعود بكثير من المكاسب على الاقتصاد السعودي، ولاسيما في المرحلة المقبلة التي تشهد التركيز بشكل كبير على الصناعة والتكنولوجيا ورفع الصادرات غير النفطية، فمن المتوقع أن تشهد الزيارة حزمة إجراءات لإعادة العلاقات بين البلدين إلى مسارها الطبيعي، وستتضمن أيضًا تقديم عرض بإمكانية المساهمة في إنشاء مصانع في السعودية للسيارات وقطع غيارها، ومصانع للأجهزة المنزلية والزراعية، وإجراءات لاستقدام العمالة التايلاندية وبتكاليف تفضيلية.
ويشير إلى أن تايلاند ستحاول المضي قدمًا في تطوير العلاقات مع الرياض تقديرًا للمبادرة الكريمة والتاريخية لولي العهد، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، التي كسرت الجمود في العلاقات على مدار ثلاثة عقود من الزمن، وسيساهم ذلك بدوره في تحقيق المصالح المشتركة المتبادلة للبلدين على أكثر من صعيد.
بُعد نظر
وأوضح الدكتور عادل الصحفي، مستشار الشؤون الاقتصادية، أن مبادرة ولي العهد ودعوته التاريخية لرئيس وزراء تايلاند لزيارة السعودية تكشفان عن بُعد نظر القيادة الحكيمة، وقدرتها على قراءة المستقبل بآفاق واسعة؛ إذ ستفتح عودة العلاقات بين البلدين أسواقًا جديدة للمملكة، وتوفر العديد من الفرص الاستثمارية الكبيرة، ولاسيما أن تايلاند تملك اقتصادًا واعدًا، وتُعدُّ من الدول التي تواجه الأزمات بصورة مبتكرة؛ فرغم أن عدد سكانها وصل إلى 70 مليون شخص إلا أنها من الدول التي تتمتع بمستوى دخل فرد عالٍ، ولديها قدرة على الصناعة والإنتاج، وبدأت تتعافى سريعًا من جائحة كورونا العالمية، ومن موجات انخفاض الإنتاج في السنوات الماضية.
وأشار إلى أن السعودية قادرة على إدارة ملف العلاقات مع تايلاند بصورة تعود بالنفع على المواطن، وتساهم في تنمية الاستثمارات في الداخل والخارج، وتحقيق فوائد كبيرة على مختلف الأصعدة، مع الأخذ في الاعتبار أن تايلاند تتمتع بتوفير العمالة الرخيصة، وكذلك تعد من أقل الدول إنفاقًا في السياحة.