بئر زمزم الذي يضمّ الماء المبارك خير ماء على وجه الأرض، الذي لم ينفد منذ أن أسكن خليل الله إبراهيم عليه السلام ذريته بوادٍ غير ذي زرع عند بيت الله المحرم.
وهو طعام طعم وشفاء سقم نبع بأمر الله بين يدي السيدة هاجر وابنها الرضيع إسماعيل، عليه السلام، حين اشتدّ بهما العطش؛ فكانت رحمات الله تنزل عليهما من خلال إغاثتهما بماء زمزم المبارك.
ويعتبر بئر زمزم من العناصر المهمّة داخل المسجد الحرام، وهو أشهر بئر على وجه الأرض؛ لمكانته الروحية المتميزة وارتباطه في وجدان المسلمين عامة، والمؤدّين لشعائر الحج والعمرة خاصة. وتقع البئر شرق الكعبة المشرفة على بعد 21 مترًا في صحن المطاف بالمسجد الحرام محاذية للملتزم، وسبب تسمية زمزم بهذا الاسم أنه لما خرج الماء جعلت هاجر تحوط عليه وتقول: "زمي، زمي".
وتشرف الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي على ضمان نقاوة مياه زمزم، وتأمين وصولها للمعتمرين والقاصدين بأيسر السبل؛ وذلك بسحبها من بئر زمزم وتنقيتها وتوزيعها آليًّا بأحدث التقنيات العالمية؛ وذلك حماية للماء المبارك من التلوث بعد خروجه من البئر.
وتمرّ رحلة المياه المباركة من بئر زمزم وصولًا لقاصدي المسجد الحرام والمسجد النبوي، بعدة مراحل؛ منها التنقية والتعقيم، وذلك بضخّ المياه الخام من بئر زمزم عن طريق مضختين عملاقتين بقدرة "360" مترًا مكعّبًا بالساعة، تقوم بسحب مياه زمزم من البئر وضخّها إلى مشروع الملك عبد الله لتطوير مياه زمزم، والذي يقوم بدوره بتخزين المياه وإجراء أعمال التعقيم، ثم إرسال مياه زمزم إلى محطّة خزان زمزم وإلى محطة سبيل الملك عبد العزيز، ومرحلة ضخّ المياه المسحوبة من المضختين يتم ضخ المياه المباركة عبر خطوط نقل المياه الخام، والتي تبلغ 4 كيلومترات تقريبًا، وهي مصنوعة من مادة الحديد الغير قابل للصدأ "استانلس ستيل"؛ حيث يوجد على طول الخطوط غرف هواء وغسيل وغرف تحكم موصولة بوسائط خاصة بالتحكم.
وتخزن المياه من البئر، وذلك في خزانات ذات سعة "5000" متر مكعب، وهو مقسم إلى جزأين، ومبني من الخرسانة المسلحة، ومرحلة تنقية المياه بعد عملية تخزين المياه يتم نقلها إلى محطة التنقية وفلترة مياه زمزم، وإنتاج المياه بدرجة عالية من النقاوة والتعقيم عبر منظومة متكاملة من الفلاتر، ونقل المياه، تنتقل المياه المنتجة بعدها إلى خزاني كدي سعة "10000"م3، وسبيل الملك عبد العزيز، فيزود المسجد الحرام بماء زمزم من خزان كدي، وتعبأ صهاريج زمزم للمسجد النبوي من سبيل الملك عبد العزيز، كما يتم الضخ إلى مصنع الإنتاج؛ حيث يتم إنتاج عبوات ماء زمزم 5 لترات ونقاط التوزيع، تنتقل المياه المنتجة من خزان كدي بعد إعادة تنقيتها عن طريق الأشعة فوق البنفسجية عبر أنابيب غير قابلة للصدأ "استانلس استيل" إلى محطات تبريد مياه زمزم حول المسجد الحرام؛ حيث يتم ضخّها إلى نقاط تعبئة الحافظات ومشربيات مياه زمزم في المسجد الحرام والتعقيم والمعالجة، ويسبق كل مرحلة من المراحل الأساسية عملية أخذ عينات وتحليل لمياه زمزم؛ للتأكد من مواصفاتها وخصائصها، ويخضع الماء المبارك في جميع مراحل رحلته لأخذ عينات عشوائية يتم تحليلها للتأكد من سلامتها وخلوها من أي ملوثات، وتتم عملية فحص عينات ماء زمزم بالتقنية المستخدمة في الفحص بالخطوات التالية: -فيزيائيًّا بالتأكد بعد أخذ العينة من خلوها من أي شوائب ترى بالعين المجردة. وكيميائيًّا بتحليل جميع مركباتها بأجهزة مخصصة ومطابقتها بالمواصفات والمقاييس. وبكتيريولوجيًّا بفحص المياه بمواد مخصصة باستزراع البكتيريا والميكروبات، كما تستخدم تقنيات خاصة ذات كفاءة عالية مخصّصة لفحص المياه في المختبر؛ ومنها: أجهزة الكيمياء: -جهاز الفحص الفوري للكلور- جهاز قياس الحمضية والقلوية للمياه ph - جهاز تحليل جميع مركبات وعناصر المياه وأجهزة الميكروبيولوجي: -جهاز لتحضين البكتيريا ونموها في أسرع وقت للكشف عن البكتيريا والميكروبات - جهاز كبينة السلامة للعمل على زراعة البكتيريا في بيئة منعزلة عن أي تلوّث خارجي؛ لضمان مستوى التحاليل - جهاز الميكروسكوب لمعرفة أنواع البكتيريا ومصدرها، وأن مدة الفحص تتراوح بين "24" إلى "48" ساعة بالنسبة للميكروبيولوجي، وساعتين إلى "4" ساعات للفحص الكيميائي.
ويستقبل المسجد الحرام يوميًّا قرابة "مليون وربع" لتر، من مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لسقيا زمزم؛ حيث جهّزت الرئاسة ما يزيد على "30" ألف حافظة لماء زمزم المبارك موزعة في أنحاء المسجد الحرام وساحاته ومرافقه الخارجية، تتم تعبئتها خمس مرات يوميًّا، وتوفير ما يزيد على "300" حقيبة متنقّلة لتوزيع عبوات زمزم، و"80" عربة ذكية سعة "80" لترًا تتم إدارتها وتوزيعها من خلال أكثر من "1030" عاملًا.
كما يتمّ توريد مياه زمزم للمسجد النبوي بمعدل يصل إلى 400 طنّ يوميًّا خلال شهر رمضان المبارك.