جاءت مشاركة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، خلال ترؤسه وفد السعودية المشارك في الاجتماع الافتراضي الاستثنائي لقادة مجموعة بريكس وقادة الدول المدعوة للانضمام، بشأن تدهور الأوضاع في غزة، متسقة مع جهود السعودية، وجهود سموه شخصيًّا في وقف إطلاق النار في غزة، ومخاطبة الضمير العالمي العاجز حتى الآن عن وضع حد للأزمة.
ومنذ بداية الأزمة أخذت الرياض على عاتقها وضع حد لها، واستنفاد كل السبل المتاحة، وطرق كل الأبواب؛ لحقن دماء الشعب الفلسطيني الشقيق؛ فسارعت في البداية إلى المشاركة في الاجتماعات والقمم الدولية التي عُقدت لمنع تصعيد الأزمة، ووجّه ولي العهد وزيرَ الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بترؤس وفد السعودية للمشاركة في قمة القاهرة للسلام، التي انعقدت بشأن مناقشة الصراع في غزة ومحيطها، ومستقبل القضية الفلسطينية؛ وذلك في إطار التحركات السعودية الدبلوماسية الحثيثة عبر القنوات الإقليمية والدولية؛ لوضع حد للصراع.
كما دعت الرياض إلى عقد قمة عربية إسلامية استثنائية مشتركة، خرجت بمخرجات مهمة، منها إدانة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وجرائم الحرب والمجازر الهمجية الوحشية واللاإنسانية، ورفض توصيف هذه الحرب الانتقامية بأنها دفاع عن النفس، أو تبريرها تحت أي ذريعة. وكذلك الدعوة إلى ضرورة كسر الحصار على غزة، وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية بعد أن منع الاحتلال كل مقومات الحياة الأساسية في القطاع بهدف التهجير القسري للشعب الفلسطيني، إضافة إلى مطالبة جميع الدول بوقف تصدير الأسلحة والذخائر إلى سلطات الاحتلال، ومطالبة مجلس الأمن باتخاذ قرار فوري، يدين تدمير إسرائيل الهمجي للمستشفيات في قطاع غزة، فضلاً عن دعم المبادرات القانونية والسياسية لدولة فلسطين لتحميل مسؤولي سلطات الاحتلال الإسرائيلية المسؤولية على جرائمه.
ولم تألُ السعودية جهدًا لوضع حد للأزمة، وكسر الحصار والعدوان على غزة؛ إذ ما زالت تستخدم كل وسائلها السياسية والدبلوماسية من أجل الوصول إلى هذا الهدف؛ لذا فقد حرصت القيادة على تكليف وزير الخارجية، الأمير فيصل بن فرحان، بالقيام بجولة زيارة رسمية، تشمل عددًا من الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، برفقة عدد من وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية؛ للضغط في اتجاه الوقف الفوري لإطلاق النار على قطاع غزة، والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة وحقيقية لتحقيق سلام دائم وشامل وفق المرجعيات الدولية المعتمدة، واتخاذ الإجراءات الرادعة لوقف جرائم سلطات الاحتلال الاستعمارية ضد الإنسانية، مع تأمين ممرات إغاثية عاجلة لتجنب وقوع كارثة إنسانية في قطاع غزة المحاصر، إضافة إلى اتخاذ جميع الإجراءات وفقًا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على ما يقوم به من انتهاكات سافرة وجرائم في قطاع غزة، والضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وضد المقدسات الإسلامية والمسيحية، وفي مقدمتها ما يتعرض له المسجد الأقصى المبارك.
وإضافة إلى جهود السعودية السياسية والدبلوماسية منذ بداية الأزمة، فقد تحركت الرياض في اتجاه آخر، وهو الإنساني؛ فقد بذلت جهودًا حثيثة منذ بداية الأحداث لمساعدة وحماية المدنيين في قطاع غزة بتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية جوًّا وبحرًا، وإطلاق حملات تبرعات شعبية عاجلة، تجاوزت حتى الآن نصف مليار ريال، وتقديم أطنان من المساعدات الغذائية والإغاثية للقطاع الذي تمنع إسرائيل عنه كل مقومات الحياة.