في وقتٍ أصبح فيه الأمن السيبراني بمنزلة الدرع الرقمية الحامية لعالمنا المتصل بالإنترنت، تواصل المملكة العربية السعودية تصدرها المشهد العالمي، حيث احتلت المركز الأول عالمياً في مؤشر الأمن السيبراني لعام 2024؛ ما يعكس التزامها الكبير بحماية الأنظمة الرقمية وتعزيز الثقة بالعالم الرقمي.
تشهد الرياض، اليوم، انطلاق النسخة الثالثة من مؤتمر "بلاك هات"، الحدث الأكبر عالميًا في الأمن السيبراني، بمشاركة أكثر من 300 متحدث و30 شركة عالمية، إضافة إلى 400 جهة عارضة.
ويعد المؤتمر منصة حيوية لمناقشة أحدث الابتكارات والحلول الأمنية، وفرصة لتبادل المعرفة بين الخبراء والمختصين في المجال.
الدكتور عبدالعزيز الحرقان؛ أستاذ بحوث الحاسب وعضو مجلس الشورى سابقًا، أكّد أن استضافة المملكة لهذا الحدث العالمي تجسّد رؤيتها الطموحة لتعزيز الابتكار في الأمن السيبراني، ودعم جهودها في بناء اقتصاد رقمي قوي ومستدام، يضمن حماية البيانات والأصول الرقمية.
استثمرت المملكة أكثر من 93 مليار ريال في تطوير البنية التحتية الرقمية، مما يعكس التزامها بتعزيز الأمن السيبراني وحماية هذه الاستثمارات الحيوية.
ووفق التوقعات، فإن حجم سوق تقنية المعلومات في المملكة سيصل إلى أكثر من 100 مليار ريال بحلول عام 2025؛ ما يبرز الحاجة الماسة إلى تبني أنظمة حماية متطورة.
المؤتمر لم يكن فقط منصة للنقاش، بل فرصة للشركات الناشئة السعودية لاكتساب خبرات جديدة، وتطوير حلول مبتكرة تتماشى مع المعايير العالمية، مما يدعم توجه المملكة نحو تحقيق الريادة في هذا المجال.
احتلت المملكة المرتبة الأولى عالمياً في رأس المال البشري الرقمي والرابعة في الخدمات الرقمية الحكومية، وفقاً لمؤشر الأمم المتحدة للأمن السيبراني.
ووفقاً للدكتور سلمان بن وهف؛ عميد كلية علوم الحاسب والمعلومات بجامعة الملك سعود، فإن هذه الإنجازات جاءت بفضل رؤية القيادة الطموحة، التي جعلت من المملكة نموذجاً رائداً في الأمن السيبراني.
واعتبر الخبير التقني عبدالله السبع؛ مؤتمر "بلاك هات" فرصة ذهبية للمختصين والطلاب لاكتساب المعرفة والاستفادة من تجارب الخبراء الدوليين، ووصفه بـ"الكنز المعلوماتي"، الذي يتيح الفرصة للباحثين للولوج إلى معلومات وأفكار جديدة، وتطوير شراكات مع شركات عالمية
وأشار التقني عبدالله السبيعي؛ إلى أن الأمن السيبراني أصبح جزءًا أساسيًّا من التحوُّل الرقمي، خاصة في مجالات التجارة الإلكترونية والتطبيقات الذكية.
وعزّزت جهود المملكة في هذا المجال الثقة بالخدمات الرقمية، وأسهمت في تطوير تجربة المستخدم في التسوّق عبر الإنترنت؛ ما أسهم في تنمية قطاع التجارة الإلكترونية ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.
من جهته، أكد المهندس فهد القرني؛ مستشار وخبير الأمن السيبراني، أن استضافة المملكة مؤتمر "بلاك هات" تعزز من مكانتها كمركز عالمي للابتكار في المجال التقني، وتفتح الباب أمام شراكات إستراتيجية جديدة وتطوير الكفاءات الوطنية.
ويعكس المؤتمر طموح المملكة في أن تصبح لاعباً رئيسياً في الأمن الرقمي العالمي، ودورها المتنامي في صياغة السياسات الدولية المرتبطة بالمجال. كما يؤكّد التزام المملكة بتحقيق أهداف رؤية 2030، التي تهدف إلى بناء اقتصاد رقمي متنوّع ومستدام يعتمد على الابتكار والتقنيات المتقدمة.
ومع استضافة مؤتمر "بلاك هات"، تثبت الرياض أنها ليست مجرد عاصمة للمملكة؛ بل منارة عالمية للابتكار في الأمن السيبراني، ورسالة للعالم بأن السعودية ليست فقط مستهلكة للتكنولوجيا؛ بل شريكٌ فاعلٌ في تطويرها وتوجيهها نحو مستقبل أكثر أماناً وازدهاراً.