تتمتع السعودية وأذربيجان بعلاقات ثنائية متطورة على المستويات الاقتصادية والعسكرية والتنموية؛ إذ تعود العلاقات الثنائية بين البلدين إلى حقبة ما بعد استقلال أذربيجان عن الاتحاد السوفيتي عام 1991، والتي أعقبها زيارة الرئيس الأسبق حيدر علييف إلى الرياض عام 1994، ثم مهدت زيارة الرئيس الحالي إلهام علييف للرياض عام 2005 الطريق لزيارات أكثر من المسؤولين الحكوميين الأذربيجانيين.
ومنذ ذلك الحين، بدأت الدولتان في زيارات رسمية تعاونية، واتفاقات سياسية واقتصادية، ومشاريع مشتركة نافعة لكلتيهما. كما أصبحت العاصمة باكو وجهة مفضلة لكثير من السياح السعوديين، وارتفعت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة في ظل تراجع شديد للسياحة التركية لدى السائح الخليجي عامة، والسعودي خاصة.
وعن تاريخ العلاقات السعودية الأذربيجانية؛ يقول الباحث بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية محمد الرميزان لـ"سبق": "إن العلاقات الثنائية بين السعودية وأذربيجان تاريخية، فبعد زيارة الرئيس الأسبق حيدر علييف عام 1994، أسست باكو سفارتها في الرياض في نفس العام، ومن ثم بدأت العلاقات السياسية والدبلوماسية الرسمية تقرب ما بين البلدين لأجل تقوية العلاقات والتعاون والتمثيل المتبادل على مستويات عدة".
مضيفاً: "ثم أعقبها زيارة الرئيس الحالي إلهام علييف للرياض في 2005، والتي مهدت الطريق لزيارات أكثر من المسؤولين الأذربيجانيين".
وشدد الباحث: "على التعاون الإيجابي ودعم المملكة الدائم منذ استقلال أذربيجان في عام 1991م، لا سيما ما بعد حرب ناغورني-كاراباخ". وكذلك أشار إلى أن هناك تطورًا ملحوظًا بين البلدين لا سيما في مجال الاتفاقات الثنائية في الشؤون الاقتصادية والتنموية والعسكرية.
العلاقات الاقتصادية
وتشهد العلاقات الاقتصادية الثنائية –بحسب الرميزان- تطوراً ملحوظاً، فقد لفت الباحث إلى أن السعودية بدأت تستثمر في أذربيجان منذ أواسط التسعينات، وارتفعت الاستثمارات بشكل ملحوظ منذ 2009، مبيناً أن إجمالي استثمارات السعودية الحكومية والخاصة في أّذربيجان؛ يبلغ 370 مليون دولار أمريكي، وقد وصل التبادل التجاري بين الدولتين في عام 2018م إلى 17 مليون دولار.
واستطرد "الرميزان": "تولي الدولتان اهتماماً بالتعاون الثنائي، وذلك عبر اللجنة المشتركة للتعاون السعودي – الأذربيجاني؛ إذ انعقد الاجتماع الأول بين الدولتين في عام 2001 في باكو، وتبادلتا اللقاءات في السنوات التالية، وانعقد آخر الاجتماعات في باكو في مارس 2019، ونتج عنه بعض الاتفاقات التي وقّعتها وزارة المالية الأذربيجانية مع الهيئة السعودية العامة للاستثمار، حول تنمية الشراكات الاقتصادية وزيادة التجارة وتنمية الأعمال في قطاعات عدة".
السياحة الأذربيجانية
لا يقتصر تحسن العلاقات بين السعودية وأذربيجان على الجانبين السياسي والاقتصادي فحسب، بل أيضاً على مستوى الثقافة والسياحة؛ فكلا البلدين عضو في منظمة التعاون الإسلامي، ويشتركان في بعض أوجه التشابه الثقافية والدينية والتاريخية.
وتظهر باكو والمدن الأذربيجانية الأخرى كخيار سياحي مثالي للسائحين السعوديين والخليجيين؛ لما تتمتع به من مناخ معتدل، وبيئة ساحلية جذابة؛ لإطلالها على بحر قزوين، فضلاً عن المناطق الجبلية والمناظر الخلابة التي تتمتع بها أذربيجان، إضافة إلى كل ذلك قربها الجغرافي من دول الخليج، وتوفر الأطعمة الحلال.
ويؤكد "الرميزان" أنه وبحسب ما رصده الإحصاء الحكومي في أذربيجان؛ فقد: "ارتفع عدد السياح السعوديين من 7500 سائح في 2016 إلى 73 ألف سائح في 2018، مشكلاً نحو 2.6% من العدد الكلي للسائحين في أذربيجان (2.8 مليون سائح سنوياً)".
مضيفاً: "وبشكل عام تضاعف عدد السائحين من دول مجلس التعاون الخليجي؛ لأن أذربيجان تقدم العديد من الخيارات للسائحين".
وتابع: "يفضل السياح السعوديون العاصمة باكو؛ إذ يقيمون لمدة 6 أيام في المتوسط، بينما أكثر الأقاليم زيارة هو غابالا، وهي منطقة تاريخية ذات إطلالة جبلية تقع شمال البلاد".
ولكن ما السبب في تضاعف أعداد السياح السعوديين في السنين الأخيرة، فقد تضاعف العدد في فترة زمنية قصيرة جداً من 2016 إلى 2018 إلى نحو 10 مرات عن ذي قبل؟، ويجيب "الرميزان" بقوله: "السبب في خسارة تركيا لجزء كبير من حصتها من الخليج لصالح أذربيجان، فقد أشار أحد خبراء صناعة السياحة إلى أن العمليات الإرهابية، وعدم الاستقرار السياسي المستمر في تركيا؛ هما السبب لتوجه بوصلة السياح السعوديين والخليجيين نحو أذربيجان كوجهة بديلة أكثر أماناً واستقراراً".
وأردف: "كذلك مبادرات وتسهيلات الحكومة الأذربيجانية من بين الأسباب كذلك، فقد بدأت أذربيجان في 2016 إصدار تأشيرات عبور للسعوديين والخليجيين لمدة 30 يوماً، كما أطلقت مؤخراً، منذ 2018 تحديداً، رحلات طيران مباشرة بين الرياض وباكو".