يحتل الشباب عموماً، والرياضيون خصوصاً، مكانة خاصة في قلب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- نمت مع السنين التي كان فيها الملك المفدى أميراً لمنطقة الرياض، حيث كان شاهداً على بداية الحياة الرياضية في العاصمة، إلى أن بلغت أوج مجدها في هذا العصر، فكان الرجل الحاضر لكل المناسبات الرياضية التي احتضنتها العاصمة، وفي مناسبات عدة كان ينوب عن إخوته الملوك في رعاية المناسبات الرياضية المختلفة بين عامي 1954م - 2015م.
سلمان سند الرياضيين
لقد كان الملك سلمان سنداً للرياضيين الأوائل الذين وضعوا اللبنات الأولى للرياضات الحديثة، وفي مقدمتها كرة القدم التي تحظى بحب الشباب السعودي وشيبانهم على حد سواء، فشيدت المنشآت الرياضية الحديثة لتكون شاهدة على النهضة المباركة في البلاد.
وحيث يوجد بالرياض وحدها 13 ملعباً هي: "الأمير فيصل بن فهد، التعليم، الحرس الوطني، جامعة الملك سعود، جامعة الإمام، جامعة الأمير سلطان، التعليم الفني، الصايغ، أندية الشباب، النصر، الهلال، والرياض" بالإضافة إلى "استاد الملك فهد الدولي" الذي كان ثورة في منطقة الخليج عند افتتاحه عام 1988م بمناسبة دورة كأس الخليج الثامنة عام 1988م، التي رعى فيها النهائي وتوج العراق حينها بكأس البطولة.
وكان هذا الدعم يزداد مع الأيام حتى وصلت الرياضة في المملكة إلى ما هي عليه الآن، حيث أجزل المكافآت والحوافز للرياضيين أفراداً وجماعات ممن كانوا يفدون للسلام عليه في كل مناسبة، ومنها عندما نزع ساعته الثمينة من يده وأهداها لحارس المنتخب الوطني عادل رواس بعد إحدى المباريات التي أقيمت على شرفه وتألق فيها الرواس.
وترك الملك سلمان إمارة الرياض وقد انتشرت الملاعب والمدن الرياضية في كل محافظات المنطقة من وادي الدواسر، جنوباً إلى الزلفي شمالاً، ومن خريص شرقاً إلى عفيف غرباً.
كأس المؤسس
وإذا كان التاريخ الرياضي يذكر لنا أن الملك سلمان رعى أول بطولة بين أندية الرياض عرفت بــ "كأس البر"، فإن التاريخ ذاته قد سجل بمداد من ذهب رعايته نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد لنهائي كأس المؤسس بين "الهلال" و"الأهلي" عام 1999م والتي كسبها الهلال حينها بـ "5 / 2"، وأقيمت البطولة لمرة واحدة بمناسبة الذكرى المئوية الأولى لبدء الملك عبدالعزيز-يرحمه الله- رحلة توحيد أجزاء الوطن، وفي ذات العام تم إقرار إقامة "كأس الملك عبدالعزيز للخيل سنوياً".
سلمان والفروسية
الفروسية عند الملك سلمان بن عبدالعزيز إرث أمة تسلمه الأبناء من الأب الملك المؤسس الذي غرس في نفوس أبنائه حب الخيل والعناية بها لما لها من دور في تاريخ البلاد، حيث أولى سباقات الخيل اهتمامه الكبير فكان من المؤسسين لنادي الفروسية بالرياض؛ ليكون المظلة التي تقف تحتها الخيل، وعضواً في مجلس إدارته حتى توليه مقاليد الحكم في البلاد.
ولم يغب يوماً عن مناسبات الفروسية الكبرى، بل إنه كان الممثل الدائم لإخوته الملوك وولاة العهد في رعاية مناسبات الفروسية المختلفة، وعاش مراحل تطوير النادي ولجانه وسباقاته، حيث شغل منصب رئيس لجنة السباق والتحكيم زمناً، وفي أول مناسبة لـ"كأس خادم الحرمين الشريفين" في عهده أطلق على تلك النسخة "كأس عبدالله بن عبدالعزيز"، وتم الإعلان وقتها عن تبرعه بمبلغ "25 مليون ريال" دعماً سنوياً لنادي الفروسية.
بل إن اهتمامه بالفروسية فاق كل تصور بقيادتها إلى العالمية من خلال "كأس السعودية العالمي" البطولة الأغلى في العالم والبالغة قيمتها "20 مليون دولار" والتي يستعد نادي سباقات الخيل لإقامتها بنسختها الثانية في 19 - 20 فبراير القادم.
زرع الفروسية في نفوس الأبناء
وهو الفارس الذي تشرب الفروسية من صقر الجزيرة آخر فرسان العصر السياسي الحديث ممن شيدوا مُلكهم وبنوا أوطانهم على صهل الخيل، الذي نقل هذا الحب إلى أولاده ممن رفعوا راية العز خفاقة في الميادين العالمية، وظفروا بالجوائز الكبرى مثل "الديربي" و"الأوكس" البريطاني و"الكنتاكي ديربي" و"البريدرز كب" الأمريكي، مع ابنيه الراحلين الأميرين فهد وأحمد -رحمه الله- حيث أنارا طريق الطموح لكل أبناء الوطن في المنافسة على الجوائز الكبرى في الميادين العالمية، ورأينا نجله الأمير فيصل يشارك في عدد من الميادين كما حمل على عاتقة إحياء رياضة سباقات الخيل في عاصمة الدولة الإسلامية المدينة المنورة التي يتشرف بإدارة شؤونها منذ سنوات.