"ابتسام الثبيتي" بطلة وشقيقة بطل تروي لـ"سبق" تجربتها مع "الحج والتطوُّع"

أخذت عهدًا على نفسها بأنها لن تترك أمرًا يوصِل الأجر إلى شقيقها الشهيد
ابتسام الثبيتي
ابتسام الثبيتي
تم النشر في

استغلت شقيقة أحد شهداء الوطن والواجب مع والدتها انضمامهما لبرنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين لأداء مناسك الحج لتتحول إلى التطوُّع بجانب أداء الفريضة، وتقديم الخدمات كافة داخل مقر وتنقلات حجاج البرنامج.

ولم تألُ جُهدًا في القيام بأعمال كانت مثارًا وإعجابًا من قِبل منتسبي البرنامج من الحجاج، كذلك المسؤولون عنه، تاركةً خلفها بصمة إنسانية متفردة من خلال تطوُّعها في هذا النسُك الديني الذي اعتبرته ميدانًا لإثبات الذات، وتكريس مفهوم الإنسانية.

كذلك حملت الكثير من القصص التي وعدت بأن تتجدد في المواسم القادمة، مبديةً سرورها حيال الدخول في طموح وفكر سمو ولي العهد، الذي جسَّده في رؤية المملكة 2030 بالوصول لمليون متطوع في ذلك العام، مختتمةً شقيقة الشهيد تطوعها بوقوفها على باب المقر قائلةً : "عزَّنا الشهيد وهو حي وعزَّنا وهو ميت".

"ابتسام" شقيقة الشهيد العريف "عبدالله بن عابد عبدالله الثبيتي"، الذي استُشهد دفاعًا عن الوطن ومقدساته بالحد الجنوبي في منطقة جازان في 19 - 3 - 1439هـ، قالت متحدثةً لـ"سبق": أفتخر بأني شقيقة شهيد دافع عن وطنه، ووجدنا نحنُ أُسرته بعد وفاته - رحمهُ الله - العزةَ والشموخ والقوة والدعم من حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله -. ولعلَ ما حظينا به من قبولنا لأداء مناسك الحج أنا ووالدتي من قِبل وزارة الدفاع (مكتب الشهداء والمصابين)، ضمن برنامج "ضيوف خادم الحرمين الشريفين"، أقوى وأبرز دعم. والحمد لله سُهِّلت أمورنا بعد استقبال كبير وجدناه، يليق بضيوف خادم الحرمين الشريفين وذوي الشهداء والمصابين. مؤكدةً أنه كان قد تبادر لذهنها منذ أن عزِمت على الذهاب إلى الحج أنها أعطت عهدًا على نفسها بأنه لن تترك أمرًا يوصل الأجر إلى شقيقها الشهيد.

وأضافت: حينما وصلنا لمقر ضيوف خادم الحرمين الشريفين توجهت فورًا لرئيس اللجنة، وأبلغته بأنني أرغب في التطوع بمخيم النساء إلى جانب أداء فريضة الحج؛ ليحصل لي الشرف بمساعدتهن؛ فوجدت القبول والترحيب بالفكرة. ومن أول يوم بالحملة وأنا متطوعة، حتى يوم عرفة العظيم عندما التقينا بعضنا نحنُ النساء، ووجدت أن وراء الأبطال الذين أفنوا أرواحهم للدين ثم المليك والوطن أُمهات وأخوات وبنات وزوجات، لم تهدأ ألسنتهن وهُن يتضرعن بالدعاء لأبنائهن وأزواجهن وأشقائهن من شهداء الوطن، كذلك الدعاء لحكومة خادم الحرمين الشريفين، وللجنود البواسل ومَن يدافعون عن هذا الوطن، وهُن في سعادةٍ غامرة، واختلطت بدموعهن التي كانت تحمل الفخر والعزة والقوة مؤمنات ومحتسبات، وموقنات بأن هناك الأهم من النفس والروح ألا وهو الدين والوطن، وأنهُ لو أفنينا كل ما نملك فلن نوفي للدين حقهُ، ولا للوطن حقه .

وبيَّنت "ابتسام الثبيتي" أن مهمتها كانت تتركز حول ما يحتجن إليه الأمهات والأخوات في المخيم، ومراعاة مشاعرهن.. وقالت: أنا كوني شقيقة شهيد تذوقت مرارة الفَقْد، وصبَّرت نفسي بذكر الله؛ إذ واجهت وتعايشت مع الكثير من المواقف والقصص التي برزَ من خلالها مساعدة الناس على الصبر.. فهناك والدة شهيد -جبرَ الله قلبها- كانت تبكي بكاءً شديدًا بليلة عرفة؛ فنادتني الموظفات للحديث معها؛ فتحدثت معها منفردةً بها، وقالت لي: "لدي ابن شهيد، وابن مُصاب". حينها أكثرت حديثي عليها، وركزت في الحديث عن فضل من جاهد في سبيل الله، ومن صبر واحتسب فيكون ثوابهُ عظيمًا، حتى هدأت وبدأت تُهلل وتُكبر، وما كان منها إلا أن أكثرت من الدعاء لي، وللقائمين على أداء فريضة الحج، حتى تشجعت وأوقفت بُكاءها، وقالت: ليت لي آخرين لكي أدفعهم يلحقون بإخوانهم نحو ميدان الشرف ونيل الشهادة.

وأشارت إلى أنها لم تشعر بالرتابة والملل والتعب، بل كانت سعيدة، والفرح والابتسامة يعلوان محياها وهي تقدم مساعدتها، وتقف مع النساء داخل المخيم، وقالت: كنتُ أرى شقيقي الشهيد "عبدالله" في عيونهن، وكنت أشاهدهُ بينهن.. ولو كتب الله له الحياة لكان قد شكرني، وساهم ووقف معي، وساندني على حُب ورضا الله ثم ولاة الأمر -أعزهم الله-. مستذكرةً ما قاله لها شقيقها قبل استشهاده بيومين: "أنا بأروح وما أدري أعيش أو أموت.. لكن -وأنا أخوك- اطلبي الله لي الاستشهاد؛ فإني والله ما أبي أرجع للدوام بالمنطقة الشرقية وأنا ما أبعدت العدو عن حدودنا". واصفةً شقيقها بالشجاع والشهم، الذي تعلم أصولهما من والدهما "عابد عبدالله الثبيتي" -رحمهُ الله- الذي دائمًا ما كان ينصحهُ بقوله: "لا تطعن أحدًا في عرضه، وإن الوطن مثل العِرض، إذا خُدش خُدشت لحانا عليه".

واستطردت "ابتسام الثبيتي"، شقيقة الشهيد، إحدى القصص عندما صادفت ضمن المخيم والدة مُصاب في الحد الجنوبي بسبب شظايا في الجسم، كذلك شظية بالرأس، كانت قد تمركزت بالمُخ؛ ما سببت له إعاقة كاملة، في حين وفرت له وزارة الدفاع مركبة تنقلهُ أثناء تأديته مناسك الحج، وأكدت أنها وجدت من والدته الصبر والحرص الشديد بالدعاء لابنها وللجميع، مبرزةً دورها باعتبارها "والدة مُصاب" من حيث إنها كانت تُصبِّر أي امرأة سواء أُمًّا أو زوجة أو أختًا مكسورة على شهيدها أو مُصابها.

ولم تنسَ أن تستشهد بذلك المنظر وهي تُشاهد الأُمهات والزوجات والأخوات اللاتي تفرقنَ في ليلة عرفة؛ إذ امتلأنَ بزوايا المخيم وهُن يدعون لشهدائهِن، ويُذكِّرن بعضهن بالدعاء، ولم ينسينَ الدعاء لولاة أمرنا، ويجتهدون بالدعاء لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين - حفظهما الله - ولكل من قام على نجاح هذه الحملة المُباركة ضمن البرنامج المُبارك، كذلك الدعاء بأن يحفظ الله هذا الوطن الغالي وجنوده البواسل وشعبه الكريم.

وأعربت "ابتسام الثبيتي" عن شكرها لله سبحانه وتعالى على فضله ونعمه وقدرته وكرمه في إتمام مناسك الحج، ثم لولاة أمرنا، وقيادة القوات المشتركة الذين أتاحوا لها فرصة خدمة أُسر شهداء الأرض، معتبرةً ذلك أمانة لشهدائنا، ولا بُد من أدائها وحملها.. وقالت: أنا من منبر "سبق"، لكل من يقرأ، ولمن أراد "ابتسام عابد الثبيتي ووالدتها"، نحن مستعدون لتقديم أي خدمة لولاة الأمر ولهذا الوطن الشامخ مهما كان طلبهم لي، خاصةً لذوي الشهداء والمصابين، فلن أتردد بمساعدتهم؛ فهذه أمانة لمَن ضحوا بأرواحهم وبأنفسهم، وواجب علي أن أُراعي والدته بغيابه، وابنته، وأخته، وزوجته. كذلك أبدت استعدادها التام لأن تكون موجودة في مواسم الحج القادمة وغيرها من مناسبات يوجَد بها أُسر الشهداء والمُصابون لخدمتهم.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org