وثيقة في الخمسينيات الميلادية تكشف جمال "عينونة تبوك".. أوز بري ونهر يجري

كتبها موظف جاء من جدة وعمل محاسبًا في إحدى الدوائر الحكومية
وثيقة في الخمسينيات الميلادية تكشف جمال "عينونة تبوك".. أوز بري ونهر يجري
تم النشر في

كشفت وثيقة مذكرات كتبها أحد الموظفين الذي كان يمارس الكتابة أيضًا قبل 62 عامًا يصف فيها حال قرية عينونة 165 كلم عن مدينة تبوك و65 كلم عن محافظة البدع تباينًا عن واقعها اليوم؛ إذ سطر الموظف وصفًا في إحدى صفحات مذكراته التي كتبها في عام 1378هـ 1958م بالنهر الجاري وسط بساتين النخيل.

وقال الباحث عبدالله العمراني راويًا لـ "سبق"، قصة الوثيقة وحكاية الموظف "في شهر ذي القعدة من عام 1376هـ وصل الموظف حسن بادخن إلى قرية البدع (حاليًا أصبحت محافظة) ليعمل محاسبًا في إحدى الدوائر الحكومية قادمًا من مدينة جدة بعد رحلة شاقة استغرقت عدة أيام بسيارة الدوج موديل 1955م، حيث لم يجد صعوبة في العثور على مقر إدارته التي كانت عبارة عن 7 خيام صغيرة منصوبة بجوار طريق فرعي ضيق عند سفح جبل صغير، يتفرع من طريق قرية البدع "المحافظة الحالية" من جهة وطريق مقنا من الجهة الأخرى.

وتابع: "فكان يومًا لا يُنسى في حياة هذا الموظف الذي انتقل من حياة المدينة الناعمة الرغدة إلى حياة الصحراء الخشنة القاسية، وخلال فترة إقامته في قرية البدع كان الموظف حسن بادخن يقضي وقت فراغه في الاستماع إلى إذاعة لندن حيث كانت برامجها الثقافية والاجتماعية والسياسية تُسمع ليلاً بوضوح تام، وكان يمارس هوايته بالكتابة والقراءة، وهذا ما ساعده في كتابة مذكراته أثناء وجوده في البدع".

وأضاف الباحث العمراني: "لقد وثق لنا في إحدى صفحات مذكراته رحلته من البدع إلى عينونة الواقعة في قرية الخريبة بسواحل منطقة تبوك في يوم السبت الموافق 18 ربيع الآخر من عام 1378هـ / 1 نوفمبر 1958م ، والمتأمل لهذه الوثيقة يجد التباين الكبير ما بين حال عينونة قبل 62 عامًا عندما زارها الموظف حسن بادخن وبين واقعها اليوم".

وقال: كتب في مذكرته ما نصه ( أما قيلتنا في العينونة أمس كانت ممتازة جدًا، حيث كان فيها نهر يجري وسط بساتين النخيل وعلى حوافه الأشجار والزهور والحشائش، وفيه أنواع كثيرة من الطير وخصوصًا الوز البري حيث تُشاهد أعداد منها تسبح فوق ماء القناة، وهو أي الوز شديد الحذر، يطير مبتعدًا عند اقترابنا منه ولم نتمكن من صيد شيء منه، ولكننا صدنا حمامًا بريًا على أمل أن يطهيها الطباخ لنا للغداء ولكننا فوجئنا بحضور زملائنا في اللسان ( قيال) وأحضروا لنا غداءً جاهزًا كثر الله خيرهم وأمضوا معنا العصرية".

وتابع بادخن في مذكراته: آلام الرحلة لم تفارق جسمي من وعورة الطريق من البدع إلى العينونة والعودة منها نتمنى أن يقضي في العينونة بعض عطل الأسبوع ولكننا دائمًا نحجم عن ذلك لبعدها عن البدع ووعورة الطريق وكأننا ذهبنا إلى مقنا ثلاث مرات ذهابًا وعودة (مشوار العينونة يعادل مشاوير إلى البحر ناحية مقنا .. الكل الذي ذهب معنا يشكو من الآلام والصداع).

وتعد عينونة من أهم المواقع الأثرية بالمنطقة لما تحويه من مواقع أثرية كانت تستخدم كأسواق لحضارات مختلفة من أهمها البيزنطية وما لها من أهمية اقتصادية في ذلك الزمان، حيث يقع بالقرب من ميناء "لوكي كومي"، والمسمى الآن بمركز "الخريبة" والذي كانت البضائع تنقل منه إلى تلك الأسواق ومنها إلى شمال العالم، حيث يعد مركزًا تجاريًا ضخمًا على طريق الحجاج.

ويعود موقع عينونة للفترة النبطية والرومانية والبيزنطية وبعضها يعود لفترات إسلامية متعاقبة، ويحتوي على مجموعة من الوحدات المعمارية تتركز على أرض واسعة مرتفعة عن بطن الوادي وتطل على بقايا لتلال أثرية ومزارع، إضافة إلى مجرى لعين تعرف في المصادر الإسلامية بعيون القصب، كما تزخر بعديد المواقع الأثرية التي تعبر عن حضارات قديمة، بحكم موقعها على الساحل الغربي للبحر الأحمر على طريق التجارة المتجه إلى عاصمة الأنباط القديمة (البتراء).

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org