الرياضة "منظومة" متكاملة، مثلها مثل أي منظمة أو جهاز آخر، لها أركان ومبادئ، واستراتيجيات، وخطط، وأهداف، وتقويم، وتعديل، وديمومة، واستمرارية، ومشاريع، وأفكار.. فإن اختل أحد هذه الموازين أو "المعايير" اختلت العملية الرياضية؛ ومن هنا جاءت "الحوكمة"؛ فليست "الحوكمة" تُعنى فقط بالوزارات أو القطاع الخاص من شركات وغيرها؛ لتنجو من الفساد أو "الهدر المالي"، وإنما تُعنى بكل ما هو مخطط له، ويسير على الطريقة السليمة.
إذا رأيت "ناديًا ناجحًا"، وإيراداته جيدة، ولاعبيه يحققون الانتصارات، فاعلم أنه نادٍ يسير وفق الخطة المرسومة، ووفق "الحوكمة" والاستراتيجية والأهداف المرسومة، عكس النادي الذي يتخبط "بلاعبيه" و"مدربيه"، ويقيل هذا، ويأتي بذاك.. فالإشكالية معلوم خللها، ولا تخفى على من تعلَّم أبجديات الإدارة، والمعرفة بأصول الحوكمة. العلة هنا "إدارية بحتة"، وتخبُّط إداري واضح. فليست الحلول العاجلة والمرتجلة هي التي ستنقذ النادي من هزاته و"صيحات جماهيره"، بل في التنازل عن "كبرياء البقاء" لمصلحة الكيان، والنظر بعين العقلاء لمصلحة الرياضة أولاً وآخِرًا..!!
(فالاتحاد) - على سبيل المثال - يعيش هذه الدوامة، و"الفوضى الإدارية"، منذ فترة ليست بالقصيرة، وينتهج "الأساليب القديمة" لمعالجة "أخطاء الإدارة"، وبالعلاج نفسه تقوم الإدارة في كل مرحلة، حتى أننا نلاحظ ونشاهد تعاقدات مع مدربين ولاعبين خلال الأسبوع، ولا يكاد يمر شهر من الشهور إلا و(الاتحاد) ألغى عقد مدربه، وتعاقد مع آخر، وجلب اللاعب الفلاني. وهذه –والله- "هدر مالي"، وقتل للخطط والاستراتيجيات؛ فالعلة ليست بهؤلاء المدربين، ولا باللاعبين، بل بمن يدير دفة النادي، وأصبح يتخبط حتى وصلت الديون للملايين، ولم تفلح الحلول والمسكنات "البندولية"، ولا "العلاجات الطارئة"؛ فلا يصلح إلا الكي، وهو آخر الحلول..!
في المقابل نرى أن (الهلال) ككيان يمر بمرحلة "نضوج فكري" و"عقلي" ورياضي من جراء الهدوء و"التخطيط السليم"، والحوكمة الناجحة، والاهتمام بالرياضات الأخرى، ومنتجات النادي، و"مصروفاته وإيراداته"؛ فزادت نسبة الإيرادات، وتحققت الانتصارات، وتفرغت الإدارة لوضع الخطط الاستراتيجية العليا وفق نهج علمي مدروس، وتركت للإدارات المعنية إدارة شؤونها، وأعطت الصلاحيات لهذه الإدارات لتنتج وتعمل؛ وبالتالي تكون المخرجات مفعمة بالنجاح.
هنا يأتي دور "الإدارة" التي لا تركن "للحلول المؤقتة"، ولا معالجة الأزمات بالكبسولات و"المهدئات"، بل "بالصدمات القوية"، ومن الجذور؛ كي لا تنحل الأمور، وتنعكس سلبًا على الأداء وما وُضع من خط واستراتيجيات.
نتمنى أن تكون أنديتنا ورياضتنا في "نهج علمي" مدروس، واستراتيجيات مفعمة بالحوكمة، وننطلق من الهيئة المسؤولة في "الرقابة الدورية" لتنفيذ الخطط، ومتابعة الأخطاء وتلافيها، ومعالجتها أولاً بأول حتى لا تكبر "كرة الثلج"!