أن يجتمع زارع بذْرات البن التسعيني في قمم الجبال وعامل تحضير القهوة في الكافيهات -الباريستا- العشريني في مكان واحد؛ للتعريف بالقهوة وتاريخها وطرق زراعتها وتحضيرها وتقديمها، فهذا لن يحدث إلا في الشارع الثقافي بكورنيش جازان الشمالي؛ وذلك ضمن فعاليات مهرجان البن الذي يقام حالياً بمحافظة الداير بني مالك شرق جازان.
رحلة القهوة تبدأ في التعرف عليها مع دخولك لبوابة الشارع الثقافي؛ حيث يستقبلك المزارعون من كبار السن يروون للزوار طريقة زراعة البن ومراحل نموه، وكم الوقت الذي يحتاجه حتى تثمر نبتة البن.
يتحدثون عن مهنة زراعة البن، فهي مهنة وهواية وعشق ورثه المزارعون أباً عن جد، وحافظوا عليه على مدى السنين، فيشقّون طريقهم بين الأشجار حاملين جرابه؛ ليقطفوا ثمار البن، وقد احمرَّت وأينعت فحان قطافها، ذلك القطاف الذي يحتاج اهتماماً خاصاً فلا يكسر غصناً مع القطف؛ لكي يعود ذات الغصن للإثمار في مرة قادمة، وهي معلومة لا تخفى على مزارع خبير، بدأ مزارعاً للبن ولم يبلغ العاشرة من عمره.
ولا يكتفي المزارعون في الداير وغيرها من محافظات القطاع الجبلي بالمنطقة بتعليم أبنائهم زراعة أشجار البن، بل يحرصون على تعليمه حب شجرة البن وعشقها، وذلك حرصاً على استمرار زراعتها وإثمارها، مما أسهم في زيادة عدد أشجار البن في المحافظة، لتصل إلى أكثر من 119 ألف شجرة بن، وبلغ عدد المزارعين أكثر من 500 مزارع بن في محافظة الداير وحدها.
ومن ثم يتجول الزائر للشارع الثقافي بين أركانه إلى أن يصل أركان الكافيهات التي يقوم عليه شباب سعوديون، ويقدمون أجود أنواع القهوة المختصة المستخلصة من بن الداير بني مالك.