لا شك لدينا أننا إزاء موجة عاتية لـ"أسلمة التطرف"، يقودها الغرب بدافع التنفير من الإسلام كدين، ومن المسلمين كمِلَّة ونِحْلة، وتساعده في ذلك بعض الجماعات والأفراد الذين أساؤوا الفهم، واندفعوا في أعمال أعطت مبرراً للغرب في استكمال مسيرته في "أسلمة التطرف".
ولم يعد العالم يُلتفت سوى لما يُرتكب من المسلمين، وهو خارج عن سياق الإسلام، جملة وتفصيلاً، من بعض الأفراد أو الجماعات، التي وإن كنا لا نبرر لها ما ترتكبه تحت راية الدين، وهو ناجم عن فهم مغلوط أو مجتزأ، إلا أننا نرى أن كثيراً من تلك التصرفات إنما تأتي في طور الغضب، مما يتعرض له المسلمون من تطرف وإرهاب في شتى البقاع، وعلى يد كل المِلل والنِّحَل السماوية وغير السماوية.
وإذا كان الحال كذلك، والإسلام واقع بين شقّي الرحى، الغرب المتآمر، والأبناء الذين وقعوا في هاوية الضلال، فإن المطلوب من المفكرين، وأصحاب القلم، والعلماء، والمثقفين، والوجهاء، أن تكون لهم استراتيجية بديلة للدفاع عن الإسلام، ونقض عرى "أسلمة التطرف" واحدة تلو الأخرى.
والخطوة الأولى في هذه الاستراتيجية، أن نؤكد بالأدلة والبراهين، أن التطرف لا دين له، وإنما هو نتاج فهم مغلوط، وإذا وُجد في الإسلام مَن هذه سمتهم، ففي النصرانية واليهودية والبوذية والمجوسية من هم أكثر تطرفاً وإرهاباً على مرّ التاريخ القديم والمعاصر.
ومن هنا تأتي أهمية أن تكون مواجهة التطرف صنيعة عربية وإسلامية خالصة، حتى نُبرّئ ساحة الإسلام كدين من التطرف والإرهاب، من ناحية، ونوسع من الإطار المفاهيمي للمصطلح ليشمل كل المِلل والنِّحَل، ولا يقف عند عتبة الإسلام لا يتجاوزها.
وهذا هو عين الدور المنشود لمركز "اعتدال" الذي اختارت الدول المشاركة في القمة الإسلامية- الأمريكية، المملكة العربية السعودية لتكون مقراً له؛ بهدف منع انتشار الأفكار المتطرفة.
فالسعودية هي أكثر من تلظى بنيران الإرهاب على أراضيها، وهي أكثر من توجّه لها الاتهامات الباطلة والافتراءات الكاذبة بدعم الإرهاب والتطرف، ولذا فقيادتها وريادتها لهذا المركز في هذا التوقيت الحاسم لهو قرار جريء، نرجو أن يؤتي ثماره على الوجه المرجو منه.