يحاول العديد من الأشخاص ادخار مبلغ من المال شهرياً ليواجهوا به ظروف الحياة الطارئة، أو جعله رصيداً لتحقيق هدف جوهري، كامتلاك منزل أو زواج أو اقتناء مركبة، ولكنهم غالباً ما يفشلون في محاولاتهم لأسباب متعددة، أبرزها عدم وجود ثقافة الادخار، وعدم دراسة المصروفات مقابل الدخل، واستبعاد الكماليات التي تقضم مصدر الدخل.
وحول ذلك أوضح لـ"سبق" المختص المالي ومحاضر الإدارة المالية بجامعة شقراء برجس الرويس، أن الدراسات التي تمت من أجل تطوير برنامج القطاع المالي - وهو أحد برامج رؤية المملكة 2030 - تُؤكد أن معدل الادخار لدى الأسر السعودية، من أدنى المعدلات في العالم، حيث إنها حوالي 1.6٪ من دخل الأسر، بينما تعادل 11% في ألمانيا، و36% في الصين، وهذا يدل على ضعف ثقافة الادخار والاهتمام به عند الأسر السعودية، والمعلوم أن من أهداف الرؤية 2030 رفع نسبة الادخار لدى الأسر السعودية إلى أربعة أضعاف النسبة المسجلة حالياً، لذلك يتطلب الأمر المزيد من الجهود التوعوية والثقافية لتعزيز مفهوم الادخار لدى المجتمع السعودي.
وحول "مفهوم الادخار" أشار "الرويس" إلى أن ذلك يعد إحدى أهم الممارسات في اقتصاد الدول، فهو ظاهرة اقتصادية أساسية في حياة الأفراد والمجتمعات، ويعد فائض الدخل عن الاستهلاك، وأول خطوة في طريق الاكتفاء المالي، ولابد من غرس ثقافة ومفهوم الادخار بحيث تكون أولاً من المنزل، ويتم تعليم الأطفال على كيفية توفير جزء من مصروفهم اليومي في سبيل الحصول على أمر آخر يريدون تحقيقه.
كما يرى أن من أسباب تدني نسبة الادخار لدى المجتمع السعودي هو ارتفاع معدل الاستهلاك لكثير من الأسر، بالإضافة لعدم وضع ميزانية شهرية محددة تتوافق مع الدخل، وأيضاً عدم التمييز بين الحاجات الأساسية والكماليات، بل إن معظم الكماليات في الوقت الحالي أصبحت من الأساسيات لدى بعض الأسر في المجتمع السعودي.
ويضيف الأكاديمي "الرويس" أن الادخار أصبح ضرورة تفرضها الظروف الاقتصادية، وذلك يتطلب توعية المجتمع بثقافة الترشيد في الإنفاق، ومن الوصفات والخطوات الممكن اتباعها للمساعدة على الادخار، ضرورة وضع ميزانية شهرية محددة يلتزم بها المدخر، حيث إنها من العوامل التي تساعد بشكل كبير على متابعة ومراقبة النفقات، وتكون الميزانية واقعية ومتناسبة مع الدخل.
كما يلزم الشخص التمييز بين الأساسيات والكماليات وتقديم الأولى دوماً، وعدم الحرص على الثانية، كذلك ترشيد استهلاك الموارد والخدمات، لأن التهاون في معالجة الأسباب قد تؤدي إلى ارتفاع قيمة الفواتير الشهرية على سبيل المثال: فواتير الجوال والكهرباء والمياه، وبذلك ارتفاع المصاريف.
كما يوصي المختص المالي بضرورة ادخار الأشخاص رصيداً مالياً وتنميته يكون مخصصاً للأمور الطارئة يساعد في تحمل الضغوط المالية الناتجة عن ظرف طارئ أو أزمات مالية غير متوقعة، كالتوقف عن العمل أو التعرض لحادث أو غير ذلك.
وأخيراً يؤكد أستاذ الإدارة المالية برجس الرويس، أن ثقافة الادخار تحتاج لتوفر عنصر الإرادة قبل كل شيء، وتنحية الجزع وفكرة الفشل في حال عدم نجاح المحاولة الأولى، حيث الأهم الاستمرار في المحاولات مع تتبع أسباب التعثر في المرات السابقة ومعالجتها حتى انطلاق الفكرة وتحققها على أرض الواقع.