يعيش المئات من حملة شهادة الدكتوراه من الجنسين بالمملكة، حالة من الضبابية المدمرة للأحلام والطموحات منذ سنوات عديدة؛ ذلك بعد رفض قبولهم من قبل الكليات والجامعات السعودية، والتي احتضنت (26) ألف عضو تدريس غير سعودي، ما جعل (155) من الشبان والشابات الحاملين لشهادة الدكتوراه من المملكة وخارجها وبمختلف التخصصات العلمية، يلجؤون إلى إطلاق حملات مناشدة عبر مواقع التواصل الاجتماعية، بعد أن أغلقت كافة الأبواب أمامهم؛ حيث تفتح "سبق" الملف وسط تفاصيل متعددة لجوانب القضية.
توليد الوظائف
وقال المتحدث باسم حملة شهادة الدكتوراه بالمملكة الدكتور خالد الحربي: "لقد أصدر خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، قراره باستحداث هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة والتي تهدف لفتح آفاق أوسع في مجال التوظيف لأبناء الوطن، وإن إحلال السعوديين حملة الدكتوراه كفيل بتحقيق الرؤية الملكية الثاقبة، فإحلال ما يقارب 155 من حملة الدكتوراه سيساهم بتوليد مثيلها لحملة البكالوريوس الذين يعانون البطالة، كما سيساهم في تحقيق توجه القيادة الرشيدة في توفير حياة كريمة لأبناء الوطن، وفي توجيه قدراتهم لخدمة وطنهم".
الكوادر الوطنية
وأشار "الحربي"، أن في الدول المتقدمة لا يحرم أصحاب المؤهلات العليا من المشاركة في التنمية المعرفية والفكرية لأوطانهم، لأنهم يؤمنون أن لهذه المشاركة من الكادر البشري المؤهل أكاديميا الدور الكبير في التنمية على مستوى الوطن بأكمله.
كلفة مادية أقل
وتابع: "الاستثمار في العنصر البشري هو رأس المال الحقيقي، والاستثمار في المواطن سيكون مردوده على الوطن والأجيال القادمة، بل ومن ناحية اقتصادية فإن الكلفة التي يأتي عليها غير السعودي تقترب من كلفة السعودي في الجامعات؛ حيث إن غير السعودي يحصل على مميزات تزيد من التكلفة من بدلات وعلاوات ومكافآت وتذاكر سفر وكلفة ترقيات وأبحاث وكلفة مرافقين وخدمات طبية وخلافه، تبعا للمواد من الثامنة إلى الرابعة عشر في نظام الرواتب والعلاوات، والمواد من السادسة عشرة إلى الحادية والثلاثين في نظام البدلات والتعويضات من لائحة توظيف غير السعوديين في الجامعات، كما أن تدوير الكلفة التي ستصرف على الكوادر الوطنية سيكون داخل نطاق الوطن لا خارجه".
سنوات الدراسة
وذكر "الحربي"، أنه لم تكن مرحلة الدراسة بالأمر الهين، بل كانت مزيجاً من الكفاح والعناء وتحمل المشاق الجسدية والنفسية والمادية، ومرور مرحلة القبول في برامج الدكتوراه تحديداً من فحص وتدقيق، وأتى الوقت لتترجم تلك الجهود لخدمة الوطن من خلال الإحلال في جامعاتنا السعودية.
المادة 4.. لائحة توظيف
وبين: "الجامعات تحرص للتعاقد مع غير السعوديين مع عدم تطبيقهم لشرط التوظيف الثاني الوارد في المادة الرابعة من لائحة توظيف غير السعوديين في الجامعات الصادرة بقرار مجلس التعليم العالي رقم (3/ 4/ 1417هـ) في الجلسة (الرابعة) لمجلس التعليم العالي المعقودة بتاريخ 7/ 2/ 1417هـ المتوج بموافقة خادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس التعليم العالي بالتوجيه البرقي الكريم رقم (7/ ب/ 16785) وتاريخ 4/ 11/ 1417هـ، والذي نص على: (عدم توفر مواطن مؤهل لشغل الوظيفة)، وحيث يوجد العديد من السعوديين المؤهلين ومرفق قائمة بأسمائهم وتخصصاتهم ويحملون شهادة الدكتوراه من جامعات سعودية وغير سعودية معترف بها وتم معادلة شهاداتهم من قبل وزارة التعليم (مرفق رقم 1)، وإن تم إحلالهم محل المتعاقدين فسيتم حل المشكلة، فعددنا قليل جداً مقابل الأعداد الهائلة من غير السعوديين المتعاقَد معهم".
ناقوس الخطر
وأكد "الحربي"، أن فروع الجامعات تستوعب بحسب تخصصاتنا، وهنالك إحصائية بعدد الأجانب الذين يعملون برتبة أستاذ مساعد في الجامعات من الذكور، ومن خلال ذلك فإن هذه الأعداد تدق ناقوس الخطر، فكيف يتم تجاهل أبناء الوطن في ظل توفر وظائف شاغرة يشغلها غير السعودي مع وجود سعوديين يحملون مؤهلاتهم، وحكومتنا الرشيدة تعتبر المواطن السعودي أولاً حيث أكد خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز في حديث له حفظه الله: "وعملاً على مواصلة البناء وإكمال ما أسسه من سبقونا من ملوك هذه البلاد رحمهم الله؛ ذلك بالسعي المتواصل نحو التنمية الشاملة المتكاملة والمتوازنة في مناطق المملكة كافة، والعدالة لجميع المواطنين، وإتاحة المجال لهم لتحقيق تطلعاتهم وأمانيهم المشروعة في إطار نظم الدولة وإجراءاتها، إن كل مواطن في بلادنا وكل جزء من أجزاء وطننا الغالي هو محل اهتمامي ورعايتي فلا فرق بين مواطن وآخر، ولا بين منطقة وأخرى، وأتطلع إلى إسهام الجميع في خدمة الوطن"، لهذا نأمل تحقيق تطلعاتنا وتحقيق أمنياتنا المشروعة لخدمة هذا الوطن من خلال إحلالنا محل الأجانب فنظام حكومتنا الرشيدة يهدف إلى السعودة والأرقام المرفقة لغير السعوديين والتي مصدرها وزارة التعليم تثبت عدم حرص المسؤولين في الجامعات على تطبيق هذه النظم التي تسعى لها حكومتنا الرشيدة.
شروط تعجيزية
وقال: "هنالك الجامعات بدأت في وضع شروط تعجيزية لا يظهر لها هدف سوى حرمان السعودي من التعيين كأن يكون المتقدم غير موظف، مع العلم أن هناك أكثر من أربعة من مديري الجامعات كانوا معلمين وأثبتوا نجاحهم في قيادة الجامعات وعدد من أعضاء هيئة التدريس كذلك، ولهذا نناشد بإلغاء جميع الشروط التي تسنها مجالس الجامعات والتي تعيق إحلال الأستاذ المساعد السعودي والاكتفاء بالمادة رقم (11) والتي تنص على أن "الحصول على درجة الدكتوراه أو ما يعادلها من جامعة سعودية أو جامعة أخرى معترف بها"، كما أن هذا الشرط يتنافى مع نظام وزارة الخدمة المدنية الذي يجيز انتقال الموظف من مؤسسة حكومية إلى أخرى في حال وجود الحاجة، فتعاقد الجامعات مع أجانب يثبت الحاجة إلى أكاديميين في تلك الجامعات، ونحن واثقون من قدرتنا على النجاح والتميز في عملنا لخدمة هذا الوطن".
الصلاحية المطلقة
ولفت "الحربي" إلى أن إسناد الصلاحية المطلقة لتعيين الاكاديمي السعودي لمجلس الجامعة وانتهاج الجامعات الإجراءات الروتينية المطولة مع عدم الخروج بنتائج لتعيين المتقدم، في حين أن هذه الإجراءات لغير السعودي لا تستغرق شهرا على الأكثر وتكون داخل المملكة.
جامعات غير معترف بها
وشدد بقولة: إنه من الملاحظ تعاقد الجامعات السعودية مع غير سعوديين من جامعات غير معترف بها في نظام التعليم العالي، فالأصل عند منع الدراسة في جامعة، أن يكون المنع لضعف مخرجات تلك الجامعة وليس المنع لأجل منع السعودي من التوظيف في الجامعة ويمكن التأكد من ذلك من خلال مشاهدة مؤهلات بعض المتعاقدين والذين بعضهم خريج للجامعة الإسلامية العالمية في الأردن أو من الجامعة العربية المفتوحة أو من جامعات لا يحق للسعودي الدراسة فيها لضعف مخرجاتها، فكيف يمنع السعودي من الدراسة فيها ويتم التعاقد مع خريج تلك الجامعة غير السعودي لتدريس طلابنا في السعودية.
إحصائيات مفجعة
وأوضح الكاتب الاقتصادي المعروف برجس البرجس لـ"سبق"، قائلا: "كيف يرفض (155) خريج وخريجة دكتوراه؟ بينما يعمل في جامعاتنا الحكومية 26 ألف عضو تدريس غير سعودي (17) ألف ذكر و(9) آلاف أنثى، وأيضا (6) آلاف إداريون وفنيون غير سعوديون نصفهم ذكور ونصفهم إناث"، مضيفاً إلى ذلك (5) آلاف عضو تدريس وألفان إداريون وفنيون من غير السعوديين في بقية السلك التعليمي العالي في المملكة (كليات تقنية وجامعات خاصة).
وأشار "البرجس" إلى أن نسبة الأساتذة الجامعيين (الذكور) غير السعوديين أكثر من السعوديين في 16 من 25 جامعة حكومية في المملكة، أما الأساتذة الإناث فلدينا 7 جامعات بها الأستاذة السعوديات أقليات، وإذا ما نظرنا إلى مجموع (الذكور والإناث) لكل جامعة من جامعاتنا الحكومية، فلدينا 11 جامعة بها الأساتذة السعوديون والسعوديات أقليات.
وبين أن البعض قد يجادل بالقول بأن هؤلاء الأساتذة غير السعوديين لديهم مؤهلات عالية، ولكن هذا الكلام ليس صحيح، فيوجد في جامعاتنا الحكومية 26 ألف أستاذ (غير سعودي)، منهم فقط 5700 بين أستاذ وأستاذ مشارك.
وطالب "البرجس"، من وزارة التعليم أن تلتفت إلى هؤلاء الشبان والشابات من أبناء الوطن والذين يحملون شهادات عليا من داخل المملكة وخارجها وبمختلف التخصصات العلمية، وأن تقوم باستغلال عقولهم في خدمة المجتمع، وعدم تهميشهم.