ما زالت شقراء تستيقظ كل صباح في وجل وفزع؛ خوفًا من مزيد من الفواجع والمآسي والأحزان، والسبب "طريق الموت" الذي يحصد الأرواح البريئة بشكل متكرر ومتواصل دون توقف.
وعلى الرغم من تكرار المناشدات مرة تلو أخرى، ورغم كتابة التقارير عن خطر الطريق وحوادثه المميتة، ورغم وقوف اللجان على خطر "طريق المستوي" (شقراء أشيقر القصيم)؛ فلا يزال الحال على وضعه دون علاج، وكأن الأرواح باتت رخيصة لا تحرك الجهات المسؤولة عن الطريق.
مسلسل الحوادث المميتة مستمر، وحصد الأرواح متواصل دون توقف، فها هي شقراء تمسي بالأمس على حادث مفجع، حادث أليم وقاسٍ على طريق الموت بين مركبتين الأولى نوع "كامري"، والثانية شاحنة كبيرة، نتج عنه وفاة أسرة كاملة الأم وابنها وابنتها، فيما بقي من الأسرة الأب الذي لم يرافقهم في رحلتهم.
كما وقع قبله بيومين حادث بين سيارة من نوع فورد وسيارة من نوع هايلكس وجهًا لوجه، نتج عنه إصابات متنوعة لمواطنين اثنين ومقيم.
والسبب وراء الحوادث في الطريق في جهته الشمالية (شمال أشيقر) يعود لكون الطريق قديمًا وضيقًا (غير مزدوج)، ومزدحم بالسيارات والشاحنات؛ لأن الطريق هو الطريق الرابط بين إقليم الوشم ومنطقة القصيم، إضافة إلى ازدياد ارتياده من الطلاب والموظفين بعد افتتاح جامعة شقراء.
أما السبب وراء الحوادث في جهته الجنوبية (بين شقراء وأشيقر) فيرجع لضيق الطريق، وتأخر استكمال توسعته خلال الفترة الماضية التي ظل وصلات مسفلتة متقطعة حول الطريق منذ سنوات، ويسلكها بعض المركبات مما يتسبب في خداع سالكي الطريق القديم (غير المزدوج) فيظنون أن تلك الوصلات المسفلتة طريق مزدوج؛ لكونها موازية للطريق القديم، ويتسبب ذلك في قيام المركبات بتجاوز بعضها في الطريق السالك (القديم) ظنًا منهم أن الطريق مزدوج، فتتقابل المركبات وجهاً لوجه.
وأصبح الطريق مقصدًا للشاحنات المُحمّلة بالبضائع ليلًا ونهارًا؛ بسبب وجود أحد مصانع الإسمنت الكبيرة، إضافة إلى تهرب عدد آخر من الشاحنات من نقاط الميزان التي توجد على الطرق الأخرى كطريق (الرياض- المجمعة- القصيم) ويفتقر لها هذا الطريق الضيق وغير المزدوج؛ مما يعني ضرورة إنشاء نقطة للوزن على الطريق.
وقعت على طريق المستوي حوادث حصدت أرواحًا بريئة مما جعل الأهالي يصفونه بـ"طريق الموت"، إذ وقع فيه عدة حوادث أهمها: حادث أليم في 20 شوال 1435 نتج عنه وفاة 11 شخصًا من عائلة واحدة، وذلك نتيجة تعرّض سيارتهم للاصطدام بشاحنة "تريلا"؛ حيث تتكون العائلة من 7 بنات وابنين؛ بينهم أطفال ورضيعة، بالإضافة للأب، وزوجته الثانية (23 سنة)، وقد نشرت عنه "سبق" تحت عنوان (اصطدمت سيارتهم بـ"تريلا" في حادث مأساوي.. وبينهم رضيعة وأطفال.. مصرع عائلة كاملة من 11 شخصاً.. فجراً على طريق "شقراء- القصيم").
وفي أقل من 4 أشهر وبالتحديد في 3 صفر 1436 لقي 4 مواطنين مصرعهم في حادث تصادم بين سيارتين وجهاً لوجه، وقع على طريق "أشيقر المستوي القصيم" 3 منهم من عائلة واحدة، حيث توفي قائد السيارة "اليوكن" ووالدته وبنت أخته، كما توفي قائد السيارة "الدادسن"، فيما أصيب مرافقه إصابات بالغة، نقل على إثرها لتلقي العلاج في مستشفى شقراء وكانت حالته خطرة، وكتبت عنه "سبق" تحت عنوان (مصرع 4 أشخاص في تصادم بين سيارتين بطريق "المستوي القصيم").
وفي 27 شعبان 1440 وقع حادث مفجع، لحافلة تُقل عمالًا على (طريق الموت) طريق المستوي باتجاه القصيم نتج عنه 8 وفيات، و3 إصابات حرجة، كما أسفر الحادث عن وقوع 4 إصابات متوسطة، و3 إصابات طفيفة، وهو الحادث الذي جدد مَطالب المواطنين بتوسعة الطريق الضيق، والذي يربط بين محافظة شقراء ومراكزها وبين منطقة القصيم ومحافظاتها، ونشرت عنه "سبق" بعنوان (شاحنات وضيق ولجنة.. أيام تمرّ ولا جديد.. والحل لدى "النقل".. مصرع وإصابة 18 عاملًا بطريق المستوي يجدد مطالب 5 أعوام باتجاه القصيم!).
وفي أول هذه السنة وبالتحديد في 24/ 2/ 1443 وقع حادث أليم وقاسٍ على طريق الموت بين مركبتين الأولى نوع "آيسوزو"، والثانية نوع "فورتشنر"، نتج عنه وفاة 4 مواطنين 3 من عائلة واحدة.
وتوفي في السيارة الأولى مواطن وزوجته وابنته، فيما أصيب اثنان من أولاده، كما توفي مواطن آخر كان في المركبة المقابلة، وأصيب قائد السيارة بإصابات خطرة استلزمت نقله للرياض فورًا لإنقاذ حياته، ونشرت عنه "سبق" في حينه.
ولم تتوقف الحوادث والإصابات خلال الفترة الماضية، حيث وقعت عدة حوادث نتج عنها إصابات بليغة كان أحدها لأسرة أجنبية جاءت في زيارة لإحدى الأماكن الاثرية والسياحية بالمنطقة.
بعد الحوادث المميتة، وبعد التقارير التي نشرتها "سبق" عن تلك الحوادث، حضرت -حينها- لجنة مرورية رفيعة المستوى لمحافظة شقراء؛ للشخوص على الحادث الأليم الذي وقع على طريق المستوي، شمال محافظة شقراء، وتَسبب في مصرع 11 شخصًا من أسرة واحدة؛ لبحث مسببات الحادث والوقوف على ملابساته؛ حيث حضرت، وقتها، لموقع الحادث لجنةٌ مكونة من اللواء علي بن عبدالعزيز العضاض، نيابةً عن مدير عام الإدارة العامة للمرور سابقًا، واللواء عبدالرحمن المقبل، ومساعد مدير مرور منطقة الرياض سابقًا العميد خالد عبدالرحمن الفدا، ومدير شعبة الأنظمة واللوائح.
وتوجهت اللجنة لموقع الحادث، برفقة "سبق"، وشاهدت آثاره، وبحثت في مسبباته، واطلعت على أهم ملابساته، ونقلت "سبق" حينها للجنة المشقةَ التي يعانيها سالكو الطريق، التي تشكل الهاجس الأكبر للكثير من الأهالي والمواطنين والمسافرين؛ نظرًا لما يُشكله الطريق من مخاطر كبيرة نتج عنها عدد من الحوادث المميتة التي ذهب ضحيتها أناس أبرياء.
وبيّنت "سبق"، حينها، أن الطريق ضيق وغير مزدوج رغم كثرة سالكيه من قائدي المركبات والشاحنات؛ لكونه الطريق الرابط بين إقليم الوشم ومنطقة القصيم، إضافة إلى ازدياد ارتياده من الطلاب والموظفين بعد افتتاح جامعة شقراء.
وأوضحت للجنة أن الطريق أصبح مقصدًا للشاحنات المُحمّلة بالبضائع ليلًا ونهارًا؛ بسبب وجود أحد مصانع الإسمنت الكبيرة، إضافة إلى تهرب عدد آخر من الشاحنات من نقاط الميزان التي توجد على الطرق الأخرى كطريق (الرياض- المجمعة- القصيم) ويفتقر لها هذا الطريق الضيق وغير المزدوج؛ مما يعني ضرورة إنشاء نقطة للوزن على الطريق.
وتَبَيّن للجنة أن المواطنين ناشدوا وزارة النقل منذ سنوات توسعة الطريق؛ للحد من الحوادث المميتة التي يتسبب فيها، ووعدت الوزارة أكثر من مرة بعمل ازدواجية الطريق؛ ولكن دون أن يتم التنفيذ.
ووجهت اللجنة، وقتها، شعبة مرور شقراء بتدوين جميع الملاحظات على الطريق المذكور والرفع بها لإدارة مرور الرياض؛ للتنسيق مع الجهات المختصة للعمل على علاجها وإزالة كل المعوقات التي يعانيها سالكو الطريق.
ورغم حصد الطريق للأرواح منذ سنوات، ورغم تكرار المناشدات في كل مأساة، ورغم كتابة التقارير عن خطر الطريق، ورغم وقوف اللجان ووقوفها على الطريق؛ فلا يزال الطريق على وضعه دون علاج رغم مرور أكثر من 8 سنوات، فالأيام تمضي والحلول معدومة، إذ ظلت جهة الطريق الشمالية ضيقة بمسار واحد (غير مزدوج) رغم كثرة سالكي الطريق من المركبات والشاحنات.
أما جهته الجنوبية (بين شقراء وأشيقر) فرغم قصر المسافة إلا أن توسعته تأخر استكمالها، وظلت منذ سنوات وصلات متقطعة عن يمين الطريق القديم وشماله، ويسلكها بعض المركبات مما يتسبب في خداع سالكي الطريق القديم (الضيق وغير المزدوج) فيظنون أن تلك الوصلات المسفلتة طريق مزدوج؛ لكونها موازية للطريق القديم، فيتسبب ذلك في قيام المركبات بتجاوز بعضها في الطريق السالك (القديم) ظنًا منهم أن الطريق مزدوج، فتتقابل المركبات وجهًا لوجه وتقع بسببها كوارث مميتة.