هنأ المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظهما الله- بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك لعام 1443هـ، سائلا المولى عز وجل أن يجعله شهر خير وبركة وغفران.
واستهل كلمته، قائلًا: "بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فإنا نحمد الله العلي العظيم أن بلغنا هذا الشهر الفضيل، ونسأله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا فيه لصيامه وقيامه وأن يجعلنا فيه من المقبولين إنه على كل شيء قدير".
وأضاف: "أيها الإخوة الكرام: جاء في محكم التنزيل قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}، وقال سبحانه: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان}، وثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه)، وثبت في الصحيح في ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث يومئذ ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة، من ريح المسك"، وفي لفظ: "يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي، وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها".
وتابع: "وثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه قال: "إن في الجنة بابًا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل معهم أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيدخلون منه، فإذا دخل آخرهم، أغلق فلم يدخل منه أحد"، وغيرها من النصوص العظيمة التي تجعل المسلم يشمر ساعد الجد في اغتنام هذا الزمن الفضيل، ويعلم أنه كما قال: {أياما معدودات} فلا يضيعها في اللهو واللعب والمحرمات بل يجتهد في أن يكون ممن يعتقه الله من النار ليكون من الفائزين".
وأوصى سماحة المفتي فقال: "فوصيتي للجميع بتقوى الله تعالى، واحتساب الأجر في الصيام والقيام، كما أوصي بقراءة القرآن والاجتهاد في تلاوته وتدبره، وأوصي بالإحسان وصلة الأرحام، وفضّ ما يكون في النفوس من شحناء وعداوات، واغتنام الزمن بالذكر والطاعة وفعل المسنونات خاصة المتعلقة بالصيام كالسحور فإنه ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تسحروا فإن في السحور بركة"، كما أوصي بالحذر من كل ما يخدش الصيام من قول وفعل، كما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه".
وأردف: "وإني في هذه الوصية لنفسي ولإخواني لأحمد الله أن بلغنا هذا الشهر الفضيل وبلادنا تنعم بهذه النعم العظيمة من أمن واستقرار ورغد في العيش واجتماع للكلمة ووحدة للصف وخدمة للحرمين، وتوفير للاحتياجات باختلاف أنواعها من مأكل ومشرب وعلاج، وتسخير لكل الإمكانات والجهود في ذلك، وهذا لم يكن ليحصل لولا فضل الله وتوفيقه ثم بفضل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظهما الله وجزاهما خيرًا على ما يقدمان من معروف وإحسان في خدمة الإسلام وأهله، فهذا مما يستوجب علينا أن نشكر الله على هذه النعم، وأن نسعى جاهدين في الحفاظ عليها بتحقيق طاعة الله ورسوله، والسعي في كل ما يحقق هذه النعم، ومن ذلك أن نكون يدًا واحدة مع الجهات المعنية على اختلاف خدماتها ومهامها في التعاون على البر والتقوى وتحقيق المصالح، وأن نكون متيقظين لكل من أراد المساس بديننا ووحدتنا واجتماعنا على قيادتنا، سائلًا المولى أن يجعلنا ممن صام رمضان وقامه إيمانًا واحتسابًا، وأن يجعلنا من عتقائه من النار، كما أسأله أن يجزي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده خير الجزاء وأوفاه، وأن يحفظ علينا ديننا وأمننا ومقدساتنا إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين".