إلى وزيري الإعلام والتعليم إنها فرصة رائعة

إلى وزيري الإعلام والتعليم إنها فرصة رائعة

عندما أفكر كم هو مهم جداً أن نعمل على بناء صورة ذهنية إيجابية لبلادنا في كل شبر على سطح الكرة الأرضية أتذكر كم هي فرصتنا ذهبية وعظيمة بل واستثنائية بوجود 150 ألف مبتعث سعودي حول العالم هم النواة الذكية التي يجب استثمارها فورا.. دعوني أحكي لكم هذه القصة..

شابان سعوديان، يدرسان في أمريكا، ويرغبان حقيقة بممارسات إنسانية بعيدا عن هدفهم التعليمي. نشاط مواز يتزامن مع دراستهم يقومون به من أجل تلقي مشاعر اللذة التي تحققها أعمال الخير. المهم، أحضروا شاحنة صغيرة وكتبوا عليها "بيتزا مجانية من القمر"، وقاموا بالذهاب إلى المناطق الفقيرة في الولاية التي يدرسون بها، ويقومون بتوزيع البيتزا، ومكتوب على الكرتونة الجملة التالية: "نحن سكان القمر، نشكركم على عدم تخريب كوكبنا بعد أن خربتم كوكبكم". بعد ذلك بدأ الشابان السعوديان بالتحرك تجاه أكثر من منطقة، لذلك قاموا بعمل تطبيق إلكتروني على الآيفون وسامسونج يحمل اسم “بيتزا مجانية من سكان القمر"، ليعلم الناس أين موقع الشاحنة التي توزع البيتزا مجانا في الخريطة. طبعا، الفقراء لا يوجد لديهم هواتف ذكية لمعرفة أين موقع الشاحنة.

ولكن لماذا قاموا بذلك؟ كانوا يخطون خطوات ذكية تجاه إثارة انتباه وسائل الإعلام، من خلال الرسالة المطبوعة على كرتونة البيتزا ومن خلال التطبيق، لتتحول القصة إلى جماهيرية، ويتم التحدث عنها إعلاميا، ومن ثم البحث عن الأشخاص الذين يقفون خلفها حتى يعرف الجمهور الأمريكي أن الشابين السعوديين وراء كل ذلك. طبعا التأثير هنا يكون تراكميا من هنا وهناك، مع إن هذا التصرف الإنساني جاء عفويا ولكننا أيضا يجب أن نبحث عن مصادر القوة وعن ظلالنا الممتدة في دواخلنا. ابتداء من رؤوس أموالنا وحتى مصادرنا البشرية. المبتعثون مثلا، يصل عددهم إلى 150 ألف طالب سعودي، منتشرون في كل جهات الأرض: كوريا، اليابان، أستراليا، نيوزيلندا، الصين، أمريكا، بريطانيا، فرنسا ودول أخرى كثيره. هؤلاء الأبناء المبتعثون هم صوتنا الحقيقي ووكالة إعلاناتنا المتنقل عاطفيا والمتسلل لدخول المجتمعات التي يدرس فيها، هم سفاراتنا السعودية المتنقلة، هم نحن وحياتنا وحقيقتنا وأصواتنا وقصصنا أيضا، وكل هذا بالطبع قيم يمكن تفعيلها لصالح أي أجندة تريدها وكالة الإعلام الخارجي في وزارة الثقافة والإعلام.

ما تحتاجه بلادنا اليوم، هو التفكير مثلما تقوم الشركات بالتفكير في منتجاتها وكيفية تسويقها، لذلك نحن بحاجة إلى شركة إعلانية كبرى تتبع الإعلام الخارجي بشكل أو بأخر لتضع خطة كيفية تفعيل هؤلاء الـ 150 ألف طالب في كل العالم.. شركة تنظم وتستثمر وجود أبنائنا المبتعثين مع المجتمعات التي يدرسون بها وبالطبع لن يكون فيها دعوة مباشرة لحب المملكة، أو حتى تفهم الإسلام بشكل أعمق، إنما سوف يكون من خلال سلسلة من الأفعال والقصص والمواد وربما المنتجات التي تشعل في الوقت ذاته ردود فعلها الإيجابية والعفوية بما يصب في مصلحة المملكة بطريقة أو بأخرى.

هذا العدد الكبير من المبتعثين لديهم أفكارهم الخاصة لبناء صورة ذهنية إيجابية عن بلادهم.. نريد شركة تحتضن أفكارهم وتستثمرها لصالح بلادنا من خلال دعم مادي محدود ومشجع وكلنا نثق انهم يحبون بلادهم ويعشقون أرضهم ويريدون شيئا إيجابيا يؤثر في الناس، لذلك تحويل هؤلاء إلى سفراء إعلاميين يقومون بتقديم رسالة غير مباشرة وعفوية بأن الإنسان السعودي يميل إلى فعل الخير والنشاط الاجتماعي، وليكون ذلك موثقا عبر وسائط الإعلام الإجتماعي المختلفة، يجب أن تكون الحكايات المقدمة مبنية على استراتيجية وسياسة واضحة.، مثلما قامت إيران مثلا في أمريكا طوال سنين كانت فيها محاصرة اقتصاديا، ولكنها استطاعت تحويل الرأي العام الأمريكي من إيران الملالي والعمم إلى "الإيران الجميلة" ذات الطبيعة الخلابة والمباني الهندسية البديعة، والأطباء المحترفين الذين يعالجون المرضى مجانا في كل مكان في الأرض. كل ذلك كنت تجده في وسائل الإعلام بطريقة سلسلة وخفية دون أن تشعر أنها تتبع استراتيجية واحدة. مع أن إيران دولة مارقة وشريرة، وأنا أؤمن تماما بأن سلسلة من الحوادث الإيجابية قد تكون بدرجة تأثير واقعة سلبية واحدة. والله المستعان.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org