حقيقة لا أعلم لماذا النظام القضائي في السعودية لا يقوم بالتشهير بأسماء الإرهابيين الذين تتم محاكتهم؛ حيث نسمع دائماً بأنهم "سعوديون" دون أن يكون لهؤلاء السعوديين أسماء حقيقية من الأب حتى الجد، وما الوظائف التي يمارسونها؟ والأماكن التي يعملون بها؟
إخفاء أسماء الإرهابيين يُعتبر "تخديراً" و"كورتيزون" لقضية حاسمة في أمننا الوطني، وقد يتم تفسير هذا عند البعض بأن المؤسسة القضائية تتعاطف مع هؤلاء على أمل أن يتوبوا بعد ذلك، وأنا شخصياً لا أظن ذلك صحيحاً؛ طبعاً فقضاؤنا يشهد له القاصي والداني؛ لذلك أقترح بكل إجلال وتقدير على مشايخنا الأجلاء، أن يحددوا مثلاً قيمة التأثير الذي يسببه الإرهابي مقابل ضرورة التشهير به؛ فيتم التشهير مثلاً بمن حُكم عليه بأكثر من سنتين، ولا شأن لذلك بتوبته فيما بعد.
لا أعتقد أننا نعيش مرحلة أنصاف الحلول، يجب أن تقرأ كل مؤسسات الدولة ملامح التغيير في دولتنا، والمجتمع الدولي الذي نعيش فيه، إلى جانب أن ما تقوم به داعش، يعتبر أكبر حملة تاريخية لتشويه الإسلام وتخفيف جاذبيته وتحويله إلى دين للقتلة والدمويين.. حقيقة -وبدون خجل- يجب أن نقوم بـ "التشهير".
بالنسبة لي كممثل سعودي، أتعجب من مستوى الإجادة التي قام بها مَن صدرت بحقهم آخر أحكام القضاء السعودي هذا الأسبوع، وتهمة أحدهم قيامه بتصوير فيديو يتظاهر فيه بأنه استشهد! وهل أثمن من نهاية تلتقي ربك بها وأنت مبتسم؟ هذا حلمنا جميعاً، وأسأل الله أن يتقبلنا جميعاً. وللحق فقد أعجبني جداً مؤدي دور البطولة في فيديو "ابتسامة الشهيد" الذي يُظهر سعودياً استشهد في أرض ما وهو مبتسم، وإصبع سبابته مرتفعة في وضعية الاستشهاد بوحدانية الله، في لحظة "موت عظيمة"، أبكت الكثيرين ممن يميلون إلى الانضمام إلى "داعش" وأخواتها.
طبعاً، عَلِمنا جميعاً -بعد ذلك- من خلال فيديو آخر يُظهر كيف أن الشهيد ذاك كان "ممثلاً"، وأن المصور كان إرهابياً، وأن المخرج كان إرهابياً؛ حيث اتفق الجميع -برغم أنهم يحرّمون التمثيل- على إنتاج فيديو وفق "فقه المقاصد"؛ لتمرير الاعتقاد البصري بأن ابتسامة الشهيد دليل مؤكد على أنهم على حق؛ كي يغرر بالشباب للانضمام إلى مجتمع الشهادة. وفي النهاية، يُظهر الفيديو "الشهيدَ" و"المصورَ" وباقي "الممثلين" يضحكون بصوت عالٍ، بعد الانتهاء من تصوير الفيديو؛ يضحكون لأنهم يعلمون تماماً أنهم ضحكوا على جيل بأكمله.
ولكن ماذا حدث لهؤلاء؟ لنقرأ الخبر التالي الذي نُشر على "سبق": "أصدرت المحكمة الجزائية حكماً ابتدائياً يقضي بسجن سعودييْن اثنيْن؛ أحدهما 9 سنوات، والثاني 12 سنة، عَقِب ثبوت إدانتهما بعدد من التهم؛ حيث أُدين الأول بشروعه في السفر إلى سوريا من أجل الانضمام إلى داعش، وتستره على مجموعة من الأشخاص بأحد المخيمات المعدة للتغرير بالشباب؛ فيما أيد الثاني الإرهابيين واحتفل معهم بوفاة الملك عبدالله، وقام بالتصوير بطريقة توحي بأنه ميت ويبتسم ويتشهد". انتهى الخبر.
أنا أثق أننا جميعاً نعرف أن هذا حُكم ينقصه التشهير؛ فليعرف الناس مَن هم وما هي خلفياتهم؟ وكيف تحولوا إلى ما فعلوه؟