

في الوقت الذي طالب فيه عدد كبير من الأهالي، الأمانات بقتل الكلاب الضالة المنتشرة داخل الأحياء السكنية التي تهدد حياة المارة، وتسببت في إزهاق الأرواح وإصابتها، أكد أحد أساتذة الفقة جواز قتلها؛ إلا أن هذه الحوادث ظلت شاهدة؛ حيث كانت القصيم على موعد مع الحادثة الأخيرة، مساء أمس الأول، حين نهش كلب ضال جسد طفل ذي 9 سنوات حتى الموت، بينما أصيب مواطن آخر في محافظة شقراء بالتهابات جلدية وتشنجات عصبية.
حوادث مشابهة
ولم تكن هاتان الحادثتان فريدتين، بل سبقهما العثور على جثة طفل رضيع حديث الولادة نهشت الكلاب أجزاء من جسده وتركته خارج حفرة في إحدى المقابر بمحافظة العارضة، وأيضاً حادثة أخرى كانت بمدينة الجوف عندما توفي طفل يبلغ من العمر عاماً ونصف، في ضاحية قارا بالجوف؛ جراء تعرضه لـ"عضة كلب".
قطعان من الكلاب
وقال عدد من الأهالي لـ"سبق" إن الكلاب الضالة أصبحت تشكل خطورة على المارة من المواطنين أثناء الليل، في ظل انعدام إنارة الشوارع في عدد من المناطق، مؤكدين الخطورة التي قد تشكّلها قطعان الكلاب الضالة على الأطفال الذين يلهون أمام أبواب منازلهم، ومشيرين إلى أن مناطق عدة تعجّ بقطعان الكلاب الضالة التي باتت تؤرقنا ليل نهار؛ حيث يشكّل نباحها ليلاً مصدر خوف للأطفال، علاوة على خطورة العقر المحتملة على الأطفال.
حملات خجولة
وأشار الأهالي إلى أن الأمانات تقوم بحملات مكافحة، إلا أنها لم ترقَ إلى المستوى الذي يحول دون انتشار الكلاب الضالة؛ لكون تلك الحملات متواضعة وقليلة وغير رادعة، وطالبوا الأمانات بتنفيذ حملات جدية مكثفة، وأن يتم التعاون بينها وبين الجهات الحكومية الأخرى؛ لمكافحة الكلاب الضالة من خلال استخدام أساليب أكثر فعالية كاستخدام السموم وغيرها من الأساليب؛ لما تشكله من خطورة على المواطنين في كل المناطق، حتى لا يتعرض الأطفال للخطر الذي قد ينجم عن العقر الذي قد يتعرضون له.
"كزاز" وطاعون
ومن جانبه، قال الطبيب البيطري محمد السيد لـ"سبق" إن الكلاب الضالة التي تنتشر في بعض المناطق وقليل من الأحياء المتطرفة من البلدان تشكل خطراً كبيراً؛ حيث إنها نتيجة التربية البرية تهاجم المارة وتنقل بعض الأمراض وأخطرها السعار، وهو ما يسمى مجازا بـ"الكزاز"، وهو مميت في بعض الأحيان، لافتاً إلى أن الكلاب الضالة أيضاً تنشر بعض الجراثيم المسببة لبعض الأمراض الخطيرة، مثل التيفود والطاعون إذا احتكّت ببعض الخضراوات في المزارع أو تلويثها ببولها وبرازها في مياه الري.
تطعيم وسموم
وأشار إلى أن غير مرض السعار الذي ينتج عن عض ونهش الكلاب للإنسان، أيضاً هناك مرض طفيلي يؤدي الي ظهور ديدان تحت الجلد وهي صعبة جداً في طرق العلاج، مشدداً على أن الكلاب التي تربّى داخل البيوت من الضروري جداً أن تخضع لمتابعة دورية طبية، وأخذ التطعيمات اللازمة بصفة دورية، مبيناً أن المواد التي يستخدمها بعض الناس في قتل الكلاب هي مستحضرات فسفورية أشهرها "اللانيت"، وهو مبيد سام يُستخدم في الزراعة؛ لعلاج بعض الآفات.
بلا ملاجئ
وقالت المهتمة بتربية الحيوانات ورعايتها خلود البصري لـ"سبق"، إن سبب انتشار الكلاب الضالة والمسعورة داخل الأحياء السكنية والمواقع العامة هو عدم وجود مرافق أو ملاجئ خاصة بها، تنتشلها وتعتني بها، لافتة إلى أن ترك الكلاب بمختلف أعمارها وأشكالها وعدم الاهتمام بها قد يعرّض حياة الإنسان إلى خطر يصل حتى الموت.
قتل المسعورة
وأشارت "البصري" إلى أن من علامات الكلاب المسعورة هي الزبد الذي يتواجد على الفم وهي شرسة جداً وقوية وتقتل الإنسان والحيوان، ويجب التخلّص منها من خلال قتلها، مبينةً أنه يجب علينا جميعاً الرفق بالحيوانات كما أمر رسولنا الكريم بمختلف الأحاديث النبوية.
لحوم بالدماء
وعلقت "البصري" على حادثة وفاة طفل القصيم، قائلة: "من الخطأ الكبير تقديم اللحم للكلاب وهو لم يُطبخ، مما يجعلها تعتاد اللحوم الملطخة بالدم".
يجوز قتلها
وقال أستاذ الفقه المقارن الدكتور سعد بن عبدالله السبر لـ"سبق"، إن الكلاب المؤذية والضالة خطرها عظيم قد تعتدي على الناس وتؤذيهم، وما يحدث من قصص تدلنا على أثرها السيئ ووجوب قتلها؛ لذا جاء الأمر بقتلها وعدم تركها، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بقتل الكلاب، واستثنى كلاب الماشية والصيد؛ لأن الكلاب المؤذية والضالة تضر الناس وتؤذيهم.
الاستثناءات
وتابع: "لذلك جاءت أحاديث صحيحة في الأمر بقتلها، في البخاري ومسلم، عَنْ عبداللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الكِلاَبِ". صحيح البخاري (4 / 130)، صحيح مسلم (3 / 1200)، وفي مسلم أمر بقتل الكلاب واستثنى بعضها، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ، إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ، أَوْ كَلْبَ غَنَمٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ"، فَقِيلَ لِابْنِ عُمَرَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: "أَوْ كَلْبَ زَرْعٍ"، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: "إِنَّ لِأَبِي هُرَيْرَةَ زَرْعاً" صحيح مسلم (3 / 1200).
رخصة
وبيّن أنه عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفاً، يُحَدِّثُ عَنْ عبداللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ" ثُمَّ قَالَ: "مَا لَهُمْ، وَلِلْكِلَابِ؟"، ثُمَّ رَخَّصَ لَهُمْ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ. سنن ابن ماجه (2/ 1068)، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَافِعاً صَوْتَهُ "يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْكِلَابِ، وَكَانَتِ الْكِلَابُ، تُقْتَلُ، إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ" سنن ابن ماجه (2/ 1068) [حكم الألباني].
أَرْبَعٌ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ
ولفت "السبر" إلى ما جاء في صحيح مسلم، عن الأمر بقتل الكلب العقور في الحرم والمحرم، فعَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "أَرْبَعٌ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ، يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحِدَأَةُ، وَالْغُرَابُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ"، قَالَ: فَقُلْتُ لِلْقَاسِمِ: أَفَرَأَيْتَ الْحَيَّةَ؟ قَالَ: "تُقْتَلُ بِصُغْرٍ لَهَا" صحيح مسلم (2/ 856).