اقتصادها تريليوني .. كيف طوعت الرياض مواردها لتحقيق استقلال القرار؟

وزير المالية يؤكد أن المملكة تتوقع نمو الاقتصاد بمعدل 7.4 % هذا العام
اقتصادها تريليوني .. كيف طوعت الرياض مواردها لتحقيق استقلال القرار؟
تم النشر في

وسط الأزمات الاقتصادية الكبرى تكثر عمليات الوصاية على الدول، وتُملى القرارات عبر الهاتف للعواصم التي لا تملك قرارها؛ وتدرك المملكة هذه المعضلة واستعدت جيدًا لهذا اليوم، عبر تنويع مصادر الدخل، والاهتمام بالقطاع غير النفطي ليمثل رافدًا قويًا للاقتصاد السعودي في نسخته "التريليونية".

ليس النفط

ودلّل على هذه الحقيقة كلام وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، والذي قال إن المملكة تتوقع نمو الاقتصاد بمعدل 7.4 % هذا العام.

وأشار خلال جلسة حوارية حول التوقعات الاقتصادية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في دافوس إلى أن الاقتصاد غير النفطي من المتوقع أن يسجل متوسط نمو يعادل 6% .

وعلّق على فائض الميزانية السعودية، قائلاً إن الأمر لا يتعلق بارتفاع أسعار النفط، إنما السر يكمن في كيفية استخدام العوائد عبر الإصلاحات والقوانين، فقد سبق أن ارتفع النفط بأسعار أعلى من اليوم.

وأوضح "الجدعان" قائلاً: "نعمل على فك ارتباط الاقتصاد السعودي بأسعار النفط".

اقتصاد تريليوني

وبرزت التوقعات المذهلة للاقتصاد السعودي في تقرير لوكالة "بلومبيرغ" عن العام 2022؛ والذي رجح أن اقتصاد المملكة سيكون الأسرع نموًا في مجموعة العشرين.

وبحسب استطلاع أجرته الوكالة لآراء محللين فإن اقتصاد المملكة فإن التوقعات تغيرت وبعد أن كانت السعودية في المركز الثاني، بعد الاقتصاد الهندي، تصدرت بسبب موجة الحر الشديد في نيودلهي والتي أثرت سلبًا على خطط تصدير القمح، بالإضافة إلى الفيضانات التي ضربت البنية التحتية. وأوضحت بلومبيرغ أن ارتفاع أسعار النفط في 2022 دعّم اقتصاد السعودية، التي تعد أكبر مصدر للخام في العالم، وقالت إن أسعار النفط صعدت بنحو 50 % منذ نهاية 2021 إلى 110 دولارات للبرميل.

وأشارت الوكالة، إلى أن صندوق النقد الدولي، توقع أن يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي للسعودية هذا العام مستوى تريليون دولار، وذلك للمرة الأولى.

اكتفاء ذاتي

يقول روبرت موجيلنيكي، كبير الباحثين في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، إن بعض مجالات الاقتصاد غير النفطي تبدو واعدة أكثر من غيرها، لافتًا إلى أن تعداد السعودية الكبير، وقطاع السياحة الدينية الراسخ في البلاد يضفي المصداقية على استراتيجيات الطيران والسياحة، ولفت إلى أن قطاع الترفيه السعودي يتمتع أيضًا بالكثير من إمكانات تحقيق النمو. وتعجبت شبكة CNN الأمريكية عبر موقعها من كيفية تخطي منطقة الخليج بشكل عام، وخصّت بالذكر المملكة العربية السعودية لأزمة الغذاء، وقالت يبدو إن الرياض وعواصم خليجية أخرى اتخذت نهجًا مختلفًا تجاه الاكتفاء الذاتي، خصوصًا بعد المزيد من مخاوف الأمن الغذائي التي أثارتها جائحة كورونا.

ونقلت CNN عن كارين يونج، الزميلة البارزة في معهد الشرق الأوسط بواشنطن قولها إن أزمة الغذاء كانت مصدر قلق أمني وحكومي ثابت نظرًا للحرارة والمناخ الجاف، ولكن الآن، هناك العديد من الخيارات الأخرى، والمزيد من الأموال لدفع ثمن البدائل.

وأشارت إلى أن المملكة من بين دول الخليج الرائدة التي تستثمر في الزراعة الخارجية في دول مثل السودان وكينيا وإثيوبيا.

كما قال ستيفن هيرتوج، الأستاذ المساعد في كلية لندن للاقتصاد لـ CNN إن دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى رأسها المملكة في وضع اقتصادي أكثر قوة من جيرانها في الشرق الأوسط، ما جعلها قادرة على درء اضطرابات الإمدادات الغذائية بشكل أفضل.

طفرة "شريك "

دعمًا للاقتصاد عبر استثمارات القطاع الخاص أطلقت المملكة برنامج استثمارات الشركات الكبرى المسمى اختصارًا "شريك".

وبحسب رؤية 2030 فإن إنشاء قطاع خاص نشط ومزدهر أحد الأولويات الوطنية للمملكة، ويشكّل برنامج "شريك"، إطار عمل حكومي تعاوني يقوده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ويهدف إلى إطلاق ما يصل إلى 5 تريليونات ريال من استثمارات القطاع الخاص حتى عام 2030. وجرى تصميم البرنامج لتقديم الدعم عبر عددٍ من الركائز تشمل التعاون المالي والنقدي والتشغيلي والتنظيمي واستثمار الأصول.

والبرنامج يعمل على تعزيز تنمية ومرونة الاقتصاد السعودي عبر زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير فرص العمل وتنويع الاقتصاد، بالإضافة إلى إطلاق استثمارات القطاع الخاص والاستثمارات المتراكمة عبر كل محاور الاقتصاد الوطني، لتبلغ 5 تريليونات ريال بحلول عام 2030، وإضافة ما يصل إلى تريليوني ريال للناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2025 وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل الجديدة، كما سيساعد البرنامج "شريك"، بصفته أداة تمكين إستراتيجية، في تسريع الخطط الاستثمارية للشركات الكبرى.

اقتصاد يدعم

ساعة الحقيقة جاءت عندما ساومت واشنطن الرياض في قراراتها، وحثتها على ضخ مزيدٍ من النفط إلى السوق لتعويض البراميل الروسية "المحظورة"، وفي هذا التوقيت كان للاقتصاد القوي اليد العليا، إذ إن الولايات المتحدة لم تستطع فرض رؤيتها على المملكة.

واستندت الرياض في قرارها إلى عدة عوامل أولها الالتزام بتعهداتها في أوبك بلس، وأن عمليات تزويد سوق الطاقة لا تخضع لهوى الغرب، وأن المملكة ليس لها ذراع يمكن لأي دولة ليّها حتى لو كانت الولايات المتحدة، وكل ما سبق يعتمد على قاعدة راسخة يمثلها الاقتصاد الواعد والمتنوع الذي يرى في حماية مصالح الوطن والمواطن السعودي أولوية قصوى.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org