في الأيام الماضية شَهِد الوطن إنجازات أمنية نوعية، استهدفت الخلايا الإرهابية في مواجهات عدة، شَهِدت تلاحماً وتكاتفاً بين رجال الأمن البواسل والمواطنين، الذين ضربوا أروع الأمثلة في الشهامة والشجاعة والوفاء، وانتشرت أخبار وصور للشباب وكبار السن وهم بين رجال الأمن يقدّمون لهم كل ما يستطيعون من عون وتكريم وضيافة؛ مؤكدين أن المواطن رجل الأمن الأول.
الإنجازات الأمنية الأخيرة أتت بالتزامن مع الإعلان عن حزمة إصلاحات اقتصادية كبيرة تحت مظلة رؤية السعودية ٢٠٣٠، التي أعلن عنها وقدّمها سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي بدوره يرأس -بكل جدارة واستحقاق- مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
علاقة الأمن والاستقرار بالتنمية والاقتصاد، أمر لا يحتاج إلى أبحاث ودراسات كمبدأ راسخ لدى العوام والخواص، أنه لا اقتصاد بلا أمن؛ ولهذا السبب نرى الدول الاقتصادية الكبرى تمتلك أجهزة أمنية واستخباراتية قوية وأنظمة وقوانين دقيقة ومشددة؛ كل ذلك لأجل حماية الأمن القومي والاقتصادي للحفاظ على البيئة الجاذبة للاستثمار والمال والأعمال.
إننا في المملكة العربية السعودية نعيش في أمن وأمان واستقرار ورخاء، بفضل الله ثم بفضل تطبيق الشريعة التي تكفّلت بالحفاظ على الضرورات الخمس (الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال)؛ فعم الأمن والأمان والرخاء، وأصبحت المملكة مهوى أفئدة الناس من حول العالم؛ طلباً للرزق والمال والأعمال.
أصبحت المملكة اليوم من أوائل دول العالم في استقطاب العمالة الوافدة والتجارة والاستثمارات من أنحاء العالم ومن جميع الجنسيات، يعيشون في أمن وأمان وتعايش سلمي لا مثيل له في العالم، لم يشتكِ أحد من العنصرية أو الطائفية، كما يحصل في دول أخرى تُعَد من الأوائل في الاقتصاد والتنمية وتدّعي حقوق الإنسان.
كانت المملكة سبّاقة في دعم الشعوب المنكوبة التي أجبرتها الحروب على الهجرة واللجوء إلى دول الجوار؛ فاحتضنت الملايين من اللاجئين من بورما، والعراق، وسوريا، واليمن؛ دون أي تمييز عنصري أو تفريق طائفي؛ يعيشون على أرضها بكل أمن وأمان وحقوق؛ بخلاف الدول التي تدّعي الحرية والحقوق، وعندما دخلها اللاجئون واجهوا صنوفاً من العذاب والاستغلال والعنصرية.
كما أصبحت المملكة مهوى أفئدة المسلمين من ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين، الذين يأتون إليها منذ عشرات السنين بالملايين، ويقضون مناسك الحج والعمرة في غاية من الأمن والأمان.
كل ذلك بفضل الله ثم بفضل تطبيق الشريعة التي كفلت الحقوق للجميع، ووضعت معايير دقيقة للتعايش السلمي الذي نراه واقعاً لا مثيل له في وطننا الغالي، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا إذا ساد الأمن والأمان واطمأن الناس على دينهم ودنياهم وحقوقهم.
بالنظر في مستويات الأمن في دول الغرب الصناعية وبين مستوى الأمن في بلادنا، وبالنظر في الإحصائيات الشهرية والسنوية؛ نجد أن مستوى الجرائم والعنف في الغرب عالٍ جداً، وكذلك كثرة أنواع الجرائم المرتكبة مثل الاغتصاب والسرقات والاحتيال والابتزاز والقتل وغيرها، في ازدياد؛ بينما الوضع بلادنا -ولله الحمد- لا يقارن البتة.
هذه النظرة السريعة والمقارنة العاجلة تُلفت أنظارنا إلى آثار الوضع الأمني على الاقتصاد؛ وعليه فإننا من هذه الناحية وبهذه المعادلة يجب أن نكون أوْلى من غيرنا في توظيف النجاح الأمني والاستقرار لصالح الاقتصاد والاستثمار والمال والأعمال، بتوفير الفرص وتسهيل الإجراءات، واتخاذ الخطوات الجاذبة للاستثمار والمال والأعمال.
كما أننا نلاحظ تقصيراً كبيراً من الإعلام الذي لم يقدّم الصورة الحقيقية لما تنعم به المملكة من أمن وأمان وحفظ للحقوق؛ فالمتلقي الأجنبي إذا عرف النهضة الاقتصادية في وطننا الغالي، واطلع على الأداء الأمني المشرّف والإحصائيات السنوية؛ تَشَكّلت لديه صورة إيجابية عن المملكة من المنظور الاقتصادي والتجاري، وتَشَجّع للتوجه إلى هذه البيئة والعوامل الإيجابية.
يمكننا القول: إن أهم أسس تحقيق حلمنا الذي أهداه إلينا سمو ولي ولي العهد، والمتمثل في رؤية السعودية ٢٠٣٠؛ هو تحقيق الأمن والأمان الذي هو بمثابة قاعدة الانطلاق الأساسية، بالإضافة إلى حزمة الإصلاح الاقتصادي والاستثمار التي أطلقها سمو الأمير محمد بن سلمان.
لا يسعني في الختام إلا أن أوصي نفسي وأبناء وطني والمقيمين فيها من خارج البلاد بالحفاظ على نعمة الأمن والأمان، وشكر الله عليها، ثم شكر سيدي ولي العهد الأمير محمد بن نايف ووزارة الداخلية بأجهزتها الأمنية، التي لا تزال -بعون الله- تُحقق الإنجازات تلو الإنجازات للحفاظ على أمننا واستقرارنا، وشكر سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يسعى جاهداً للنهوض بالوطن اقتصادياً وفي جميع المجالات؛ وليكن شعارنا: يد تحمي وأخرى تبني بإذن الله.